معادلة معقدة تؤخّر خطة ترامب في غزة… ومخاوف دولية من تحوّل “الخط الأصفر” إلى “جدار برلين الجديد”!

يبدو أنّ المحادثات بين تل أبيب وواشنطن بشأن المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول قطاع غزّة وصلت إلى طريق مسدود، فبينما بدأت الإدارة الأميركية تضغط من أجل تطبيق المرحلة التالية من الاتفاق، لا تزال هناك خلافات جوهرية مع إسرائيل حول كيفية المضي قُدُمًا.
وفي هذا السياق، أشار مسؤول أمني إسرائيلي إلى أنّ “المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة تواصلت على مدار الأسابيع القليلة الماضية، ووصلت إلى طريق مسدود”.
أما أبرز العوائق أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق فتجسّدت أولًا في “مواجهة الأميركيين صعوبةً في تشكيل القوة الدولية التي يُفترض أن تكون مسؤولةً عن نزع السلاح من القطاع، مع عزمهم في الوقت عينه على الانتقال مباشرةً إلى مسألة إعادة إعمار غزّة”.
فيما أكد المصدر الأمني أنّ “هذا الترتيب غير مقبول من جانب إسرائيل التي تتمسّك بعدم إعادة الإعمار قبل نزع السلاح بشكل تام”، معتبرةً أنّ “هذا الأمر يتعارض مع خطة ترامب، إذ يجب أن تكون غزّة منزوعة السلاح”.
كما أضاف المصدر أنّ “الأميركيين غير قادرين على تشكيل قوة أجنبية، لذا فهم يسعون إلى حلول موقتة، وهو أمر غير مقبول حاليًا بالنسبة لإسرائيل”.
إلى ذلك، ذكر مسؤول إسرائيلي كبير أنّ “هذا الوضع الموقت هو الأسوأ على الإطلاق”، مُشيرًا إلى أنّ “قوة حماس تعزّزت في الأسابيع الأخيرة منذ انتهاء الحرب”.
أمّا السبب الآخر الذي أخّر الانتقال إلى المرحلة الثانية فيعود إلى أزمة عناصر حماس العالقين في رفح، إذ لا يزال ما يقارب 100 مقاتل محاصرين في أنفاق تحت الأرض في مناطق في رفح تُسيطر عليها القوات الإسرائيلية، إذ ترفض تل أبيب خروجهم من دون إعلان استسلامهم وتسليم سلاحهم، فيما تطالب حماس في المقابل بخروجهم إلى مناطق خارج السيطرة الإسرائيلية، معتبرةً أن إسرائيل تتخذ من هذا الملف حجةً من أجل رفض الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وكان مسؤول إسرائيلي أكد سابقًا أنّه “إذا تخلّى المئة مسلح المحاصَرون داخل النفق في حيّ الجنينة برفح عن أسلحتهم وتعهّدوا بعدم العودة إلى الإرهاب، فستسمح لهم إسرائيل بالخروج من المنطقة”.
يذكر أنّ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف كان أشار قبل أكثر من أسبوع إلى أن حلّ هذه المسألة سيكون اختبارًا للخطوات المستقبلية في خطة وقف إطلاق النار الأوسع نطاقًا. وأضاف أنه يمكن حلّها من خلال توفير ممرٍ آمنٍ لهم إلى المناطق التي تُسيطر عليها حماس في غزّة.
إلّا أنّ إسرائيل لا تزال ترفض هذا المقترح، مؤكدةً أنها لن تسمح بخروج عناصر حماس العالقين مع أسلحتهم.
وفي هذا الإطار، شدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على أنّ “سياسة إسرائيل واضحة، ولن تكون هناك دولة فلسطينية”، مُشيرًا إلى أنّ “غزّة ستُجرَّدُ من السلاح حتى آخر نفق”.
وقال كاتس في تصريح اليوم الأحد: “سيتم نزع سلاح حماس داخل الخط الأصفر”.
وفي هذا السياق، أفادت وسائل إعلام فلسطينية، صباح اليوم، بوقوع غارة إسرائيلية داخل الخط الأصفر جنوب شرقي مدينة خان يونس.
وأثارت تسريبات إسرائيلية حول خطةٍ لإعادة إعمار مدن فلسطينية داخل قطاع غزّة، خاصةً في المنطقة التي يُسيطر عليها الجيش الإسرائيلي خلف ما بات يُعرَفُ بـ”الخط الأصفر”، تساؤلات عديدة.
فقد أحيت تلك التسريبات مخاوف دولية ومصرية من أن يكون هذا الخط نقطة بداية لتحويل القطاع إلى كِيانَيْن منفصلَيْن، ممّا يهدّد مسار اتفاق الهدنة الشامل الذي وُقِّعَ في شرم الشيخ.
وألمحت تحذيرات عسكرية ودبلوماسية مصرية إلى تحويل “الخط الأصفر” إلى “جدار برلين” القرن الحادي والعشرين.
بدوره، حذّر سفير مصر الأسبق في إسرائيل، عاطف سالم، من الخط الأصفر، مُشيرًا إلى أنّ هناك مؤشرات عديدة تُرجّح تقسيم غزّة بحكم الأمر الواقع بوجود منطقتَيْن، واحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، وأخرى تسيطر عليها حماس.
ولفت سالم إلى أنّ عملية إعادة الإعمار، وفقًا لتصريحات نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، وكذلك جاريد كوشنر، ستقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية حتى لو لم يتمّ الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأضاف أنّ خطة إعادة الإعمار لا تتضمّن أي جداول زمنية أو آليات تنفيذ واضحة، وهناك ربط دائم لعملية الإعمار بنزع سلاح حماس.
وقال إنّه “لا تزال المعضلة الحالية تكمن في تسمية الدول المشاركة في القوة الدولية المُزمع إنشاؤها (ISF) للإشراف على نزع السلاح وإعادة الإعمار”.
وكشف أن العقبات الإسرائيلية المستمرّة، بما في ذلك “الفيتو” على جنسيات محدّدة للمشاركة في القوة الدولية الموقتة، ستُبقي ملف تنفيذ الاتفاق في حالة تجميد مُقلق، ممّا يترك الباب مفتوحًا أمام سيناريو جدار الفصل الجديد في غزّة.
يذكر أن مسؤولين أوروبيين كانوا رأوا أنّه إذا لم يحدث تحوّل كبير في مواقف حماس أو إسرائيل أو ضغط أميركي على تل أبيب لقبول بدور للسلطة الفلسطينية ومسار إقامة دولة فلسطينية فإنّهم لا يتوقعون أن تتقدم خطة ترامب إلى ما هو أبعد من وقف النار.
كما أشاروا مُحذِّرين، الأسبوع الماضي، إلى أنّ الخط الأصفر سيصبح الحدود الفعلية التي تُقَسِّمُ غزّة إلى أجل غير مسمى.
مواضيع ذات صلة :
حروب وتغيير خرائط أربع دول عربية | الضغط الأميركي يتصاعد والوساطة المصرية تتحرّك… لبنان في سباق مع التصعيد! | لبنانيان يفوزان برئاسة بلديتين أميركيتين |




