مفتاح حل الأزمة اللبنانية – الخليجية: أي لبنان نريد؟!


أخبار بارزة, خاص 7 كانون الأول, 2021

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان” :

صحيح أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح باب الحل لأزمة لبنان مع المملكة العربية السعودية وبالتالي دول مجلس التعاون الخليجي إلا أنه من المبكر الحديث عن توجه جديد للسعودية حيال لبنان إذ أن الخلافات هائلة منذ سنوات في ظل دعوات سعودية مستمرة لإنهاء ما تسميه “سيطرة حزب الله على لبنان” وتصنيف مجلس التعاون الخليجي في العام 2016 الحزب “منظمة إرهابية”.

وقد زادت تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحي عمق الأزمة بعد إخفاقات شابت العلاقة على إثر تصريحات أطلقها وزير الخارجية الأسبق شربل وهبة رأت فيها المملكة “إساءة لها ولشعبها”.

تاريخياً حظي لبنان بعلاقة قوية مع دول الخليج وكان الدعم الخليجي يمثل رافعة للسياسة والاقتصاد في لبنان. واعتبرت دول الخليج العربي لبنان مثالاً للتطور العلمي والفكري والصناعي والزراعي والسياحي ويقرّون دائما بمساهمة اللبنانيين في نهضة دولهم في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ولم تتأثر يوماً العلاقة بين الأفراد .

المشكلة اليوم تكمن على صعيد الدولة بين لبنان ودول الخليج العربي من خلال مواقف استراتيجية وحربية، إذ أن هذه الدول خصوصاً المملكة العربية السعودية والإمارات بحالة حرب مع الحوثيين، ومن الطبيعي عندما يأخذ أي فريق لبناني موقفاً يصنّف فيه الحوثيين كمقاومة تدافع عن نفسها، أن ينسحب ذلك على الدولة اللبنانية بطريقة ما باعتبارها قد اتخذت موقفاً ضدّ السعودية والإمارات. يضاف إلى ذلك التهريب والكبتاغون والخلايا الإرهابية، ما يدفع هذه الدول إلى طرح علامات استفهام حول لبنان الذي يتلقى مساعدات منها ودعمًا للقطاع المصرفي والصناعي والسياحي…

هذه الإشكالية وغيرها طرحها رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية إيلي رزق الذي أكد لـ ” هنا لبنان” أن “السؤال المطروح اليوم لم يعد ماذا تريد المملكة العربية السعودية أو دول مجلس التعاون الخليجي من لبنان، إنما ماذا يريد اللبنانيون من لبنان؟ هل نريد للبنان أن يكون معبراً لتهريب المخدرات أو منبراً إعلامياً للتهجم على دولٍ صديقة؟ أو نريد للبنان أن يكون فارسياً أم عربياً؟ “.

وفيما ترى أوساط دبلوماسية أن الأزمة ليست محصورة بقضية الوزير قرداحي وباستقالته المتأخرة لفت رزق إلى أن “استقالة قرداحي لم تعد مهمة ولا الخسائر المادية التي نتجت عن القرارات السعودية بحق التبادل التجاري مع لبنان، بل إنّ الخسارة الكبرى تقع على سمعة لبنان والانتشار اللبناني والتي كانت تتميز بالإبداع والتفوق والتميّز في المجالات كافة.

هذه السمعة تعرضت للاهتزاز وكذلك العلاقة بين المواطن اللبناني والمواطن الخليجي”.

وسأل رزق في هذا الإطار أسئلة عديدة: “هل لا يزال السعودي ينظر إلى اللبناني بالنظرة نفسها؟ هل لا يزال اللبناني بالنسبة لدول الخليج هو المثقف، المتعلم، المدير الناجح أم أصبح بصورة الإرهابي؟ هل نحن كدولة لبنانية يمكننا أن نكون أكبر قوة سياسية أو عسكرية في المنطقة؟ بالتأكيد لا. ولكن بإمكاننا أن نكون أكبر قوة اقتصادية”.

وهنا أشار رزق إلى “خطأ كبير ارتكب عند توقيع اتفاق الطائف بعدم تحديد دور لبنان فيما تم تحديد هويته كدولة عربية”.

والمشكلة اليوم أن “لا توافق بين القوى السياسية حول دور لبنان في المنطقة فهناك من يعتبر دوره عسكرياً ويرميه في كل الرمال المتحركة في المنطقة، وهناك فريق آخر يرى وجوب أن نكون أصدقاء مع الجميع إلا العدو الاسرائيلي، نحن لا نريد معاداة السعودية كرمى لإيران ولا معاداة إيران كرمى للسعودية، نريد للبنان أفضل العلاقات الاقتصادية والسياحية والثقافية والتجارية مع كل دول العالم إلا مع العدو الاسرائيلي”.

وتحدث رزق عن “خسائر في التصدير إلى السعودية بمليار ومئتي مليون دولار فيما مصانع عديدة في لبنان تتجه إلى الهجرة حتى تتمكن من التصدير إلى السعودية خصوصا أن السوق السعودي والخليجي يشكل حوالي سبعين في المئة من الصادرات اللبنانية لا سيما الغذائية منها، ومئات المستوعبات في المرفأ لا تستطيع الدخول إلى السعودية ما كبّد رجال الأعمال اللبنانيين خسائر لا تعد ولا تحصى في قطاعات عديدة فمن يعوّض عليهم؟”

أمام مفردات “الكرامة والإذلال والابتزاز ” اعتبر رزق أن “الوزير قرداحي لم يخسر شيئا باستقالته، وسأل أين الكرامة بالاستقالة نتيجة ضغط الرئيس الفرنسي؟ الكرامة كانت فيما لو استقال بقرارٍ منه ورضوخاً لضميره وكرامته.”

وأكد أنه لا يجب “أن نتحمل تبعات تدخل أي لبناني في حرب اليمن، كما أن ذلك لا يلزم الحكومة اللبنانية. إنما على اللبناني أن يضبط حدوده وسيادته ويمنع أب لبناني من تهريب المخدرات إلى السعودية من لبنان أو أن يكون منبراً إعلامياً للتهجم على دول الخليج”.

ولم يغفل رزق الإشارة إلى أن “حزب الله لم يرضخ لضغوط رجال أعمال لبنانيين أو قوى اقتصادية بقدر ما يرضخ للضغوط من قاعدته الشعبية بسبب الوضع المعيشي وتضررها بشكل مباشر من السياسات التي يعتمدها الحزب”.

أما الحل فيكون بـ “اتفاق وطني للتأكيد على دور لبنان الاقتصادي إذ لا يمكن أن نتعايش في لبنان بين ثقافة الحياة وثقافة الموت، وبين من يريد علاقات اقتصادية مع دول العالم ومن يريد محاربة العالم كله. أما مواقف القوى السياسية فيجب أن تكون لخدمة اقتصاد لبنان عوضًا عن أخذه رهينة لمواقفها السياسية خدمة لمصالح دولة أجنبية”.

وختم رزق: “الكرامة في الغربة وطن والذل في الوطن غربة،أين الكرامة في ظل العيش من دون كهرباء وماء والوقوف في طوابير الذل؟”

وسأل حزب الله وجمهوره: “هل أصبحت قضية الدفاع عن السوريين والعراقيين والحوثيين أهم وأسمى وأقدس من قضية الدفاع عن مصالح اللبنانيين مقيمين ومنتشرين؟ “.

لبنان اليوم أمام مبادرة ترمي الكرة في ملعبه من خلال تنفيذ خطوات عملانية تمهد لعودة العلاقات اللبنانية – الخليجية، الخطوة الأولى كانت استقالة الوزير قرداحي فهل تكون بداية لفتح صفحة جديدة في ظل التطورات المتسارعة الحاصلة في المنطقة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us