مفاوضات معقّدة وشائكة حول غزّة في ظل الاستنزاف المستمرّ

عرب وعالم 31 أيار, 2025

 

في اليوم الخامس والسبعين من استئناف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزّة، تتشابك الخيوط السياسية والعسكرية والإنسانية لتُشكّل مشهدًا مربكًا. فبينما تتصاعد الأصوات الدولية المنادية بوقف إطلاق النار، تسير التطورات الميدانية والسياسية في مساراتٍ متضاربةٍ، ما بين بوادر تسوية مؤقتة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن قرب التوصّل إلى اتفاق بشأن غزة، بالتزامن مع تأكيد حركة “حماس” أنها تدرس مع القوى والفصائل الفلسطينية مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار، حمله المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. هذه المبادرة تفتح نافذة أمل، لكنّها تظل محاطةً بالريبة نظرًا للتجارب السابقة، حيث غالبًا ما تُطرح مبادرات سياسية في ظل استمرار القصف والقتل.

من جهته، بدا رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، منفتحًا على التهدئة بشروط، إذ أشار إلى “ضرورة وقف إطلاق النار عندما تتوفّر فرصة لصفقة”، مؤكدًا رفض الانجرار إلى “حرب أبدية”، في إشارة ضمنية إلى استنزاف الموارد الإسرائيلية ومخاوف من التورط في مستنقع عسكري طويل الأمد.
ولفت الجيش الإسرائيلي إلى أن “حاجز الخوف” قد تمّ كسره، وأنّ السكان لم يعودوا يتبعون تعليمات “حماس”، مما يسهل العمليات الإسرائيلية.

في الضفة الغربية، يتصاعد التوتّر. المستوطنون الإسرائيليون كثّفوا اعتداءاتهم على الفلسطينيين، وهاجموا الممتلكات والأراضي في الخليل ورام الله والأغوار، في محاولةٍ واضحةٍ لتغيير الوقائع على الأرض ضمن سياسة “الضمّ الصامت”، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن توسيع الاستيطان رسالة إلى ماكرون والغرب الرّافض للاعتراف بسيادة إسرائيل الكاملة.

تكتيكات إسرائيلية جديدة

التقديرات الإسرائيلية، وفقًا لصحيفة “معاريف”، تشير إلى أن قيادة حماس بدأت تنهار تدريجيًا، وأنّ قطاع غزة يشهد انقسامًا يشبه تأثير “الدومينو”.
هذه الرؤية، على الرَّغم من تشكيك الكثير من المراقبين فيها، دفعت الجيش الإسرائيلي إلى تصعيد عملياته العسكرية في شمال القطاع، حيث يتّهمون القيادي عز الدين حدّاد بأنّه “الزعيم المقبل لحماس”، وبدأوا توزيع منشورات تحريضيّة ضده، في محاولة لاغتياله.

المخاوف الإسرائيلية من انهيار شامل لحركة حماس من دون وجود بديل واضح لإدارة القطاع تفتح الباب أمام احتمالات مرعبة، أبرزها اضطرار تل أبيب إلى فرض إدارة عسكرية مباشرة، وهو سيناريو ترفضه معظم الدوائر الإسرائيلية لأنه يحمّل الدولة عبء السيطرة المباشرة على أكثر من مليونيْ إنسان محاصرين ومُدمّرين.

منذ 7 تشرين الأول 2023، بدأت الحرب الاسرائيلية على غزة ردًّا على عملية “طوفان الأقصى”. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 178 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود، دُفن الكثير منهم تحت أنقاض منازلهم من دون أن تتمكن فرق الإنقاذ من انتشالهم.

على الصعيد الإنساني، أعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن خطةٍ واسعة النطاق لإيصال المساعدات إلى غزّة، في ظل ظروف معقّدة. وعلى الرَّغم من صعوبة التنفيذ، أكدت الأمم المتحدة أن لديها الأدوات والخبرات المطلوبة، مشيرةً إلى أن المجتمع الدولي يضغط باتجاه إدخال المساعدات. لكن الواقع في القطاع، كما تقوله التقارير والشهادات، يشير إلى أن سكان غزّة لا يزالون محاصرين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us