المطلوب رئيس حكومة
يوم قدم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته في العام 2019،وذلك بعد بدء ثورة تشرين، دخل العهد القوي في مأزق حقيقي وباتت مسألة اختيار الشريك السني المقبول من قوى الثورة، والثنائي الشيعي، ودار الفتوى ، والأكثرية النيابية ورئيس الجمهورية في آن ،أمراً في غاية الصعوبة. المرشحون الطبيعيون، أي الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام نأوا بأنفسهم عن تجرع كأس ترؤس حكومة العهد الثالثة. برز اسم القاضي نواف سلام وبدا الاسم غير مقبول من الثنائي الشيعي ثم طرحت أسماء بهية الحريري وريا الحسن وخالد قباني. فجأة ظهر اسم النائب السابق محمد الصفدي الذي بقي في حلبة السباق يومين فقط ،وطلب بعدهما سحب اسمه من التداول حتى أن بعض طبّاخي الحكومات وجد الخلاص بالدكتور بهيج طبارة وهو في مطلع العقد العاشر من عمره فاشترط الأخير إجماعا لم يحصل عليه. تقدمت أسهم سمير الخطيب، وصلت اللقمة إلى فمه وسُحبت. كل ذلك قبل استشارات ملزمة أفضت إلى تسمية 69 نائباً لحسّان دياب، و14 لنواف سلام ، فيما امتنع أربعون عن تسمية أحد لرئاسة الحكومة. بعد استقالة حكومة دياب عقب انفجار مرفأ بيروت، تكرر السيناريو نفسه، فطرحت علنا وهمساً أسماء رشيد درباس وسمير الجسر وخالد قباني وريا الحسن وفؤاد مخزومي وفيصل أفندي، وفيما اعتقد كثيرون أن الولادة الحكومية ستتم على يدي السفير مصطفى أديب ، المدعوم فرنسياً ومن نادي رؤساء الحكومة. وجد أديب نفسه عاجزاً عن تجاوز شروط الثنائي الشيعي . فاعتذر وعاد إلى الديار الألمانية بأقل قدر من الأضرار. أثبتت تجارب العامين الأخيرين، أن لا السني القوي قادر على التفاهم مع رئيس الجمهورية “القوي” ولا السني الضعيف متحمّس لدخول نادي رؤساء الحكومة في هذا الزمن الجهنمي.عملياً إنتهى العهد قبل نهاية سنة الولاية الخامسة. لنعد قليلا إلى التاريخ. ففي العام 1952، عام سقوط حكم الشيخ بشارة الخوري ،وفي السنة التاسعة من حكمه توالى على رئاسة الحكومة خمسة، ثم تنحّى بشارة الخوري قبل أن تتحول الجمهورية إلى بركة دماء أو إلى جهنم. تنحى عندما عجز عن مواصلة الحكم، لا مع السني القوي ولا مع السني الضعيف ولا مع معارضة شرسة قادها كميل شمعون وكمال جنبلاط. فهل من يتعظ من تجارب التاريخ؟ أو سنكون بعد استقالة الحريري على مشارف أعراف جديدة تقضي بأن تملأ بعبدا استمارات للراغبين في تولي رئاسة الحكومة، إذا تطلب الرئاسة، في بيان إعلامي، ممن يجدون في أنفسهم الشجاعة لتلقف كرة النار، وممن يستطيعون نيل بركة فرنسا وإيران وجبران ودول مجلس التعاون الخليجي والثنائي الشيعي وأميركا واللقاء التشاوري، التوجه إلى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية في أوقات الدوام الرسمي مع المستندات المطلوبة و4 صور شمسية.
المصدر: عمر موراني – هنا لبنان