العمليات العسكرية تتواصل في غزّة وسط تصاعد الخسائر البشرية

في اليوم السادس والأربعين من استئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة، تتعمّق الأزمة في غزّة، بالتوازي مع تعقيدات المشهد السياسي داخل إسرائيل وتفاقم الحرائق في أراضيها. ومع استمرار القصف اليومي على القطاع،، تبرز أزمة المجاعة بوصفها التهديد الأشد وطأةً، في ظلّ انقطاعٍ تامٍّ للمساعدات وتدهور الوضع الصحي والخدمي.
أزمة إنسانية متفاقمة: مؤشّرات المجاعة ومخاطرها
تشير التقارير الميدانية إلى مقتل 28 فلسطينيًا منذ فجر يوم أمس، في حين حذّر “برنامج الأغذية العالمي” من أنّ قطاع غزّة يواجه مجاعةً وشيكةً قد تؤدّي إلى وفيّات بسبب سوء التغذية. وأكّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنّ نحو مليونيْ شخص في غزّة يعانون الجوع، في ما وصفه بـ”الوضع الكارثي”.
من جهته، دعا منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزّة، الأمم المتحدة إلى إعلان رسمي عن وقوع المجاعة، مستندًا إلى مؤشرات طبية وإنسانية تحقّق الشروط الدولية اللازمة لمثل هذا التصنيف. وفي السياق ذاتِه، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ العمليات الإنسانية في غزة “”على وشك الانهيار التام”، إذا لم تُستأنف إمدادات الإغاثة.
مشاهد من داخل المستشفيات: شهادات طبية توثّق الواقع
من قلب المستشفيات التي ما زالت تعمل على الرَّغم من تراجع الإمكانات، نقل الطبيب الأميركي سامر العطار في حديث مع “CNN”، صورةً مروّعةً عن الوضع الصحي. ووصف مشاهد لأطفال مصابين بإصابات قاتلة، وعدم قدرة الطواقم الطبية على تقديم العناية اللازمة بسبب الاكتظاظ وشح الموارد.
تغيّر جذري في الجغرافيا السكّانية
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أنّ إسرائيل، منذ استئناف عملياتها، عملت على إعادة رسم الخريطة السكانية في غزّة. وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ نحو 70% من مساحة القطاع إما تحوّلت إلى مناطق عسكرية أو خضعت لأوامر إخلاء، مما أجبر مئات آلاف المدنيين على النزوح المتكرر.
ويعيش الكثير من الفلسطينيين حاليًا في خيام أو بين أنقاض منازلهم، وبعضهم تنقّل أكثر من سبع مرات منذ بدء الحرب. وتُوصف المستشفيات، وفق شهادات الأطباء، بأنها “واحاتٍ” وسط صحراء من الركام، تعاني بدورها من شحّ الكهرباء والمستلزمات الطبية.
انقسام داخلي حول أهداف الحرب والمفاوضات
في الداخل الإسرائيلي، تصاعد الغضب تجاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد تصريحاته التي اعتُبرت تفضيلًا لـ”النصر الكامل” على حساب تحرير الأسرى. وأشارت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن تصريحاته أثارت الجدل في وقتٍ تُتّهم فيه الحكومة بإفشال اتفاق كان قريبًا من إنجاز صفقة تبادل.
من جانبها، أشارت صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى ضرورة ممارسة ضغوط دولية على إسرائيل لرفع الحصار والسماح بإدخال المساعدات، مشددةً على أنّ تجاهل الحكومة الإسرائيلية لقرارات محكمة العدل الدولية لن يغيّر من الواقع إلّا بتدخلٍ فعلي وفعّال من المجتمع الدولي.
الصراع الإقليمي والأبعاد الدولية
وفي إطار متّصل، تناولت “ناشونال إنترست” الأميركية تطوّرات الصراع في الإقليم، مشيرةً إلى أنّ المواجهة بين الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله (الحوثيين) تكشف تغيّر شكل الحروب الحديثة، حيث تستطيع جماعات صغيرة بأسلحة بسيطة تهديد قوى كبرى. وهذا ينعكس بشكلٍ غير مباشر على توازنات الحرب في غزّة، ويعزز الحاجة إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات العسكرية العالمية.