زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط تبدأ من المملكة العربية السعودية

عرب وعالم 10 أيار, 2025

تستعد المملكة العربية السعودية لاستقبال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في زيارة هامة تعكس تطورًا في العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية في منطقة الشرق الأوسط. هذه الزيارة، التي تبدأ الإثنين المقبل، تمثل أول زيارة خارجية رئيسية لترامب خلال ولايته الثانية. وقد وصف البيت الأبيض هذه الزيارة بأنها “عودة تاريخية إلى الشرق الأوسط”، مؤكداً أنّ الهدف هو تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة.

وقال نائب مساعد الرئيس الأميركي ومدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض سيباستيان جوركا، أمس الجمعة، بأن زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى السعودية والإمارات وقطر والتي ستبدأ في الفترة من 13 إلى 16 أيار الجاري، ستبحث “الإمكانيات الهائلة للمنطقة، وتعزيز العلاقات في مجالات عدة منها الطاقة والذكاء الاصطناعي”، مشيراً في الوقت نفسه لـ”اتفاقيات مثيرة جداً” قد يتم توقيعها خلال الزيارة.

واعتبرت صحيفة “الرياض” السعودية أنّ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية في إطار جولته الخارجية الثانية تشكل تأكيدًا على مكانة المملكة في المجتمع الدولي ودورها البارز كزعيمة للعالم الإسلامي من الناحية السياسية والاقتصادية.

وتشير الصحيفة إلى أن الزيارة كانت مُعدّة بعناية من قبل كل من الرياض وواشنطن، لتكون مرحلة جديدة في توثيق العلاقات الثنائية التي تعود جذورها إلى ما يقارب المئة عام. وقد بدأت العلاقات بين البلدين في العام 1931، مع بدء استكشاف وإنتاج النفط في المملكة على المستوى التجاري، حيث منح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود شركة أميركية حق التنقيب عن النفط، ثم تم توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين في عام 1933.

وتؤكد الصحيفة أنه منذ ذلك التاريخ، نمت العلاقات بين الرياض وواشنطن بشكل متزايد، وازدهرت في عدة مجالات، ليس فقط في مجال النفط، بل أيضًا في مجالات عديدة أخرى، مما عاد بالنفع على البلدين الصديقين. رغم أن العلاقة مرت بمحطات مختلفة بين الإيجابية والسلبية، فإن الأرضية الصلبة التي تقوم عليها هذه العلاقة مكنت البلدين من تجاوز أي خلافات، بحيث تفوقت الإيجابيات على السلبيات، وساهمت الرغبة في الحفاظ على علاقات متطورة ونموذجية في تعزيز التنسيق بينهما على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن زيارة ترامب إلى السعودية تعزز التعاون الشامل بين البلدين في جميع المجالات وتسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه الرياض، ليس فقط على الصعيد الإقليمي، بل أيضًا على المستوى الدولي. فمن خلال هذه الزيارة، تؤكد الرياض على كونها شريكًا موثوقًا يسعى لتعزيز الأمن والسلام، ويعمل من أجل تحقيق التنمية المستدامة ليس فقط ضمن حدود المملكة، بل لتشمل المنطقة بأسرها، وبالتالي تؤدي دورًا أساسيًا في نشر ثقافة تسعى إليها الأمم في عصرنا الحالي.

جاريد كوشنر ودوره في الوساطة
أحد الشخصيات البارزة التي سيكون لها تأثير كبير على هذه الزيارة هو جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب وكبير مفاوضي الشرق الأوسط في ولايته الأولى. بالرغم من أنه من غير المتوقع أن يرافق كوشنر الرئيس في الزيارة، إلا أنه لعب دورًا أساسيًا في بناء علاقات وثيقة مع القادة في منطقة الخليج خلال فترة ولاية ترامب الأولى. ووفقًا لتقارير من CNN، يشير المسؤولون في الإدارة الأميركية إلى أن كوشنر يواصل تقديم المشورة لمسؤولي البيت الأبيض الحاليين بشأن كيفية المضي قدمًا في المفاوضات مع دول المنطقة، وخاصة المملكة العربية السعودية، التي تعتبر أحد اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط.

التحديات في الشرق الأوسط
تشهد المنطقة تغيرات كبيرة منذ زيارة ترامب الأولى في 2017. الحروب المستمرة في غزة والتوترات بين إسرائيل والدول العربية تمثل تحديات جديدة أمام السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. في هذا السياق، يواجه ترامب صعوبة في تحقيق تقدم في ملف التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أبدى عدم استعداد المملكة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل دون رؤية واضحة بشأن حل القضية الفلسطينية.

ومع ذلك، يتوقع المسؤولون في إدارة ترامب أن الاجتماعات المباشرة بين الرئيس السعودي وترامب قد تمثل فرصة للتوصل إلى اتفاقات اقتصادية جديدة، بالإضافة إلى توسعة “الاتفاقات الإبراهيمية” التي تم توقيعها بين الإمارات وإسرائيل في عام 2020. وقد يساعد ذلك في تمهيد الطريق لمزيد من التطبيع بين دول أخرى في المنطقة.

السياق التاريخي والتوقعات
من المتوقع أن تركز الزيارة على تعزيز العلاقات الاستراتيجية في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والتجارة، مع تسليط الضوء على تعزيز الاستقرار في المنطقة. ووفقاً لبيان صحفي صادر عن المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، سيتم مناقشة سبل تعزيز الشراكات بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط لمكافحة التطرف وتعزيز التجارة والثقافة. وأضافت ليفيت أنّ ترامب سيؤكد على رؤيته المستمرة لشرق أوسط مزدهر وناجح، حيث ستقيم الولايات المتحدة ودول المنطقة علاقات تعاون في شتى المجالات.

الملفات الثنائية البارزة
تتعدد الملفات الاقتصادية التي ستكون على طاولة المناقشات بين ترامب وزعماء دول الخليج، أبرزها صفقات الاستثمار، النفط، والتجارة. في ظل العلاقة الوثيقة بين ترامب ودول الخليج، من المتوقع أن يتم التطرق إلى فرص جديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وكذلك تسليح الدول الخليجية.

وتشير التقارير إلى أنّ السعودية والإمارات قد تقدمان دعماً قوياً لصفقات تجارية مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل خطط السعودية الطموحة لتوسيع استثماراتها بقيمة تصل إلى 600 مليار دولار في المستقبل القريب. وفي هذا السياق، سيتواجد في منتدى الاستثمار في الرياض عدد من كبار رجال الأعمال من وول ستريت ووادي السيليكون، مثل الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، لاري فينك، ورؤساء شركات سيتي غروب وآي بي إم.

أما في ما يخص النفط، فيتوقع أن يكون هناك مناقشات حول تخفيض إنتاج النفط في إطار تحالف “أوبك+”، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط العالمية ويحدد السياسات المستقبلية لهذه الدول.

الطموحات النووية السعودية
يبدو أن ملف البرنامج النووي السعودي سيكون في صدارة النقاشات، حيث تسعى المملكة للحصول على دعم أمريكي لتطوير برنامج نووي مدني. وفي حين كان هذا الدعم مشروطاً سابقاً بالتطبيع مع إسرائيل، تشير بعض التقارير إلى أن هذا الشرط قد يتغير مع زيارة ترامب. إذا تم التوصل إلى اتفاق، فقد يكون لهذا التطور تأثيرات كبيرة على موازين القوى في المنطقة.

القضايا الإقليمية والدولية
إلى جانب الملفات الاقتصادية، ستكون هناك نقاشات حول القضايا الإقليمية والدولية. ومن أبرز القضايا التي قد يتم تناولها ملف الحرب في غزة، حيث يُتوقع أن تركز المباحثات على سبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وسبل إعادة بناء القطاع.

من جهة أخرى، سيتناول الرئيس الأمريكي ملفات أكثر تعقيداً، مثل برنامج إيران النووي، حيث يُتوقع أن يكون جزءاً من مناقشات ترامب مع قادة دول الخليج، في ظل استمرار المفاوضات بين واشنطن وطهران. كما ستشمل المحادثات ملف الحرب في أوكرانيا، حيث يأمل ترامب في الحصول على دعم من دول الخليج في لعب دور الوساطة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا.

أمّا بالنسبة لسوريا، يُتوقع بحث رفع العقوبات الأميركية عنها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة واحتياجها لإعادة الإعمار، خاصة بعد تصريحات ماكرون حول رفع العقوبات الأوروبية تدريجيًا إذا التزمت دمشق بالمسار الحالي.

أما في اليمن، سيكون ملف الحوثيين وتطورات الأمن في البحر الأحمر محط نقاش، بعد اتفاق الولايات المتحدة مع الحوثيين لوقف استهداف السفن الأمريكية في مقابل استمرار إطلاقهم الصواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى ضربات عسكرية إسرائيلية ضدهم.

كما يُتوقع أن تثير تصريحات إدارة ترامب حول تغيير اسم الخليج من “الفارسي” إلى “العربي” جدلاً كبيرًا، خاصة في ظل المفاوضات النووية الحساسة مع إيران.

صفقات الأسلحة
لا تقتصر الزيارة على القضايا الاقتصادية فحسب، بل من المتوقع أيضاً أن يتم التباحث في إمكانية عقد صفقات أسلحة مع السعودية ودول أخرى في الخليج، وهي صفقات قد تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، بما يتضمن صواريخ وأنظمة دفاع متطورة.

الوفد المرافق والجدول الزمني
من المتوقع أن يرافق الرئيس ترامب في هذه الزيارة عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، بالإضافة إلى عدد من موظفي البيت الأبيض الرئيسيين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us