روسيا – أوكرانيا: سباق بين التصعيد والمبادرات الهشّة

عرب وعالم 26 أيار, 2025

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت الماضي، تنفيذ ضربة صاروخية استهدفت سفينة حاويات كانت تحمل معدّات عسكرية إلى ميناء أوديسا الأوكراني. هذه الضربة، التي أدّت إلى انفجارات وحريق هائل، جاءت بعد ساعات فقط من أكبر عملية تبادل للأسرى بين موسكو وكييف منذ اندلاع الغزو الشامل في فبراير/شباط 2022.

تصعيد عسكري متواصل
بحسب البيان الروسي، فإنّ الهجوم تمّ بواسطة صواريخ “إسكندر”، واستهدف سفينة حاويات كانت تقل نحو 100 حاوية من الأسلحة، بينها طائرات مسيّرة وقوارب هجومية وذخيرة متنوعة. وقد أدّى القصف إلى انفجار ثانوي على الرصيف نتيجة اشتعال الحاويات وتفجير بعضها.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن الهدف من هذه الضربة هو منع تدفق الأسلحة الغربية إلى القوات الأوكرانية عبر البحر الأسود، في وقتٍ تواصل فيه روسيا تكثيف هجماتها على موانئ أوكرانيا وبنيتها التحتية الحيوية.
في الساعات التي تلت الغارة على ميناء أوديسا، شنّت القوات الروسية سلسلة من الهجمات الجوية التي أودت بحياة سبعة أشخاص، بينهم أطفال، في مناطق مختلفة من أوكرانيا، أبرزها خملنيتسكي وكييف وجيتومير. وقد تسبّبت الضربات في دمار واسع بالبنية التحتية المدنية، كما أعلنت سلطات العاصمة الأوكرانية عن اندلاع حرائق في عدّة أحياء جرّاء سقوط حطام طائرات مسيرة، فيما طلبت من السكان البقاء في الملاجئ.
وأدّت الضربات الأخيرة إلى مقتل أطفال وإصابة العشرات، كما تضررت مبانٍ سكنية في وسط كييف. وتشير التقارير إلى أن الأوضاع الإنسانية في تدهور مستمر، خصوصًا في المناطق القريبة من الجبهات، حيث تزداد صعوبة إيصال المساعدات وتوفير الخدمات الأساسية.
في المقابل، أعلنت روسيا أنها صدّت هجومًا واسعًا بطائرات مسيّرة أوكرانية استهدف مناطق واسعة من البلاد، وجرى إسقاط نحو 110 طائرات مسيّرة، من بينها 13 كانت تحلّق في اتجاه موسكو وتفير، ما أدى إلى إغلاق موقت لثلاثة مطارات بالعاصمة.

الجبهة الشرقية: تقدم روسي بطيء لكن ثابت
على الأرض، أكدت وزارة الدفاع الروسية سيطرة قواتها على ثلاث مناطق سكنية جديدة، اثنتان في دونيتسك وواحدة في سومي، في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية ضغطًا متزايدًا على الجبهة الشرقية، وتحديدًا في محيط بلدات مثل كوستيانتينيفكا وستوبوتشكي وأوترادنويه. وذكرت أوكرانيا أنّ هذه المناطق تتعرّض لهجماتٍ يوميةٍ، وأنّها صدّت أكثر من 18 هجومًا في يوم واحد، إلّا أن بعض التقارير الأوكرانية الرسمية لم تنفِ السيطرة الروسية على قرى محددة.
وعلى الرغم من تقدم روسيا البطيء، فإنّها تستفيد من زخم معنوي وعسكري بعد شهور من تثبيت خطوطها الدفاعية، ومحاولات أوكرانيا غير الناجحة في استعادة أراضٍ محتلّة. وفيما يواصل الجيش الروسي الضغط في دونباس، يتوسّع عمليًا نحو مناطق جديدة في الشمال، خاصة سومي، ما يعكس تغييرًا تكتيكيًا في أهداف الحرب.

صواريخ إسكندر…
تمثّل صواريخ “إسكندر” أحد أعمدة القوة الهجومية الروسية. وتُعرف هذه المنظومات بقدرتها على تنفيذ ضربات دقيقة وسريعة بمدى يتراوح ما بين 500 و700 كيلومتر، بينما دخلت أنظمة أكثر تطورًا، كالصواريخ الكورية الشمالية KN-23B، الخدمة في روسيا نهاية عام 2023، وتتميّز بمدى أطول يصل إلى 900 كلم وتضم رؤوسًا حربية أكبر. وقد استخدمت موسكو هذه الصواريخ مرات عدة خلال الحرب لضرب مخازن أسلحة ومراكز قيادة ومطارات عسكرية داخل أوكرانيا.

تبادل أسرى في خضمّ التصعيد
في المقابل، كانت الساحة الإنسانية تشهد لحظةً نادرةً من التعاون، إذ أعلنت كل من موسكو وكييف تبادل 307 أسرى من كلّ جانب، وذلك بعد يومٍ من عملية مماثلة شملت 390 أسيرًا. هذا التبادل جاء نتيجة محادثات مباشرة نادرة جرت في إسطنبول مطلع مايو/أيار، وتمّ خلالها الاتفاق على الإفراج عن ألف أسير ومعتقل مدني من كل طرف. وعلى الرغم من أن تلك الخطوة لاقت ترحيبًا دوليًا، فإنّها لم تساهم في تهدئة العمليات القتالية على الأرض، بل جاءت متزامنةً مع تكثيف الغارات والهجمات الصاروخية.

محاولات دولية خجولة لحل دبلوماسي
على الرغم من استمرار الجهود الدولية للدفع نحو تسويةٍ سلميةٍ، فإنّ نتائجها تبقى محدودة. فمحادثات إسطنبول كانت الأولى من نوعها منذ فترة طويلة، وقد أفضت فقط إلى صفقة تبادل أسرى، من دون إحراز أي تقدم في ملف وقف إطلاق النار. ومع استمرار تدفّق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، وزيادة الدعم العسكري الروسي عبر شراكات جديدة مع كوريا الشمالية، يبدو أن الحرب مرشحة للاستمرار، مع احتمالات ضئيلة لانفراجة دبلوماسية في الأفق القريب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us