الهجرة غير الشّرعية خيار اللّبنانيين هرباً من الجوع والفقر


أخبار بارزة, خاص 30 تشرين الثانى, 2021

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:

على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان، تكرّرت مؤخراً محاولات الهجرة غير الشّرعية، وعاد النّشاط إلى خطوط تهريب البشر عند الشّواطئ غير المأهولة في لبنان، عبر “قوارب الموت” باتّجاه دولٍ أوروبية، في ظلّ التدهور غير المسبوق للأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة وارتفاع معدّلات الفقر.

فترة رعبٍ حقيقيّة عاشها اللّبناني محمود ك. (33 عاماً) وعائلته على متن “قارب الموت”، الذي نقلهم من طرابلس باتجاه قبرص تمهيداً للذّهاب إلى إيطاليا، وعلى متنه أكثر من 40 شخصاً لبنانياً وسوريّاً.

ويقول محمود “بعد أن فقدت الأمل من حدوث التّغيّرات والإصلاحات في لبنان وبعد الأزمات المتتالية التي ضربت البلاد، قررت الهروب بحثاً عن حياةٍ أفضل وبما أنّ فرص الهجرة الشّرعية محدودةٌ، لجأت إلى الهجرة غير النّظامية سعياً وراء تحسين ظروفي وتأمين عيشة كريمة لعائلتي”.

ويروي رحلته الأولى مع الهجرة غير الشرعية، قائلاً: “بعت كلّ ما أملك من سيارةٍ وأثاث منزل، لكي أسدّد مبلغ 10 آلاف دولار للمهرّب، وبعد اكتشاف أمرنا في قبرص، تمت إعادتنا إلى لبنان والتّحقيق معنا”.

ويتابع “منذ عودتي إلى لبنان وأنا أبحث عن فرصة عمل، وضعي يزداد سوءًا ولا أستطيع حتّى تأمين الطّعام لأولادي”.

ولا يخفي محمود إصراره على تكرار المحاولة، وهو بصدد جمع المال مجدّداً كي يتمكّن من الهرب.

أمّا اللّاجئ السّوري هشام والبالغ من العمر 20 عاماً فعاد إلى منزله في القلمون، بعد أن أقلّه قاربٌ غير شرعيّ مع مجموعةٍ من السّوريين نحو قبرص.

أثناء رحلتهم المخيفة، حاولت دوريّةٌ من الجيش اللّبناني اعتراضهم، لكنّ قبطان السّفينة استطاع المراوغة والوصول إلى قبرص.

ويقول هشام أنّ “الجيش اللّبنانيّ استطاع تتّبع القارب في المياه الإقليمية اللّبنانية ورصد المعلومات عنه، ومن ثمّ تواصل مع السّلطات القبرصيّة لإعادته إلى مكانه، بعد أن كان من المفترض نقل الرّكاب إلى مكانٍ لإيواء اللّاجئين”.

ويتابع “دفعت مبلغ 2500 دولار للمهرّب كي أتمكّن من عبور البحر، بحثاً عن فرصة عملٍ تُمكّنني من إرسال ولو 50 دولاراً إلى عائلتي في لبنان، لكنّ محاولتي باءت بالفشل”.

وفي الإطار ذاته، يوضح مصدرٌ عسكريٌّ لـ “هنا لبنان” أنّ الهجرة غير النّظاميّة تتمثّل بمغادرة الأراضي اللّبنانيّة عبر قواربٍ أو مراكب صغيرةٍ، تنطلق من شواطئ لبنان وتُطلق عليها تسمية “قوارب الموت”، ويلجأ إلى هذا النوع من الهجرة الكثير من الأشخاص الحالمين بحياةٍ أفضل.

ويضيف “مع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، شهدت السّواحل اللّبنانية مؤخراً ارتفاع ظاهرة قوارب المهاجرين المغادرة باتجاه السّواحل القبرصيّة ومنها إلى دولٍ أوروبية”.

ويشدّد على أنّ “قبرص دولةٌ صديقةٌ وحريصةٌ على عدم تدفّق المهاجرين غير الشّرعيين من لبنان، ونحن أيضاً حريصون على ألّا يكون لبنان مصدراً لهروب المهاجرين إلى قبرص عبر البحر، وهذا يستوجب تعاوناً أمنيّاً مع القبارصة ومع الاستفادة من خبراتهم ومساعدتنا بمعدّاتٍ للمراقبة البحريّة للرصد وتتّبع المهاجرين غير الشّرعيين”.

ويتابع المصدر “بعد أن شكّل السّوريون والفلسطينيون النّسبة الأكبر من المهاجرين المغادرين عبر البحر، أصبح اللبنانيون يزاحمونهم على الهجرة لما تشكّله من فرصٍ للهروب من الواقع”. ويتوقّع ازدياد عمليّات الهجرة غير الشرعية خلال الفترة المقبلة، رغم موسم الشتاء والتّخوف من عمليات الإبحار غير الآمنة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، والارتفاع الجنونيّ لسعر صرف الدّولار ما سيؤثر على كل جوانب الحياة المعيشيّة.

ويشير إلى أنّه يتم شهرياً رصد عمليتين إلى ثلاث عمليات هجرة غير شرعية عبر البحر من لبنان، لافتاً إلى أنّه خلال العامين الماضيين تمّ توقيف أكثر من 600 شخص حاولوا عبور البحر باتجاه قبرص، وقد تم خلال التحقيقات معهم الكشف عن هويات المهرّبين وإحالتهم إلى القضاء المختصّ.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us