اشتباكات كشمير تُشعل فتيل “حرب مفتوحة”

في تصعيد غير مسبوق منذ أكثر من عقدين، تحوّلت التوترات بين الجارتين النوويتين، باكستان والهند، إلى مواجهات عسكرية مفتوحة على جبهات متعددة، وسط مخاوف دولية من انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة. فقد شهدت منذ يوم الأربعاء سلسلة ضربات متبادلة، وهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية، غيّرت المشهد الأمني والسياسي في جنوب آسيا.
أعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الجنرال أحمد شودري، يوم أمس الجمعة 9 أيار، أن بلاده باتت في حالة حرب مع الهند، مؤكدًا أن “باكستان لن تسعى لنزع فتيل التصعيد ما دام شعبها وسيادتها يتعرضان للتهديد”. وأضاف: “الرد سيأتي في اللحظة التي نختارها”.
وفي الوقت ذاته، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف إن محاولات التهدئة عبر وسطاء لم تُثمر، مشيرًا إلى أنّ الاتصال بين مستشاري الأمن القومي في البلدين تم عبر دولة ثالثة لكنه لم يحقق أي اختراق، مؤكدًا أن “إسلام آباد لم تنتقم بعد”.
تصعيد ميداني غير مسبوق:
اندلعت أمس الاشتباكات على طول خط الهدنة في كشمير لليوم الثالث على التوالي، وسط تبادل كثيف للقصف المدفعي والطائرات المسيّرة. ووفق وكالة رويترز، فقد شهد محيط مطار سريناغار الخاضع للهند عشرة انفجارات مساء الجمعة. كذلك، سجلت انفجارات في أمريتسار المقابلة للحدود مع لاهور.
وفي كشمير الباكستانية، أكد مسؤول في الدفاع المدني مقتل 17 مدنيًا وإصابة 51 آخرين بقصف مدفعي هندي، بينما قالت نيودلهي إن القصف الباكستاني استهدف مواقع عسكرية ومدنية، وأوقع خسائر بشرية.
معركة الطائرات المسيّرة:
أعلنت إسلام آباد عبر قنواتها الرسمية أنها أسقطت 77 طائرة مسيّرة هندية منذ بداية التصعيد، بينها 29 طائرة في ليلة واحدة فقط (الخميس – الجمعة)، مشيرة إلى أنها كانت تُستخدم للاستطلاع والهجوم. كما أكد الجيش الباكستاني أنه أسقط أيضًا 5 طائرات مقاتلة هندية من طراز “رافال”.
أما الهند، فأشارت إلى أنّ باكستان هاجمت 36 موقعًا داخل أراضيها، استخدمت فيها طائرات تركية الصنع. وأوضح سلاح الجو الهندي أن المناطق المستهدفة تشمل شمال غرب الهند وكشمير وسواحل بحر العرب.
البنيان المرصوص وهجمات انتقامية
عملية باكستانية واسعة:
فجر اليوم السبت، أطلقت القوات الباكستانية عملية عسكرية واسعة النطاق أسمتها “البنيان المرصوص”، ردًا على ما قالت إنه قصف صاروخي هندي استهدف مواقع عسكرية باكستانية حساسة.
وبحسب قناة الجزيرة، استهدفت العملية مخازن صواريخ “براهموس” في بياس، وقاعدتين جويتين في باثانكوت وأودامبور، وأكد التلفزيون الباكستاني أن الهجمات “حققت أهدافها بدقة”.
رد هندي “بالشكل المناسب:
نقلت CNN عن مصدر في وزارة الدفاع الهندية أن الهند ردت على الهجمات الباكستانية “بالشكل المناسب”. فيما ذكرت نيويورك تايمز أن الجيش الباكستاني حاول تنفيذ توغلات جوية في 36 موقعًا هنديًا، مشيرة إلى استخدام 300 طائرة مسيرة وهجمات إلكترونية محدودة النطاق.
تفاقم إنساني:
في كلا الجانبين، تواصلت الضربات الجوية والقصف المدفعي، ما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين، خاصة من المناطق القريبة من خط الهدنة. في الهند، أُغلقت 24 مطارًا شمال البلاد، منها مطار أمريتسار، إضافة إلى إغلاق المدارس ومراكز التدريب في ولايتي راجستان والبنجاب.
وفي كشمير الباكستانية، أكدت فرانس برس مقتل أربعة مدنيين جدد بينهم طفلة، ما يرفع إجمالي ضحايا المدنيين منذ الأربعاء إلى 36 في الجانب الباكستاني و12 في الهند.
الحدود النووية : المخاوف الدولية تتزايد
تحذيرات دبلوماسية:
وسط التصعيد العسكري، صدرت دعوات دولية عاجلة لخفض التصعيد. فقد أعلن البيت الأبيض أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على تواصل مستمر مع الجانبين. وأوضحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن الرئيس دونالد ترامب يسعى جاهدًا إلى تهدئة التوتر.
من جانبه، صرّح نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس أن “الولايات المتحدة لن تنخرط في حرب لا تخصها”، داعيًا إلى ضبط النفس.
جهود وساطة إيرانية:
وقد واصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي جهوده من نيودلهي، وأكد في تصريحات أن إيران مستعدة للعب دور الوسيط الكامل، معتبرًا أن “الهستيريا الحربية يجب أن تتوقف فورًا، خاصة بين دولتين نوويتين”.
هل بدأت الحرب الكبرى فعلاً؟”
تعود شرارة التصعيد الحالية إلى هجوم في مدينة باهالغام السياحية في 22 نيسان والذي أسفر عن مقتل 26 شخصًا. تتهم الهند باكستان بالوقوف خلف الهجوم ودعم جماعة مسؤولة عنه، بينما تنفي إسلام آباد بشدة أي تورط.
وردّت الهند الأربعاء الماضي بضربات جوية داخل الأراضي الباكستانية، ما أدخل البلدين في دوامة تصعيد لم يشهدها الإقليم منذ حرب كارجيل عام 1999.
عين على المستقبل – سيناريوهات مرعبة أم تهدئة وشيكة؟
مع تصاعد الخسائر البشرية واستخدام الطائرات المسيّرة، وامتداد الضربات إلى عمق الأراضي الهندية والباكستانية، باتت المواجهة أقرب من أي وقت مضى إلى نزاع مفتوح بين قوتين نوويتين.
ويرى مراقبون أن استمرار الضربات لأيام إضافية قد يُخرج الأزمة عن السيطرة، خاصة إذا ما تم استهداف منشآت استراتيجية أو أُعلن تعبئة عسكرية واسعة النطاق.
رغم الصورة القاتمة، لا تزال هناك نافذة للتهدئة، خاصة في ظل ضغوط دولية متزايدة، وتحرك دول إقليمية كإيران وتركيا للعب أدوار وساطة، إضافة إلى احتمال عقد لقاء مباشر رفيع المستوى برعاية أممية في جنيف أو مسقط.