مضيق هرمز.. شريان الطاقة العالمي على حافة الاشتعال

اقتصاد 19 حزيران, 2025

في قلب الخليج العربي، وعلى امتداد ممر مائي لا يتجاوز عرضه 33 كيلومتراً، يقف العالم على أطراف أصابعه. مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس صادرات النفط العالمية، عاد إلى واجهة الأحداث مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وسط تحذيرات من شركات الطاقة، وقلق متزايد في أسواق الشحن والتأمين.

أعادت إيران التلويح بورقة “مضيق هرمز” مهدده بإغلاقه، حيث قال عضو هيئة رئاسة لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، بهنام سعيدي، في مقابلة مع وكالة مهر الإيرانية إن خيارات بلاده للرد على اعتداءات إسرائيل والدول الأخرى المتواطئة معها متعددة، وسيتم استخدام هذه الخيارات وفقاً لمتطلبات المرحلة والظروف المختلفة.

وأضاف أن نوعية وتوقيت ومكان واستراتيجية تنفيذ الردود الإيرانية على الأعداء، تُحدَّد وفقاً لتقدير قيادات بلاده والقوات المسلحة.

يمر عبر مضيق هرمز أكثر من 21 مليون برميل نفط يومياً، إضافة إلى ثلث صادرات الغاز الطبيعي المسال، ما يجعله أكثر نقاط الاختناق حساسية في العالم. ومع تصاعد التوترات، بدأت شركات الشحن تتجنب المرور عبره، وارتفعت أسعار التأمين على السفن بنسبة تفوق 60%.

إيران.. هل تملك مفاتيح الإغلاق؟

رغم التهديدات المتكررة من طهران بإغلاق المضيق، إلا أن الواقع أكثر تعقيداً. فإيران نفسها تعتمد عليه لتصدير نفطها واستيراد السلع. كما أن أي إغلاق سيضر بحلفائها، وعلى رأسهم الصين، التي تستورد أكثر من 75% من صادرات النفط الإيراني.

ويرى محللو “جي بي مورغان” أن إغلاق المضيق سيكون له تأثير عكسي على الاقتصاد الإيراني، بينما تؤكد “آر بي سي كابيتال ماركتس” أن وجود الأسطول الأميركي الخامس في البحرين يجعل من الصعب تنفيذ هذا التهديد فعلياً.

يأتي التصعيد، بعد أن ذكرت وكالة “بلومبرغ” نقلاً عن مصادر، أن الولايات المتحدة على بعد أيام من توجيه ضربة لإيران، وبالتالي دخول الحرب.

قال الرئيس التنفيذي لشركة “شل”، وائل صوان، إن أي إغلاق لمضيق هرمز سيُحدث “تأثيراً هائلاً” على التجارة العالمية، مؤكداً أن الشركة وضعت خططاً طارئة تحسباً لأي تصعيد. أما “إيني” الإيطالية، فترى أن الأسواق لا تتوقع إغلاقاً فعلياً، بدليل بقاء أسعار النفط دون 90 دولاراً.

وفي تصعيد نوعي، استهدفت إسرائيل منشآت طاقة داخل إيران، من بينها مصفاة “شهر ري” ومستودع “شهران”، ما أدى إلى حرائق ضخمة. كما حذرت “RBC” من أن استهداف جزيرة خرج، التي تُصدر منها إيران 90% من نفطها، قد يُعطّل صادراتها بالكامل.

الأسواق تترقب.. والنفط يتقلب

بعض شركات الطاقة رسمت سيناريوهات لمستقبل أسعار النفط، أكثرها تطرفاً توقع أن يتجاوز سعر برميل النفط مستوى 150 دولاراً، بينما يتداول النفط حالياً حول مستويات 77 دولاراً للبرميل.

مضيقان وأسعار نفط مشتعلة

رغم أن دول الخليج تمتلك هوامش مالية كبيرة، إلا أن اتساع الصراع قد يُهدد قواعد أميركية ويُربك صادرات النفط. أما مصر، فقد تتأثر إيراداتها من قناة السويس في حال تصعيد الحوثيين وعودة استهداف السفن العابرة لمضيق باب المندب بين اليمن وجيبوتي جنوب البحر الأحمر.

مضيق هرمز ليس مجرد ممر مائي، بل نقطة توازن دقيقة بين القوة والاقتصاد، بين التهديد والردع، وبين التصعيد والحسابات المعقدة.

وإذا كانت الحرب لا تزال محدودة، فإن الأسواق تتحرك على وقع الاحتمالات، وكل سيناريو يحمل في طياته مفاجآت قد تُعيد رسم خريطة الطاقة العالمية.

قدر بنك غولدمان ساكس في مذكرة أمس الأربعاء علاوة المخاطر الجيوسياسية بحوالي 10 دولارات للبرميل في أعقاب ارتفاع أسعار برنت إلى 76-77 دولارا للبرميل.

وفي حين أن التوقع الأساسي للبنك هو انخفاض سعر برنت إلى حوالي 60 دولارا للبرميل في الربع الرابع بافتراض عدم حدوث أي اضطراب في الإمدادات، قال غولدمان إن علاوة العشرة دولارات للبرميل تبدو مبررة في ضوء سيناريو انخفاض الإمدادات الإيرانية وفيه يرتفع برنت قليلا فوق 90 دولارا وكذلك السيناريوهات التالية التي يتأثر فيها إنتاج النفط الإقليمي أو الشحن البحري سلبا.

وفي سياق منفصل، توقع بنك باركليز أمس الأربعاء ارتفاع أسعار الخام إلى 85 دولارا للبرميل إذا ما انخفضت الصادرات الإيرانية إلى النصف وكذلك تجاوزها 100 دولار في “أسوأ السيناريوهات”، وهو اندلاع حرب أوسع نطاقا.

وقال غولدمان إن انخفاض تدفقات النفط عبر مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، بنسبة 45% في عام 2025 مقارنة مع عام 2023 يوضح مدى تأثر الشحن البحري بهجمات الحوثيين المتحالفين مع طهران.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us