“تسرق عمر الإنسان وتهدّد الكائنات البحرية”.. دراسات تكشف تأثيرات خطيرة لموجات الحر!

منوعات 26 آب, 2025

حذّرت منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأرصاد الجوية العالمية (WMO) في تقرير مشترك جديد من تفاقم المخاطر الصحية المرتبطة بالتعرض لموجات الحر الشديد، التي باتت تتزايد مع تسارع وتيرة تغير المناخ، مشيرة إلى أن نصف سكان العالم يواجهون اليوم انعكاساتها الخطيرة.

وأوضح التقرير أن مليارات العمال حول العالم، خصوصًا في قطاعات الزراعة والبناء ومصايد الأسماك، يتأثرون بشكل مباشر بالحرارة المفرطة، ما يهدد صحتهم وأرزاقهم ويؤدي إلى تراجع إنتاجيتهم. وأظهرت البيانات أن إنتاجية العمل تتراجع بمعدل 2-3% مع كل درجة حرارة تتجاوز 20 مئوية.

وتكمل هذا التحذير المشترك نتائج تقارير منظمة العمل الدولية (ILO) التي كشفت أن أكثر من 2.4 مليار عامل يتعرضون للحر المفرط سنويًا، ما يسفر عن نحو 22.85 مليون إصابة مهنية حول العالم.

إلى ذلك، أطلقت الجمعية الطبية ال​لبنان​ية الاوروبية حملة للتوعية والتحذير من موجة الحر التي تضرب لبنان والتي يمكن أن تتكرر خلال فترة الصيف.

وقد بثت الجمعية مقاطع فيديو لاختصاصيين أعضاء في الجمعية يعطون الإرشادات الواجب اتباعها خلال موجة الحر عند المسنين و​مرضى القلب​ ومرضى الرئة.

وختمت الجمعية الطبية اللبنانية الأوروبية بالتشديد على ضرورة الإكثار من شرب المياه وتجنب التعرض للشمس خلال فترة الظهيرة التي تمتد من الساعة ١١ ولغاية ٤ بعد الظهر تقريبا.

تسريع الشيخوخة

في سياق آخر، أظهرت دراسة جديدة أن التعرض المتكرر لموجات الحر يسرّع الشيخوخة البشرية، في تأثير يشبه إلى حد كبير ما يسببه التدخين أو سوء التغذية وقلة النشاط البدني.

وحذر الباحثون من أن درجات الحرارة القصوى، التي أصبحت أكثر شيوعًا بفعل أزمة المناخ، قد تلحق أضرارًا صحية طويلة الأمد بمليارات البشر.

ويُنظر إلى البحث المنشور في مجلة “نيتشر كلايمت تشينج “باعتباره “تحولًا نوعيًا” في فهم تأثير الحرارة على صحة الإنسان، إذ تبيّن أن العمر البيولوجي للمشاركين ارتفع بما يصل إلى عامين، وهو مؤشر قوي على زيادة مخاطر الوفاة.

وأوضح العلماء أنّ التأثير قد يتفاقم مع تزايد تواتر موجات الحر وطول مدتها، خصوصًا مع بلوغ حرق الوقود الأحفوري مستويات قياسية في عام 2024.

وشملت الدراسة التي أوردتها صحيفة “الغارديان”، 25 ألف شخص خضعوا لفحوص طبية دقيقة، منها قياسات لضغط الدم، والالتهابات، والكوليسترول، ووظائف الرئة والكبد والكلى، للمقارنة بين أعمارهم الفعلية والعمر البيولوجي.

وأظهر التحليل أنّ عدد أيام التعرض لموجات الحر كان العامل الأبرز في تسريع الشيخوخة،  ويرجح الباحثون أن تلف الحمض النووي يلعب دورًا رئيسيًا في ذلك.

وعلى الرغم من أنّ التأثير الضار تراجع نسبياً مع مرور الوقت نتيجة تدابير التكيف، مثل قضاء الوقت في الظل أو استخدام أجهزة التكييف، إلا أنه ظل ملحوظاً.

وأكد الباحثون أنّ الفئات الأكبر سنًا والمرضى أكثر عرضة للتأثر مقارنة بالمشاركين الأصغر سنًا والأكثر صحة.

ويؤكد العلماء أنّ فهم هذا الخطر الجديد يستدعي مزيداً من الدراسات، خصوصاً مع النقص في بيانات تتعلق بمدى استخدام الأفراد لمكيفات الهواء، وبرودة المساكن، والوقت الذي يقضونه في الهواء الطلق، وهي عوامل قد تحد أو تزيد من تأثير الحرارة على الشيخوخة.

تأثير خطير على الكائنات البحرية

في المقابل، كشفت دراسة جديدة أنّ موجات الحر في قاع البحر قد تصبح أكثر تواتراً بنسبة 50% في المستقبل، مقارنة بسطح المحيط خلال أشهر الصيف الحارة، مما سيؤثر بشكل خطير على الكائنات البحرية في الأعماق.

ووصفت الدراسة التي أجراها مختبر بليموث البحري النتائج بأنها مثيرة للقلق بالنسبة للأنواع التي تعيش في القاع والتي لن تتمكن من الهروب من ارتفاع درجات الحرارة.

وأكدت الدراسة أنّ العديد من الأنواع تتميز بدرجات حرارة حرجة قد تُسبب مخاطر رئيسية في دورة حياتها، ويُؤدي تجاوزها إلى “نفوق سريع أو تلف الأنسجة”.

وقال الدكتور روبرت ويلسون، الباحث الرئيسي في الدراسة إنّ موجة الحر البحرية هي فترة تشهد درجات حرارة شديدة للغاية، مضيفاً أنه في نهاية القرن، قد تصبح موجات الحر البحرية دائمة.

وأشار إلى أن بعض الكائنات الحية على حافة الهاوية، عندما يتعلق الأمر بمدى قدرتها على التحمل، وقد يكون بعضها من البحار القطبية الشمالية، وأي ارتفاع في درجات الحرارة لهذه الأنواع قد يؤدي إلى قتلها.

وأكد ويلسون أن ذلك قد يؤدي إلى اختفاء أنواع من الأسماك وأعشاب بحرية، مؤكداً أن إحدى الطرق لمعالجة هذه القضية تتمثل في وقف انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وتحدث ظاهرة ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات والبحار بشكل مستمر نتيجة لانبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري العالمي، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، وتغيير أنماط الطقس.

وتهدد الحرارة الزائدة الحياة البحرية، وترفع حمضية المياه. وتدمر التنوع البيولوجي البحري. وفي عام 2024، شهدت المحيطات مستويات حرارة قياسية جديدة، سواء على السطح أو في الأعماق.

وتمتص المحيطات نحو 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن الاحتباس الحراري، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المياه لكن الزيادة في تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تؤدي إلى احتجاز المزيد من الحرارة وتخزينها في المحيطات.

ويتوقع العلماء انخفاض الشعاب المرجانية بنسبة تتراوح بين 70% و90% بحلول عام 2030 إذا وصل الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة، بفعل تأثير انبعاثات الكربون والتلوث البحري وتحمض مياه المحيطات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us