خلاص اللبنانيين بـ “التفكير خارج الصندوق” وإلا… مكانك راوح!


أخبار بارزة, خاص 10 كانون الأول, 2021

كتب مازن مجوز لـ”هنا لبنان”:

يقول يوهان غوتيه “لا تحاول أن تحلم أحلامًا صغيرة لأنها تعتبر غير قادرة على تحريك القلوب”.

وفي لبنان الطبقة الحاكمة تلهي شعبها بالأحلام الصغيرة، كي تنسيه أن ينتفض سعياً إلى تحقيق أحلامه الكبيرة .

منذ متى كان يحلم اللبناني بالحصول على عبوة حليب أو كيس حفاضات لطفله؟ أو على “تنكة مازوت” يضعها في خزان المدفأة تقيه وعائلته برد الشتاء لأيام معدودة؟ فحتى العسكري الذي نفتخر به ونعتز بهدلتموه وأوصلتموه إلى هذا الذل، إذ كيف لابنه أن يراه بطلاً وهو ساكت عن حقه، وكرامته تُهان على الطرقات بانتظار الفرج على يد سائق تاكسي أو “فان” يرضى بإيصاله إلى مقر عمله أو مكان إقامته مقابل مبلغ لا تسمح له ميزانيته بدفع أكثر منه؟

والغريب، لا بل من المؤكد أن المسؤولين في بلاد الأرز، قد سمعوا دعوات الأمهات الثكالى بحقهم أو دعوات من ودع محبيه الذين هاجروا دون عودة، بحثا عن سبل عيش كريم. ماذا ينتظر اللبنانيون ومن ينتظرون؟ ولماذا؟ وإلى متى سيبقون مرتاحين على لائحة الانتظار؟ متناسين متطلبات “الحلم الأكبر”.

برأي مارتن لوثر كينغ “لا أحد يستطيع ركوب ظهرك، إلا إذا كنت منحنياً”، دعوة ضمنية إلى تغيير “الوضعية”، وعندما أقرأ قول الله (سبحانه وتعالى) فى سورة الرعد “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” فإنني أرى فيها دعوة إلى التغيير لا تزال كفيلة بأن تقود اللبنانيين إلى فرج عظيم خصوصاً لمن يُنشد الأمان وراحة البال برأس مرفوع، ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن.

صمتٌ غريب يُطبق على المكان والزمان ويمتد ليشمل شريحة واسعة من اللبنانيين الخانعين بإرادتهم، هي الشريحة نفسها التي قالت لحكامها بالأمس القريب ما هو أقوى من “سنكون لكم بالند للند”.

صحيح أنه شعب يتأقلم مع كل الظروف الصعبة، لكنه اليوم تأقلم مع واقع غير مسبوق في مرارته، حتى أصبح الهم والألم والقهر والجوع والفقر .. والذل جزءاً من يومياته.

“المطلوب ثورة إنقلابية بوجه كل من في الطبقة الحاكمة، وعلى كل النظام الفاسد الذي أوصل الشعب إلى هذه الحالة. لكن متى يحصل هذا التغيير لا أحد يعلم” بثقة تؤكد الدكتورة ليلى شمس الدين، والباحثة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، التي تؤكّد لـ” هنا لبنان ” أن اللبنانيين اليوم بحاجة إلى تكتلات وتحركات ضاغطة بوجه حكامهم، طبقةٌ لا تزال منفصلة عن واقع اللبنانيين ومعاناتهم.

بالطبع هناك جانب مضيء في كل فشل، درس لنتعلم منه ويساعدنا على تحقيق النجاح، لكن الثابت أن لهذا النوع من النجاحات طرقها، وهنا تعلق شمس الدين “بالتأكيد هناك مسؤولية كبيرة على عاتق اللبنانيين، والمحطة الأهم كي نعرف ما إذا كان قد تعلم من دروس الماضي تكمن في الانتخابات النيابية المقبلة”.

ببساطة اللبناني يعيش اليوم من قلة الموت، وتبدي شمس الدين إستغرابها إذ أن “معظم اللبنانيين غير قادرين على التحمل، ولكن لم نرهم يقومون بأي تحرك رفضاً للواقع القهري الذي يعانون منه بشدة، الشعب تخدر، اعتاد، يئس، والرهان على عدم تحركه رهان كبيرٌ جداً من قبل المنظومة الحاكمة وقادة الأحزاب الذين يسيّرون جزءاً منه”، متسائلة: “أين هي الثورات المتواصلة ضد الغلاء الفاحش الذي أصاب كل حاجياته اليومية؟”.

أيّاً كان ما يحقق الفرج للبنانيين، فهو بالضرورة يجب أن يبدأ من نقطة معينة، وهذا ما تفسره شمس الدين “ما يحتاجه اللبناني اليوم هو التفكير في عدة اتجاهات، أهمها المباشرة بتغيير نمط تفكيره ورفضه الحياة التي يعيشها، والأهم أن يعلم أن الأزمة مستمرة أقله حتى عشر سنوات وربما تتعقد أكثر، وأن لا حلول قريبة الأجل لها”.

يرى روبرت ستيرنبيرغ، الأستاذ بجامعة كورنيل (من أعرق وأغنى الجامعات الأمريكية) أنّ “الذكاء ليس مجرد درجة في إختبارات الذكاء، لكنه يكمن في القدرة على أن تحدد ما الذي تريده في الحياة، وأن تجد الطرق الكفيلة بتحقيق ذلك”. حتى لو كان ذلك يتطلب المعرفة المؤلمة لجوانب الحمق والغباء في شخصيتك.

ومن هنا تطرح شمس الدين “التفكير خارج الصندوق” كي يصبح اللبنانيون فاعلين وقادرين على تصويب دفة الأمور إلى واقع أفضل تُحفظ فيه كرامة الإنسان وتصان فيه حقوقه.

كيف لا؟ و “التفكير خارج الصندوق” يعني أن تدع كل تجاربك وأفكارك ومبادئك جانباً لتأتي بحل جديد لا يعتمد على أي شيء موجود داخل الصندوق، أن تترك لعقلك أن يختبر كل فكرة مهما كانت سخيفة أو غريبة دون ترشيح أو إنتقاء، هي مهارة بالأساس ترتكز على قدرتك على الإبداع وعلى الهروب من الجدران التي رسمتها لك المنظومة الحاكمة وصولاً إلى رؤية الصورة الكاملة المخفية عنك. هو مفهوم يستحق التمعن بشكل أكبر في واقع لبنان المتغير… والشديد التعقيد.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us