البابا لاوون الرابع عشر: نداء سلام من شرفة الفاتيكان

عرب وعالم 9 أيار, 2025

 

أعلن الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين أمس الخميس 8 أيار 2025، انتخاب البابا الجديد للكنيسة الكاثوليكية: الكاردينال الأميركي روبرت فرنسيس بريفوست، الذي اختار لنفسه اسم لاوون الرابع عشر، ليكون الحبر الأعظم الـ267 وخليفة القديس بطرس، في وقتٍ يحتاج فيه العالم إلى صوت سلام وحكمة.

من شيكاغو إلى الفاتيكان… ومن البيرو إلى قلوب الملايين

ولد البابا الجديد في 14 أيلول 1955 في مدينة شيكاغو الأميركية، لكنّ جذوره الروحية تمتدّ بعيدًا عن العالم الغربي، إذْ خدم ككاهن ومبشّر في أبرشية شيكلايو في البيرو، الدولة اللاتينية التي تمثّل أحد أبرز معاقل الكاثوليكية في العالم. وقد انعكست هذه الخلفية بقوة في كلمته الأولى بعد انتخابه، حين توجّه إلى أبناء أبرشيته السابقة بكلمةٍ مؤثرةٍ باللغة الإسبانية، وقال: “إلى أبرشيتي العزيزة شيكلايو، رافقت شعبًا أمينًا، وشاركت إيمانه، وقدمنا الكثير كي تستمر الكنيسة أمينة للمسيح”.

لحظة الإعلان والتحية الأولى: “السلام معكم جميعًا”
عند الساعة السابعة و23 دقيقة مساءً، خرج لاوون الرابع عشر إلى الشرفة الرئيسية في كاتدرائية القديس بطرس، ليخاطب أكثر من مئة ألف مؤمن في الساحة قائلًا:

“السلام معكم جميعًا! أيها الإخوة والأخوات الأحبّاء، هذه هي أول تحية للمسيح القائم، الراعي الصالح الذي بذل حياته في سبيل قطيعه”.

أكّد البابا في كلمته الأولى أنّ السلام الذي يدعو إليه ليس سلامًا سياسيًا أو تحالفات عسكرية، بل سلامًا أعزلَ، متواضعًا، وثابتًا، مستمدًّا من المسيح القائم من بين الأموات، قائلاً: “إنه سلام من عند الله، الله الذي يحبنا جميعًا بلا شروط”.

تكريم سلفه البابا فرنسيس
لم ينسَ لاوون الرابع عشر أن يوجّه تحيةً مليئةً بالتقدير والوفاء لسلفه، البابا فرنسيس، فقال: “لا تزال آذاننا تحفظ ذلك الصوت الضعيف ولكن الشجاع دومًا، صوت البابا فرنسيس وهو يبارك روما!”.

وتابع: “نريد أن نتابع تلك البركة، ونقول للعالم: الله يحبكم، والشر لن ينتصر!”.

هذا التكريم ليس مجرد مجاملة رمزية، بل يعكس بوضوح نية البابا الجديد متابعة المسيرة الإصلاحية التي بدأها فرنسيس، وخصوصًا التركيز على المهمّشين، والعدالة الاجتماعية، والتقارب بين مختلف تيارات الكنيسة.

أوّل بابا أميركي
للمرة الأولى في تاريخ الكرسي الرسولي، يُنتخب بابا من الولايات المتحدة.

وقد علّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على انتخاب البابا الجديد قائلاً عبر منصة “تروث سوشال”: “يا للحماسة ويا له من شرف عظيم لبلدنا! أتطلع للقاء البابا. إنها لحظة بالغة الأهمية!”.

اعتدال… وتجربة فاتيكانية واسعة
شغل البابا لاوون الرابع عشر، قبل انتخابه، مناصب بارزة في سبع وزارات في الكوريا الرومانية، أبرزها رئاسة مجمع الأساقفة، ما جعله من المستشارين المقربين من البابا فرنسيس. ويُعرف عنه داخل الفاتيكان أنه رجل معتدل قادر على التوفيق بين آراء متباينة، ويتمتع بخبرة ميدانية وتنظيمية، مما جعله من الأوفر حظًا لتولي المنصب في تقديرات الخبراء.

تحديات تنتظر البابا الجديد
تتراكم على أجندة البابا لاوون الرابع عشر ملفات شائكة:
– تراجع الحضور الكاثوليكي في أوروبا لصالح العلمانية والتعددية.
– التحقيقات في قضايا التحرّش داخل الكنيسة، واستعادة الثقة بمؤسساتها.
– أزمة مالية تعصف بالفاتيكان، تتطلّب إدارةً اقتصاديةً شفافةً.
– انقسام داخلي بين التيارات المحافظة والتقدمية داخل الكنيسة.
– التوترات العالمية، لاسيما في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقد وجّه البابا نداءً واضحًا: “فلنسر معًا، يدًا بيد مع الله، ومع بعضنا البعض. نحن تلاميذ المسيح، والمسيح يسبقنا في الطريق”.

مواقف دولية متباينة
رحّب عدد من قادة العالم بانتخاب البابا، في حين كانت إسرائيل من أوائل الدول التي علّقت بحذر، بعد أن كانت قد قاطعت تعازي البابا فرنسيس بسبب مواقفه من غزة. وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوغ: “إسرائيل تتطلع إلى تعزيز العلاقات مع الكرسي الرسولي، وكذلك الصداقة بين اليهود والمسيحيين”.

كنيسة “سينودسية”… مفتوحة للجميع
في رؤيته للكنيسة، شدّد البابا الجديد على أهمية أن تكون الكنيسة مُرسلة، بنّاءة للجسور، منفتحةً دائمًا على الحوار والاستقبال، وأضاف: “نريد أن نكون كنيسة تسير معًا، كنيسة تبحث عن السلام، وتحرص أن تكون قريبة من المتألمين”.
وفي ختام كلمته، دعا المؤمنين إلى الصلاة، وقال: “اليوم هو يوم التوسّل إلى العذراء مريم سيّدة بومباي… لنصلِّ من أجل السلام في العالم، ولنطلب هذه النعمة الخاصة من مريم، أمّنا”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us