لقاح “كورونا”.. الفائزون والخاسرون في وول ستريت
تركت أنباء توصل شركة فايزر (Pfizer) وشريكتها “بيونتك” (BioNTech) لقرب إنتاج لقاح فعال ضد فيروس كورونا، وتزامن ذلك مع نبأ توصل شركة إيلي ليلي (Eli Lilly) لعقار خاص بعلاج الأجسام المضادة لفيروس كورونا، بورصة وول ستريت في حالة تذبذب كبير بين صعود وهبوط خلال اليومين الماضيين.
وتناقضت ردود فعل مؤشر ناسداك لأسهم شركات التكنولوجيا مع مؤشر داو جونز للشركات الصناعية بصوة واضحة، في حين أستقر إلى حد كبير مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
ارتفعت مؤشرات داو جونز (Dow Jones) لتصل إلى 7% في بداية تعاملات يوم الاثنين قبل أن تنخفض وتغلق عند متوسط 3%، وتذبذب المؤشر ليسجل نهاية تعاملات الثلاثاء ارتفاعا قدره 0.9% فقط، في حين انخفض مؤشر ناسداك (NASDAQ) بنسبة 1.37% نهاية تعاملات أمس، وحقق مؤشر ستاندرد آند بورز S&P Global) 500) ارتفاعا طفيفا قدره 0.14%.
وعكس التذبذب تفاؤلا كبيرا من جانب رجال الأعمال والشركات في عودة الحياة إلى طبيعتها في وقت أقرب مما خططت له الكثير من الشركات عقب إعلان فايزر أن اللقاح الجديد التجريبي نجح وأنه فعال بنسبة أكثر من 90%.
ثم تراجعت الآمال في تحسن أوضاع الاقتصاد العالمي سريعا عقب تفضيل فايزر أن خطط إنتاج وتوزيع اللقاح لن تجري بالسهولة أو السرعة التي توقعها المستثمرون.
وكانت تقديرات الكثير من المعلقين تشير إلى إمكانية بدء إنتاج وتوزيع اللقاح على نطاق واسع بداية العام القادم، إلا أن خطط الإنتاج والتوزيع المبدئية تركز على إنتاج 25 مليون جرعة من اللقاح وتوزع على الفئات الأكثر عرضة للمخاطر الصحية إضافة للأطباء والمسعفين ومن يعمل في خطوط المواجهة المباشرة ضد فيروس كورونا.
خاسرون
دفع تبعات انتشار فيروس كورونا حول العالم منذ بداية العام إلى غلق المدارس والجامعات والشركات، ويبشر احتمال وجود لقاح لإعادة فتح أجزاء رئيسية من الاقتصاد العالمي التي تم إغلاقها منذ آذار الماضي، بما في ذلك المطاعم والفنادق ودور السينما، أو قطاعات انخفضت نسب استخدامها كالطائرات.
ودفع ذلك لاعتماد قطاعات التعليم والاقتصاد الخدمي والمنتجات الاستهلاكية على بدائل تكنولوجية لإنجاز الأعمال عن بُعد باستخدام تطبيقات تكنولوجية متنوعة، وبسبب هذه العوامل ارتفعت قيمة أسهم شركات التكنولوجيا مثل زوم (zoom) وأمازون (amazon) ومايكروسوفت (Microsoft) بنسب كبيرة وغير مسبوقة منذ بداية العام.
من هنا أدى أنباء قرب إنتاج لقاح فايزر إلى أن تغلق أسهم شركات التكنولوجيا على انخفاض كبير. وتراجعت شركة زوم بعد نهاية تعاملات الثلاثاء 9% إضافة لتراجع يوم الاثنين 17%، وتراجعت شركة أمازون بنهاية الثلاثاء 3.5% وتراجعت اليوم الذي قبله 5%.
في حين تراجعت شركة غوغل (google) بنسبة 1.4% ومايكروسوفت بنسبة 3.4% نهاية تعاملات الثلاثاء.
وأرسلت الأيام الأخيرة رسائل متناقضة لأسهم شركات التكنولوجيا، فمن ناحية ارتفعت حالات الفيروس مرة أخرى في أوروبا والولايات المتحدة، مما أجبر المسؤولين الحكوميين على إعادة فرض عمليات الإغلاق، ومن ناحية أخرى تركت أنباء قرب التوصل للقاح بارقة أمل في سرعة عودة الحياة لطبيعتها، وهو ما يستدعي تقليل الاعتماد على شركات التكنولوجيا.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال شريف عثمان، الخبير المالي بمؤسسة واشنطن آناليتيكا “إنه ومع معاودة ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس تم فرض قيود جديدة خوفا من تفشي الفيروس، لا نعرف متى سيمكن السيطرة على الفيروس على الرغم من أنباء لقاح فايزر”.
فائزون
بسبب زيادة الآمال في العودة للحياة الطبيعية، ارتفعت بشكل حاد شركات الطيران وشركات السياحة، وهي التي ضربها ظهور الوباء بشدة منذ بداية العام.
وارتفع سهم شركة طيران يونايتد بنسبة 19% يوم الاثنين، إلا أنه انخفض بنسبة 0.17% الثلاثاء، في حين ارتفع سهم شركة طيران دلتا بنسبة 17% يوم الاثنين واستمر مرتفعا بنسبة 3.07% الثلاثاء.
وتزامن ذلك مع ارتفاع في أسهم كبرى شركات قطاع الطاقة، وحققت إيكسون موبيل (ExxonMobil) انخفاضا قيمته 0.22% بعدما ارتفعت سهم الشركة يوم الاثنين 12.5%. أما شيفرون (Chevron) فحققت ارتفاعا يوم الاثنين مقداره 15.4% وأغلقت على ارتفاع الثلاثاء وقدرته بـ 4.6%.
حالة من عدم اليقين
ويعود الخبير المالي ليقول “التعافي من أشهر طويلة من الخسائر بسبب الجائحة لن يكون سهلا أو سريعا، خاصة في ظل البيئة السياسية المضطربة في الولايات المتحدة، والتي لا ترسل إشارات ثقة للمستثمرين مع استمرار رفض الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بنتيجة الانتخابات”.
وذكر في حديثه للجزيرة نت أنه “لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها حول الجدول الزمني لتوزيع اللقاح، وينتظر الجمهور بيانات السلامة من شركة فايزر ومن الجهات الحكومية المسؤولة”.
وذكرت فايزر أنها ليست متأكدة من المدة الباقية أمام طرح اللقاح في الأسواق، لكن من المؤكد أن تصنيع وتوزيع مليارات الجرعات سيكون أمرا بالغ الصعوبة، ولن يحدث سريعا.
وقال تيري ساندفين، كبير إستراتيجيي الأسهم في بنك أوف أميركا في حديث تليفزيوني “من المتوقع أن يستمر التذبذب في مؤشرات الأسهم الرئيسية حتى نهاية العام على أقل تقدير”.
وأضاف “حتى الآن لا تزال أسهم شركات التكنولوجيا والمنتجات الاستهلاكية وشركات الاتصالات بين القطاعات المفضلة لدينا على المدى الطويل، لكن أعتقد أنه على المدى القريب، مع وجود علامات على التحسن الاقتصادي في الأفق، سوف نرى تحسنا في أداء شركات الصناعة والطاقة التقليدية”.