صفعة على الهواء… ماكرون بين السخرية الروسية وتراجع الهيبة السياسية

عرب وعالم 27 أيار, 2025

لم تكن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى فيتنام بداية هادئة لجولته الآسيوية، فقبل أن يبدأ لقاءاته السياسية، وجد نفسه في قلب جدل عالمي بسبب ما وصف بأنه “صفعة” تلقاها من زوجته بريجيت على سلم الطائرة. اللقطة التي التقطتها عدسات المصورين في مطار هانوي مساء الأحد 26 آيار 2025، تحوّلت خلال ساعات إلى مادة دسمة للتكهنات والتحليلات والنكات، سواء في الصحافة العالمية أو على شبكات التواصل الاجتماعي.

الصورة التي أشعلت الجدل

في المشهد الذي أثار الجدل، يظهر باب الطائرة مفتوحًا، وماكرون لا يزال داخلها، ثم تبرز يد بريجيت وكأنها توجّه صفعة إلى وجهه. ورغم أن زاوية التصوير لم توضح ما جرى بدقة، إلا أن تعبيرات ماكرون المفاجئة ثم استدارته بسرعة نحو الخارج لإلقاء التحية على المستقبلين، فتحت المجال لتفسيرات عديدة، خاصة بعد أن امتنعت بريجيت عن الإمساك بذراعه أثناء نزولهما معًا من الطائرة، مفضلة التمسك بحافة السلم.

تفاعل الإليزيه وتصريحات ماكرون

في البداية، شكك قصر الإليزيه في صحة الفيديو، مشيرًا إلى احتمال التلاعب به باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، في محاولة على ما يبدو لاحتواء الضجة قبل أن تتسع. لكن سرعان ما اضطرت الدائرة الإعلامية للرئاسة إلى التراجع، بعد أن أكدت وسائل إعلام فرنسية بارزة، مثل “بي إف إم” و”آر إم سي”، صحة المقطع المصور.

وخرج ماكرون بنفسه ليعلق على ما جرى وعلى مواقف أخرى سابقة وقال للصحفيين في هانوي، أمس الاثنين “كنت وزوجتي نتبادل المزاح كما نفعل في كثير من الأحيان”. وأضاف “قبل 3 أسابيع، ثمة أشخاص شاهدوا مقاطع فيديو وظنوا أنني شاركتُ كيس كوكايين، وأنني أبقيت إصبعي في يد الرئيس التركي، وأنني الآن تشاجرت مع زوجتي. لا صحة لأي من هذا كله… لذا على الجميع أن يهدأوا”. وأشارت مصادر مقرّبة من الرئيس أن الأمر لم يكن أكثر من “مشاحنة بسيطة” بين زوجين، تعبّر عن توتر لحظي قبل بدء رحلة دبلوماسية طويلة، معتبرة أن “اللقطة استُغلّت من قبل جهات معادية وما يُعرف بأصحاب نظريات المؤامرة”.

تباين المواقف في الإعلام الفرنسي

الصحافة الفرنسية تعاملت مع الحدث بشكل مختلف. صحيفة “لو موند” عنونت أن ماكرون لم يتعرض للصفع من زوجته، لكنها لم تنف حصول شجار بسيط. أما صحيفة “إكسبريس”, فقد نقلت عن النائب المعارض جان فيليب تانغوي من حزب التجمع الوطني قوله: “الإليزيه يكذب كالعادة، ويختبئ خلف شماعة الذكاء الاصطناعي والاستخبارات الروسية… هذا مثير للقلق على ديمقراطيتنا”.

وعلى الجانب الآخر، فضلت بعض الوسائل الإعلامية مثل “بي إف إم” التركيز على ما وصفته بـ”لحظة جدل”، دون الانجرار إلى تحليل نفسي للعلاقة بين الزوجين.

المنصات الرقمية: سخرية، دعم، وتحليلات شعبوية

على منصات التواصل الاجتماعي، انفجرت التعليقات الساخرة والتفسيرات المتباينة. كتب أحد المغرّدين:

“مهما علا منصبك، ستجد من يعيدك إلى الواقع بصفعة صغيرة. ليس المنصب ما يربيك، بل زوجتك”.

بينما رأى آخر أن اللقطة تعبّر عن علاقة عفوية بين زوجين يعرفان بعضهما منذ عقود.

لكن هناك من تناول الموضوع من زاوية سياسية، معتبرًا أن الحادثة تؤشر إلى توتر داخل مؤسسة الرئاسة الفرنسية، خاصة في ظل التحديات الداخلية التي يواجهها ماكرون، من احتجاجات اجتماعية إلى انتقادات متزايدة لسياسته الخارجية.

تعليق الكرملين

صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه شاهد “على التلفاز مثل الجميع” اللقطات التي أظهرت تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لضربة على وجهه من زوجته بريجيت.

رداً على سؤال حول ما إذا كان الكرملين قد شاهد الفيديو المثير للجدل، قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، للصحفيين: “نعم، رأيناه على شاشة التلفزيون مثل الجميع”، ممتنعاً عن الإدلاء بأي تعليق إضافي.

من جهتها، علّقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بسخرية على المشهد الذي ظهر فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتلقى صفعة من زوجته، ملمّحة باستهزاء إلى احتمال أن تكون “يد الكرملين” خلف الحادثة.

فهل ستؤثر هذه “الصفعة الحميمة” على مستقبل ماكرون السياسي؟

يرى ستانيسلاف تكاشينكو، أستاذ الدراسات الأوروبية في جامعة سان بطرسبرغ، أن “صفعة” ماكرون الزوجية لن تحمل تبعات سياسية خطيرة، في ظل تغيّر نظرة المجتمعات لمثل هذه الحوادث. ويعتبر أن الحدث، الذي كان ليُحدث فضيحة كبرى في عصور سابقة، سيتحول اليوم إلى مادة للسخرية أو يُنسى سريعاً. ويرى أن الرئيس الفرنسي لا يبدو معنياً كثيراً بتداعيات الأمر، خاصة أنه يقترب من نهاية ولايته ويُعتبر “بطة عرجاء” فاقداً للشعبية. كما يشير إلى أن حزبه السياسي يفتقد الثبات، ما يُقلل من فرصه في الانتخابات المقبلة. وختم بتحسّر على حال فرنسا، قائلاً إن البلاد ستنتظر عامين قبل أن يأتي رئيس أكثر توازناً وعقلانية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us