روسيا تسقط 174 مسيّرة أوكرانية وتقصف كييف.. وبريطانيا تدخل على خط التصعيد

عرب وعالم 6 حزيران, 2025

في واحدة من أكثر الليالي سخونة منذ اندلاع الحرب، شهدت الأجواء فوق روسيا وأوكرانيا تصعيدًا غير مسبوق. سماء مشبعة بالطائرات المسيّرة، وصفارات إنذار لا تهدأ، ودويّ انفجارات يهز المدن. وبين هجوم أوكراني مكثف بطائرات بدون طيار، وردّ روسي صاروخي مدوٍ على العاصمة كييف، بدا المشهد وكأن الحرب تدخل فصلًا جديدًا من التصعيد المتبادل.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية صباح اليوم أنها أسقطت 174 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الساعات الماضية، واصفة الهجوم بأنه “الأوسع من نوعه منذ بدء العمليات العسكرية”.

ووفق البيان، استهدفت المسيّرات مواقع متعددة في الداخل الروسي، أبرزها مناطق بيلغورود وكورسك وبريانسك وشبه جزيرة القرم، لكن الدفاعات الروسية تعاملت معها “بنجاح”، بحسب تعبير الوزارة.

ورغم التصدي للموجة، تحدثت تقارير محلية عن أضرار مادية طفيفة في بعض المنشآت، لا سيما في مناطق الطاقة والموانئ، دون تسجيل خسائر بشرية.

ضربات روسية على كييف

وفي رد عنيف، شنت روسيا هجمات جوية وصاروخية مكثفة على العاصمة الأوكرانية كييف.

وأفادت قيادة القوات الجوية الأوكرانية بأنّ الدفاعات أسقطت عددًا من الصواريخ، لكن بعضها أصاب منشآت حيوية، من بينها محطات كهرباء ومبانٍ سكنية، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، بينهم أطفال.

وقال عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، إن المدينة “شهدت إحدى أعنف الليالي منذ أسابيع”، مشيرًا إلى أن فرق الطوارئ تعمل على إخماد الحرائق وإجلاء السكان من الأبنية المتضررة.

رسائل متبادلة بالنار

ويرى مراقبون أن هذا التصعيد المتزامن يعكس رسائل استراتيجية من الطرفين، خصوصًا بعد تزايد الحديث عن سماح بعض الدول الغربية لأوكرانيا باستخدام أسلحة بعيدة المدى داخل الأراضي الروسية.

روسيا، التي اعتبرت ذلك “تجاوزًا خطيرًا”، تُحاول من خلال هذا الرد توجيه رسالة بأن أيّ استهداف لعمقها سيُقابل برد مضاعف، سواء كان على الأرض أو في الجو.

ومع دخول الصراع عامه الثالث، تتزايد المؤشرات على أنّ الحرب تتجه نحو مرحلة أكثر خطورة وتعقيدًا، مع انخراط أكبر للتكنولوجيا، وتوسّع نطاق الضربات، وتضاؤل فرص التهدئة.

وبينما تؤكد موسكو أنّ عمليتها العسكرية مستمرة حتى “تحقيق الأهداف”، تشدد كييف على حقها في الدفاع عن أراضيها بكل الوسائل الممكنة، مستندة إلى دعم غربي متواصل.

فولودين: زيلينسكي لن يفلت من العقاب

وأشار رئيس مجلس “الدوما” الروسي فياتشيسلاف فولودين إلى أن فلاديمير زيلينسكي جعل الإرهاب أيديولوجية دولة لنظامه، ويتحمل المسؤولية شخصياً عن الأعمال الإرهابية ضد المدنيين في روسيا.

وكتب فولودين على “تلغرام”: “زيلينسكي الذي فقد شرعيته وفي سعيه للاحتفاظ بسلطته، جعل الإرهاب أيديولوجية دولة لنظام كييف. وهو يتحمل المسؤولية التامة عن الأعمال الإرهابية ضد المدنيين في روسيا”.

وأشار إلى أن زيلينسكي لا يفكر في مواطني أوكرانيا ومستقبل بلاده، وأضاف: “هذه القطعة الصابونية منتهية الصلاحية تريد بأي وسيلة وثمن أن تبقى في السلطة، ومتشبثة بها. زيلينسكي لن يفلت من العقاب على مقتل المدنيين”.

بريطانيا تُصعّد نحو مواجهة عسكرية مع روسيا

ونشرت الحكومة البريطانية مؤخرًا مراجعة استراتيجية لوزارة الدفاع بعنوان “تأمين بريطانيا: حماية في الداخل، قوة في الخارج”. وركّزت المراجعة على ضرورة حشد المملكة المتحدة إمكاناتها العسكرية، والانتقال إلى اقتصاد عسكري، والتوجه عمومًا نحو حالة الحرب. وكان السبب الرئيس المذكور فيها هو الحاجة إلى مواجهة روسيا، التي وُصفت بأنها معتدٍ جامح يخطط لحرب مع المملكة المتحدة. ومن العوامل الأخرى التي تُعقّد أمن المملكة “التحدي القادم من الصين”، بالإضافة إلى كوريا الشمالية وإيران.

على الصعيد الوطني، تبدو المراجعة أداةً لصرف انتباه الرأي العام عن سياسات الحكومة الحالية الفاشلة.

وفي السياق الأوروبي، تهدف المراجعة البريطانية إلى تعزيز مكانة بريطانيا في قيادة أوروبا عسكريًا، وتفترض أن تُصبح المملكة المتحدة مثالًا يُحتذى في تسريع عسكرة المنطقة.

وكانت فرنسا بقيادة ماكرون قد تنطّحت سابقًا لهذا الدور، لكنها فشلت على ما يبدو. كما حددت القيادة الألمانية هدفًا لعسكرة البلاد، ولكن ليس بنشاط كبير.

وتهدف المراجعة البريطانية إلى تعزيز هدف أوروبا، وهو المواجهة مع روسيا، وتحفيز تطوير برامج مماثلة في دول أوروبية أخرى. وقد اختيرت الأزمة الأوكرانية لإطلاق عملية العسكرة، وتنوي المملكة المتحدة إبقاء أوكرانيا في حالة صراع عسكري، ما يحول دون الانتقال إلى الجهود الدبلوماسية ومفاوضات السلام. وقد قررت لندن زيادة شحنات الطائرات المسيرة إلى أوكرانيا في السنة المالية الحالية (أي حتى نيسان 2026) إلى 100 ألف طائرة، أي عشرة أضعاف ما كانت عليه.

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us