تفاؤل أميركي بشأن وقف النار في غزّة وانقسام إسرائيلي داخلي وضغوط دولية متزايدة

في خضمّ حرب مستعرة دخلت يومها الـ600، برزت بوادر اختراق في المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة “حماس” بشأن وقف موقت لإطلاق النار في قطاع غزة، وسط تباين واضح في المواقف بين الأطراف المعنية، وتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب التي أودت بحياة أكثر من 54 ألف فلسطيني، وِفق بيانات وزارة الصحة في غزة.
ويتكوف متفائل
صرّح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أمس الأربعاء، بأنه “متفائل للغاية” حيال فرص التوصل إلى اتفاق على وقف موقت لإطلاق النار وإطلاق سراح رهائن، قد يمهّد الطريق لحل طويل الأمد للصراع.
وقال ويتكوف من المكتب البيضاوي: “نحن على وشك إرسال وثيقة شروط جديدة نأمل أن يتم تسليمها اليوم. الرئيس (الأميركي) سيقوم بمراجعتها”.
وفي وقتٍ سابقٍ، أعلنت حركة حماس أنها توصلت إلى “إطارٍ عامٍ” لاتفاق وقف إطلاق النار خلال مفاوضاتها مع ويتكوف، وأنها تنتظر “ردًا نهائيًا”، مؤكدة أن الإطار يتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وتشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية مستقلّة لإدارة القطاع، بالإضافة إلى الإفراج عن رهائن مقابل أسرى فلسطينيين بضمانات من الوسطاء.
نفي إسرائيلي واتهامات بـ”الدعاية”
لكن إسرائيل سارعت إلى نفي وجود أي اتفاق، إذ وصف مسؤول إسرائيلي لم يُذكر اسمه إعلان حماس بأنه “حرب نفسية” و”دعاية إعلامية”، مؤكدًا أن “اقتراح حماس غير مقبول”، سواء بالنسبة لتل أبيب أو للإدارة الأميركية. وأشار إلى أن “إسرائيل وافقت على إطار ويتكوف، لكن حماس لا تزال ترفض”.
وبحسب “تايمز أوف إسرائيل”، فإن حماس أرسلت تعديلات جديدة على اقتراح ويتكوف بعد أن سحبت إسرائيل بعض التفاهمات السابقة، ما أدّى إلى جولة جديدة من المراجعات في واشنطن، بالتنسيق مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.
انقسام إسرائيلي: صفقة رهائن أم “استسلام كامل”؟
من جهة أخرى، تزايدت حدّة الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية التعامل مع حماس. فقد عبّر وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش عن معارضته لأي “اتفاق جزئي”، معتبرًا أنه “من الحماقة تخفيف الضغط على حماس قبل استسلامها الكامل”.
وفي المقابل، دعا وزير الخارجية غدعون ساعر إلى استغلال الفرصة، قائلًا: “إذا كانت هناك إمكانية لإطلاق سراح المختطفين، فيجب على الحكومة أن تقوم بذلك، لأن هذه هي إرادة الأغلبية الساحقة من الشعب الإسرائيلي”.
وبحسب الإحصاءات الإسرائيلية، لا يزال 58 رهينةً في غزة، منهم 57 من أصل 251 اختطفوا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الاول 2023 الذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص في إسرائيل.
مسيرات الغضب في تل أبيب
بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”، تظاهر آلاف الإسرائيليين مساء الأربعاء في “ساحة الرهائن” في تل أبيب، مطالبين بالإفراج عمّن تبقّى من المختطفين ووقف الحرب. ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة عند مقر حزب الليكود، ما أسفر عن توقيف نحو 20 شخصًا.
وقالت والدة الرهينة ألون أوهل في كلمة ألقتها: “الليلة نعد 600 يوم من دونكم، وأنتم تعدون الثواني… ما يقارب 52 مليون ثانية”.
الموقف الرسمي الإسرائيلي: وقف موقت للحرب
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جدّد رفضه التام لفكرة وقف دائم لإطلاق النار، مؤكدًا أن أي هدنة ستكون موقتة فقط، وسيليها استئناف للقتال حتى “القضاء على حماس” والإفراج عن جميع الرهائن، مضيفًا مطلبًا جديدًا هو “تنفيذ خطة ترامب لنقل سكان غزة”، وهي خطة تلقى اعتراضًا واسعًا دوليًا.
ويُذكر أن الاقتراح الذي قدمه ويتكوف لا يشمل انسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية ولا إنهاء الحرب، بل يدعو فقط إلى وقف موقت وبدء مفاوضات بشأن القضايا العالقة. حماس، في المقابل، تطالب بضمانات من الوسطاء لبقاء إسرائيل على طاولة التفاوض بعد أي صفقة، وهو ما ترفضه تل أبيب.
ضغوط دولية… وأوروبا تغيّر لهجتها
في موازاة ذلك، تتصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل بشكل غير مسبوق، إذ انضمت إيطاليا هذا الأسبوع إلى دول أوروبية كفرنسا وبريطانيا وكندا في المطالبة بإنهاء الحرب. نتنياهو ردّ معتبرًا أن هذه الانتقادات “تشجع حماس” وأن قادة هذه الدول “يقفون في الجانب الخاطئ من التاريخ”.
وفي كلمةٍ له خلال مؤتمر حول معاداة السامية في القدس، قال وزير الخارجية غدعون ساعر إن “الرغبة القديمة في القضاء على الشعب اليهودي أصبحت أقوى”، متهمًا المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الدولية الأخرى بأنها “تحرم إسرائيل من حقها في الدفاع عن نفسها”، محذرًا من “محرقة ثانية”.
هل يتحقق “الاختراق”؟
على الرغم من كل التصريحات المتضاربة، يبقى التفاؤل الحذر هو السمة المهيمنة على المشهد، خصوصًا مع تلميحات من مصدر في المفاوضات نقلتها القناة 12 الإسرائيلية، تفيد بأن “حماس باتت في حالة ذعر وتتعرض لضغوط غير مسبوقة”، وأنها وافقت بالفعل على إطلاق سراح 10 رهائن أحياء ورفات عدد آخر، في انتظار التوصل إلى الصيغة النهائية للاتفاق.
لكن يبقى الخلاف حول التفاصيل، خاصة عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم، وضمانات استمرار المفاوضات.
مواضيع ذات صلة :
![]() رسالة أميركية: فترة السماح انتهت! | ![]() فرصة أخيرة للسلام في غزة: عرض أميركي جديد | ![]() إطلاق نار في فيلادلفيا… قتيلان وسط احتفال جماهيري |