العقوبات الدولية تعود لتطويق إيران: كيف تعمل “آلية الزناد”؟

عرب وعالم 28 أيلول, 2025

أعادت “الأمم المتحدة” فرض العقوبات على إيران بعد عشر سنوات من رفعها، عبر تفعيل الآلية المعروفة باسم “سناب باك” أو “آلية الزناد”.

وجاءت هذه الخطوة نتيجة لعدم امتثال طهران لالتزاماتها النووية، وبدفع مباشر من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي أطلقت في نهاية آب الماضي المسار القانوني لإعادة العمل بالعقوبات. ومع انقضاء المهلة الممنوحة لإيران، وفشل روسيا والصين في عرقلة القرار داخل مجلس الأمن، دخلت العقوبات حيز التنفيذ تلقائياً عند الساعة الثامنة مساءً بتوقيت نيويورك.

من الاتفاق إلى الانهيار

في عام 2015، توصلت إيران والقوى الكبرى إلى “خطة العمل الشاملة المشتركة”، التي قضت بتقييد نشاطات إيران النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن. لكن هذا التوازن بدأ ينهار مع انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق عام 2018، لتتراجع طهران تدريجياً عن التزاماتها، وصولاً إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، أي مستوى يقترب من الحدّ المطلوب لصناعة قنبلة نووية. ووفق “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، تمتلك إيران اليوم نحو 440 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ما يكفي لصناعة ما بين 8 و10 قنابل ذرية إذا رفع التخصيب إلى 90%.

آلية “الزناد”: كيف تعمل؟

تنص آلية “سناب باك” على أنه في حال تخلّفت إيران عن تنفيذ التزاماتها النووية، يمكن لأي طرف مشارك في الاتفاق النووي لعام 2015 أن يفعّل الآلية، ما يؤدي تلقائياً إلى إعادة فرض العقوبات الدولية التي كانت مفروضة قبل الاتفاق. وبمجرد إطلاقها، لا يحتاج الأمر إلى تصويت جديد داخل مجلس الأمن، إذ تدخل العقوبات حيّز التنفيذ بشكل تلقائي.

لكن تطبيقها عملياً يتطلب من الدول الأعضاء في “الأمم المتحدة” تحديث قوانينها الوطنية لتتماشى مع القرارات الجديدة. وهذا يفرض على الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، مثلاً، سنّ تشريعات إضافية لضمان التنفيذ الكامل. وفي هذا السياق، يمكن للدول الغربية أن تفرض عقوبات منفصلة خاصة بها، موازية لتلك التي أعادت الأمم المتحدة تفعيلها.

ماذا تستهدف العقوبات؟

تشمل العقوبات الدولية الجديدة “شركات ومنظمات وأفراداً متورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في البرنامج النووي الإيراني أو تطوير الصواريخ الباليستية”. وبموجبها:

– يُفرض “حظر شامل على بيع أو نقل الأسلحة التقليدية إلى إيران”.

– يُمنع “استيراد أو تصدير أي مكوّنات أو تكنولوجيا مرتبطة بالبرنامج النووي أو الباليستي”.

– تُجمّد “أصول شخصيات وكيانات إيرانية مرتبطة بالأنشطة النووية في الخارج”.

– يُحظر “سفر الأشخاص المصنَّفين ضمن قائمة المشاركين في النشاطات النووية المحظورة إلى أي دولة عضو في الأمم المتحدة”.

– يُقيَّد “الوصول إلى المنشآت المصرفية والمالية التي قد تساهم في تمويل البرامج النووية والباليستية”.

– تُجمَّد “أصول أي شخص أو كيان يثبت أنه ينتهك نظام العقوبات على مستوى العالم”.

الهدف الأساسي لهذه التدابير ليس فقط شلّ النشاط النووي الإيراني، بل أيضاً “خنق الاقتصاد الإيراني” وإجبار طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات.

الترحيب الغربي والاعتراض الروسي

رحّبت دول “الترويكا الأوروبية” (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) بإعادة فرض العقوبات، ودعت إيران إلى “الامتناع عن أي عمل تصعيدي والعودة إلى الالتزام بالاتفاقيات”. وأكد وزراء خارجيتها في بيان مشترك أنهم “سيواصلون السعي إلى حل دبلوماسي يضمن عدم حصول إيران على سلاح نووي”.

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة أن “الدبلوماسية لا تزال خياراً متاحاً”، مشيرة إلى أن التوصل إلى اتفاق جديد يبقى “النتيجة الأفضل للشعب الإيراني والعالم”. في المقابل، هاجمت روسيا والدول المتحالفة معها الخطوة، معتبرة أن “إعادة فرض العقوبات غير قانونية”، فيما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المسار الغربي بأنه “ابتزاز يهدف إلى تخريب المساعي الدبلوماسية”.

قلق في إيران

أما في الداخل الإيراني، فقد أعادت العقوبات هواجس اقتصادية واجتماعية كبرى. فقد سجّل الريال الإيراني انهياراً قياسياً أمام الدولار، حيث بلغ 1.12 مليون ريال للدولار الواحد، فيما ارتفع الطلب على الذهب في بازار طهران. ويخشى كثير من الإيرانيين أن يقود هذا المسار إلى “حرب جديدة”، خصوصاً بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية بدعم أميركي.

وفي مواجهة هذه التطورات، استدعت طهران سفراء فرنسا وألمانيا وبريطانيا “للتشاور”، واتهمت الولايات المتحدة والأوروبيين بـ”سوء النية”. أما الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فرفض بشكل قاطع عرض واشنطن القاضي بتسليم “كامل مخزون اليورانيوم المخصب مقابل رفع العقوبات لثلاثة أشهر”، معتبراً أنّ ذلك “غير مقبول بأي شكل”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us