سوريا على مفترق طرق: جهود درزية لاحتواء الفتنة وسط توتّرات أمنية وتحرّكات إقليمية

تشهد سوريا في الآونة الأخيرة توترات أمنية مقلقة، لا سيما في المناطق التي تسكنها الأقليات، وعلى رأسها طائفة الموحدين الدروز، الذين وجدوا أنفسهم مجددًا أمام تحديات تهدد النسيج الاجتماعي وتفتح الباب أمام مشاريع فتنة مذهبية.
صحيفة “الأنباء” الإلكترونية كشفت أن ما يجري في جرمانا – البلدة ذات الغالبية الدرزية قرب دمشق – استدعى تحركًا عاجلًا على مستويات عليا داخل سوريا وخارجها، لتثبيت الأمن كمرحلة أولى، ثم الانتقال إلى معالجة جذرية للأسباب التي سمحت لـ”المصطادين في الماء العكر” باستغلال الوضع، وعلى رأسهم إسرائيل، بحسب الصحيفة.
جهود وليد جنبلاط: تحرك إقليمي لتفادي الانفجار
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لعب دورًا محوريًا منذ اللحظة الأولى لتصاعد الأحداث، عبر سلسلة من الاتصالات المكثفة شملت الإدارة السورية، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والأردن، وتركيا. ووفق بيان رسمي صادر عن الحزب، تم التوصل إلى اتفاق بين الإدارة السورية وأبناء جرمانا على “ترتيبات سلمية تعالج الإشكالات الحاصلة وتنزع بذور الفتنة”، ما اعتبر خطوة هامة على طريق إعادة الاستقرار إلى البلدة ومحيطها.
جنبلاط شكر كل من ساهم في الوصول إلى هذا الاتفاق، مشددًا على ضرورة التزام جميع الأطراف به لضمان استمرار الهدوء ومنع الانزلاق نحو تصعيد خطير قد تكون له تداعيات على الساحة السورية واللبنانية على حد سواء.
الهيئة الروحية والمبادرة المحلية
في موازاة التحركات السياسية، استقبل مشايخ الهيئة الروحية في جرمانا وفدًا حكوميًا سوريًا ناقش معهم تطورات الأوضاع الأمنية. وقد خلص الاجتماع إلى سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الأمن في المدينة، أبرزها:
• دعم الحواجز الأمنية للأمن العام بعناصر إضافية.
• استكمال ملف تفعيل جهاز الأمن العام المحلي.
• تثبيت نقاط عسكرية تابعة لوزارة الدفاع على أطراف المدينة لحمايتها من الخارجين عن القانون.
وقام الوفد بزيارة مقر ناحية جرمانا ومقر الأمن العام، في رسالة رمزية لدعم المؤسسات الرسمية وتعزيز ثقة السكان بها.
شيخ العقل سامي أبي المنى: تحرك دولي عاجل لاحتواء الأزمة
شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، الشيخ سامي أبي المنى، لم يبقَ صامتًا حيال ما يجري. فقد أجرى اتصالاً بالسفير السعودي في بيروت، وليد البخاري، وناقش معه ضرورة عقد لقاء عاجل في دار الطائفة، يضم عددًا من سفراء الدول المؤثرة في الشأن السوري، بهدف اتخاذ موقف فاعل يوقف العنف والانتهاكات بحق المدنيين.
الشيخ أبي المنى حذّر من “التسجيلات المفبركة” وما تبعها من مظاهر تكفير وتطرّف، وطالب الحكومة السورية والدول المؤثرة بالتدخل الفوري لوقف التدهور الأمني، خصوصًا في أشرفية صحنايا ومحيط السويداء.
حرب الشائعات: أداة الفتنة الجديدة
مصادر متابعة نبّهت عبر صحيفة “الأنباء” إلى تصاعد موجة الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك منشورات مشبوهة تُلقى بشكل عشوائي في بعض المناطق، هدفها إثارة الذعر وتأجيج الأحقاد. وقد نفت هذه المصادر صحة ما يتم تداوله حول ردات فعل انتقامية في بعض مناطق الجبل، مؤكدة أن “أهل الجبل واعون ومدركون لما يُحاك، ومتمسكون بعاداتهم في حماية الضيف وإكرامه”.
الدور السعودي والقطري والتركي
التحركات التي أجراها جنبلاط وأبي المنى مع الدول الإقليمية عكست قناعة تامة بأن الحل لا يمكن أن يكون محليًا فقط، بل يتطلب توافقًا عربيًا – إقليميًا يحول دون تحويل المناطق الدرزية إلى ساحة لتصفية الحسابات أو لاستغلالها في مشاريع دولية.