أيها اللبناني، “أوعى تمرض”!


أخبار بارزة, خاص 1 كانون الأول, 2021

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان” :

قد يكون مشهد الطوابير من أكثر المشاهد التي اعتادها اللبنانيون في الفترة الأخيرة بعد الانهيار الاقتصادي الحاصل وخسارة قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار وفقدان اللبناني كل مقومات الصمود.

فبعد طوابير الخبز والبنزين والغاز، ها هي الطوابير تظهر في مراكز الرعاية الصحية الأولية، التابعة لوزارة الصحة العامة، في مشهد يعيد إلى أذهان اللبنانيين صور الحرب اللبنانية التي دمرت مؤسسات الدولة كلها ومنها القطاع الطبي. فباتت مراكز الرعاية الصحية والمستوصفات في تلك الفترة هي البديل عن المستشفيات وعيادات الأطباء ومراكز تلقيح الأطفال، وإن كانت تلك المراكز موزعة في تلك الفترة طائفياً وحزبياً ومناطقياً.

وللأسف في لبنان، إنها لعنة التاريخ الذي يعيد نفسه من دون أن يعتبر منه اللبنانيون فيقعون في نفس الأخطاء.

بعد رفع الدعم عن الأدوية المزمنة، وعجز اللبناني عن تأمين وشراء الدواء الذي بات يساوي في بعض الأحيان الحد الأدنى للأجور، كان الحل المقترح من وزير الصحة هو اللجوء إلى مراكز الرعاية الصحية الموزعة في المناطق!!!!!

نعم، إنها الحلول على الطريقة اللبنانية.

إلّا أنّ أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول قدرة هذه المراكز على تلبية احتياجات المواطنين، وعن تأمين التمويل لهذه المراكز، وتوزيعها الجغرافي بشكل عادل في المحافظات والمناطق؟

تجيب رئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة العامة د. رندة حمادة على هذه الأسئلة مؤكدة أنّ وزارة الصحة شريكة، عبر هذه المراكز، مع عدد من الجمعيات والبلديات ومؤسسات القطاع الخاص، لتأمين الدواء للمواطنين، موضحةً أنّ هذه المراكز تؤمن الخدمات الشاملة مثل المعاينات الطبية في كل الاختصاصات وبرنامج الأدوية المزمنة لتأمين أكثر من ستين نوعاً من أدوية generique لأمراض القلب والضغط والسكري.

في لبنان أكثر من 248 مركز في كل المحافظات والمناطق اللبنانية، على أن يتم افتتاح عشرة مراكز إضافية في الأشهر المقبلة، وتؤكد حمادة أن هذه المراكز تفتح أبوابها لكل المرضى دون تمييز وتطلب من المواطنين الاتصال على المركز الرئيسي على الرقم 01 830371/2 في حال وجود أي شكوى.

أما عن التمويل، فتوضح أنّ وزارة الصحة بصدد تأمين التمويل اللازم لهذه المراكز، إضافة إلى التعاون مع بعض الجمعيات الأهلية والبلديات. ومن شروط افتتاح هذه المراكز هو أولاً حاجته ضمن النطاق الجفرافي وثانياً وجود الكادر الصحي والطبي اللازم وثالثاً التعاطي بكل البرامج ضمن مواصفات وزارة الصحة.

وتؤكد أنّ هذه المراكز بعيدة كل البعد عن أي عمل حزبي أو سياسي أو مناطقي وتقدم المساعدة لكل طالب لها.

مؤسسة الدكتور وديع الحاج الصحية في منطقة بسكنتا في أعالي المتن الشمالي، تصلح لأن تكون نموذجاً عن هذه المراكز، وعامل ثقة للبنانيين بنوعية الخدمات الطبية التي يمكن أن يحصل عليها أي مريض من هذه المراكز.

عمل المركز بدأ قبل الأزمة الاقتصادية أي منذ العام 2010 ، وبعد خمس سنوات تحوّل المستوصف إلى مركز للرعاية الأولية ضمن شبكة الرعاية الصحية الأولية لوزارة الصحة، ويشرح مدير المركز رازي الحاج لموقع “هنا لبنان” أنّ أي مريض يمكن أن يقصد المركز ليعاينه الطبيب المختص ويقدم له الدواء المناسب.

ويشرح الآلية المعتمدة، أنه بعدما يعاين الطبيب المريض، يتم فتح ملف طبي لشرح الحالة والدواء المطلوب، وبعد الموافقة على الأدوية التي اقترحها الطبيب من قبل وزارة الصحة، يمكن حينها للمريض الحصول شهريا على هذا الدواء.

وطوّر المركز خلال السنوات الماضية عمله ووقع اتفاقيات تعاون مع منظمات دولية كالهيئة الطبية الدولية التي تقدم رزمة من الخدمات كالفحوصات المخبرية وحملات صحية كالصور الشعاعية وتخطيط القلب، إضافة إلى تأمين طبيب وممرض يزوران المسنين في بيوتهم ويؤمنان الرعاية الصحية والأدوية لهم أيضا.

كما أنشأ عيادات نقالة تجوب قرى المتن الشمالي وذلك للتجاوب مع الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر البنزين، ووقع لهذه الغاية اتفاقيات تعاون ثنائية بين المؤسسة والبلديات التي لا مراكز رعاية فيها أو لا مستوصفات، فتمكن من توقيع اتفاقيات مع أكثر من 25 بلدية متنية حالياً على أن يصل العدد نهاية العام إلى 40.

أما عن تأمين الأدوية فيشير الحاج إلى أن المصدر الأساسي هو وزارة الصحة والهيئة الصحية الدولية وجمعية الشبان المسيحيين أو حتى من خارج لبنان، عبر شرائها إذا اضطر الأمر، ويتم توزيع الدواء مجاناً أو مقابل مبلغ مالي بسيط جداً.

إذاً، إنه قدر اللبناني أن يعيش الأزمات ويتأقلم معها، محاولًا تمرير الأزمات بأقل الخسائر الممكنة، أو استنباط الحلول المؤقتة. وهذا هو قدر اللبناني، الذي كان يوما من الأيام يفاخر بوطنٍ كان مستشفى العرب، فيقصده المرضى من كل أصقاع الأرض طالبين الشفاء والطبابة، فتحوّل بفعل فاعل، إلى دولة فاشلة فاقدة لأبسط مقومات الحياة الكريمة.

فيا أيها اللبناني، عليك بالوقاية والصلاة بألا تمرض، لأنّ “الحالة تعبانة” كما يقول زياد الرحباني.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us