روسيا توسّع سيطرتها الميدانية وأوكرانيا تُحذّر من “مناورة” تفاوضية

شهدت الجبهات الأوكرانية في الأسبوع الأخير من أيار 2025 تصعيدًا لافتًا في العمليات العسكرية الروسية، تزامنًا مع جهود دبلوماسية متعثّرة لإحياء المفاوضات بين موسكو وكييف، وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين حول جدّية الحل السياسي وحدود التنازلات المقبولة.
فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أنّ قواتها حققت تقدمًا نوعيًا في شمال شرق وجنوب أوكرانيا، مؤكدةً سيطرتها على 8 بلدات جديدة، منها بلدة كيندراشيفكا في منطقة خاركيف، وأربع بلدات في سومي، وثلاث أخرى في دونيتسك.
وذكرت الوزارة في بيانها أنّ هذا التقدم جاء بعد سلسلة من الضربات المكثفة “ردًّا على الهجمات الأوكرانية الواسعة باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ غربية الصنع ضد أراضٍ روسية مدنية”. وأوضحت أنّ القوات الروسية نفّذت خمس ضربات جماعية بأسلحةٍ دقيقةٍ، استهدفت منشآت صناعية عسكرية ومخازن ذخيرة ومراكز انتشار موقتة للجنود الأوكرانيين والمرتزقة.
وبحسب وزارة الدفاع، فقد أسقطت الدفاعات الجوية الروسية طائرة “ميغ-29” أوكرانية، ودمّرت أكثر من 1430 طائرة مسيّرة خلال أسبوع، كما تكبّدت القوات الأوكرانية أكثر من 5800 جندي بين قتيل وجريح على مختلف الجبهات.
جولة تفاوض ثانية في إسطنبول
في موازاة التصعيد الميداني، برز تطوّر دبلوماسي قد يُعيد تحريك المياه الرّاكدة في مسار السلام. فقد أعربت أوكرانيا، الخميس الماضي، عن استعدادها للمشاركة في جولة جديدة من المحادثات في إسطنبول، كانت روسيا قد اقترحتها الأسبوع المقبل.
رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندريه يرماك، أكد استعداد كييف للحوار، لكنه شدّد على ضرورة أن تسلّم موسكو وثيقةً تتضمن “شروطها المسبقة” بوضوح، مشيرًا إلى أن “روسيا تمتلك الوقت الكافي” للقيام بذلك، خاصةً أنّها تسلمت سابقًا نصًّا يوضح موقف أوكرانيا.
في المقابل، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنّ بلاده لم تتلقَّ ردًّا أوكرانيًا رسميًا حتى الآن، فيما وصفت كييف الموقف الروسي بـ”المناورة”، متهمةً موسكو بعرقلة مسار السلام من خلال مطالب إقليمية تعتبرها غير واقعية.
المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية، جورجي تيخي، كتب على منصة “إكس” أنّ “خوف روسيا من إرسال الوثيقة يشير إلى أنّها تحتوي على إنذارات لا يمكن قبولها”، مُحذرًا من استخدام موسكو لمجرّد الدعوة إلى المفاوضات كأداة سياسية.
خلافات جوهرية
وكانت جولة التفاوض الأولى التي عُقدت في إسطنبول في 16 أيار الجاري لم تحقّق أي تقدم ملموس، لكنّها أفضت إلى اتفاق نادر على تبادل نحو ألف أسير من كل جانب. وعلى الرَّغم من ذلك، يظلّ الخلاف بين الطرفيْن جوهريًا، إذ تطالب موسكو بأن تتخلّى أوكرانيا عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتعترف بسيادة روسيا على المناطق الخمس التي ضمّتها، وهو ما ترفضه كييف بشكل قاطع.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ندّد بما وصفه بـ”التكتيك التطويلي” الذي تتّبعه موسكو لإطالة أمد الحرب، معتبرًا أن روسيا تسعى لفرض وقائع ميدانية على الأرض قبل أي اتفاق محتمل.
أمّا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فدعا الطرفين إلى “عدم إغلاق الباب أمام الحوار”، مؤكدًا رغبة بلاده في استضافة الجولة الجديدة من المحادثات في إسطنبول.
ترامب ينتقد القصف الروسي
وفي الولايات المتحدة، علّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التطورات قائلًا إنّه يشعر بـ”خيبة أمل كبيرة” جرّاء القصف الروسي الذي ترافق مع انطلاق محادثات السلام، مُضيفًا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يلعب بالنار”.
وعلى الرغم من ذلك، رفض ترامب الدعوات لتوسيع العقوبات على موسكو في هذه المرحلة، قائلًا: “إذا كنت أعتقد أنني قريب من اتفاق، فلا أريد أن أفسد الأمر بفرض عقوبات جديدة”. وأكّد وزير خارجيته ماركو روبيو في اتصال مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أنّ واشنطن لا تزال تدعم مفاوضات جدية “بحسن نيّة” كسبيل وحيد للخروج من الحرب.
مواضيع ذات صلة :
![]() زيلينسكي يشيد بالعملية “العبقرية” التي استهدفت قواعد جوية روسية | ![]() “شبكة العنكبوت” تحاكي أسلوب “البيجر” في لبنان.. هكذا هرّبت أوكرانيا المسيّرات إلى داخل روسيا! | ![]() روسيا… قتلى وجرحى في انهيار جسر |