شارل مالك كان يعلم… حنكش لـ “هنا لبنان”: رئيس الجمهورية عاجز وقيمته الديبلوماسية في الخارطة العالمية بحدود الصفر.


أخبار بارزة, خاص 19 كانون الأول, 2021

كتب طوني سكر لـ”هنا لبنان”:

يقول الديبلوماسي الأول بتاريخ دولة لبنان، المفكر شارل مالك: “إنّ عصورَ الخلق والإبداع وعصورَ العقْم والانحطاط تتناوبُ في الزّمن، فإذا التاريخُ سلسلةٌ متواصلةٌ متفاعلةٌ للقِمم التي تتخلّلُها الفجواتُ والوديان”.

هذه المقولة يوم كتبها شارل مالك كان يعلم إلى درجة اليقين أن لبنان سيُحكم من مجموعة من المنحطين والمستزلمين للسلطة والمال، كان يعلم مالك أن لبنان شرعة حقوق الإنسان آنذاك سيكون ممسحة لأبسط الحقوق في العيش الكريم، كان يعلم بأن لبنان سيبقى محط أطماع الخارج وانبطاح الداخل، كان يعلم أن نهائية الكيان اللبناني لن تحصل إلا بسحق مرتزقة الداخل، كان يعلم أنه سيمر على المارونية السياسية التي أحب وسيجلس على كرسيها الأول “هاوي سلطة” عزلته ديبلوماسية الشرق والغرب لأنه لم يكن يوماً صاحب حقٍّ بوجه من يريد السيطرة على لبنان وتحويله إلى جزيرة في محيطه العربي والدولي، وبدلاً من منارة الشرق كان يعلم مالك أن لبنانه سيصبح عتمة قاتمة لا تصدر إلا الشرور والإرهاب بين الشرق والغرب…

وأكثر ما كان يعلمه شارل مالك أنه مهما عظمت قوة الشر ومهما تكاثر المتآمرون ستنتصر حقيقة لبنان…

وفي حديث خاص لموقع “هنا لبنان” اعتبر عضو كتلة حزب الكتائب النائب المستقيل الياس حنكش أن “رئيس الجمهورية الذي كان مفترضًا أن يكون الرئيس القوي ويملأ مكانه، هو اليوم عمليًّا رئيس عاجز، عاجز عن كل شيء، فهو عاجز عن إنقاذ لبنان، وعاجز عن زيارة بلد، لكي لا نقول غير مؤهل أو مرحب به، هو غير قادر أن يعطي لنفسه أو لهذا البلد دورًا يقدر فيه على الاتصال أو التواصل ديبلوماسيًّا”.

وقال عن عدم زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرئيس عون “أن بيار دوكان على مستواه استقباله قيمة مضافة للبلد، واتصال الرئيس الفرنسي برئيس الحكومة نجيب ميقاتي وليس برئيس الجمهورية يعني الكثير، فرئيس الجمهورية غير قادر على إنقاذ بلد يغرق، فكل يوم يقولون اليوم ومن ثم غدًا، وعلى هذا الإيقاع يسير الدولار إلى الثلاثين ألف ليرة، فلا كهرباء ولا اتصالات، وقطاع تربوي وصحي منهار، وأضف إلى ذلك الملف البيئي بأسوأ مستوياته فكل المساحات الخضراء على مشارف الانقراض والثروات البحرية أيضاً. فلا شيء على ما يرام في هذا البلد”.

وأردف “أما على الصعيد الاقتصادي فلا ثقة بدولتنا من كافة الدول المحيطة أو المؤثرة علينا، كل ذلك لأن لدينا رئيس جمهورية عاجز، وحكومة أضداد. من هنا نحن كنا مع حكومة مستقلين لأنه عند كل مفترق يقع الخلاف، فكان من المفترض أن يكون رئيس الحكومة قادرًا وجامعًا، فهو اليوم غير قادر على الدعوة لاجتماع”.

وزاد “رئيس الجمهورية وموقعه ودوره وقيمته الديبلوماسية على الخارطة العالمية هي بحدود الصفر، فبكل تاريخ لبنان لم نصل إلى هذا المستوى من الدرك على صعيد العلاقات الدولية والدبلوماسية، والتعاطف الدائم الذي كان يحظى به لبنان في السابق والذي كان ناتجًا عن أمثولة “قوة لبنان بضعفه”، والتعاطف الذي كانت تكنه لنا دول الخليج والدول الداعمة لم يبق منه شيء اليوم، وهذا ناتج عن سوء أداء وسوء إدارة رأس الدولة المتمثل برئيس الجمهورية”.

وعن رأيه بآراء الديبلوماسية الأوروبية التي تقول “الرئيس عون لم يعد مرغوباً به”، قال حنكش: “الرئيس عون ليس مرغوبًا به بالنسبة لنا ليس من اليوم بل من قبل ولذلك لم ننتخبه ولم ندخل بتسوية انهارت بعد ستة أشهر ولم تأتِ للبلد إلا بالانهيار”. وعن رأي المجتمع الدولي قال إن “المجتمع الدولي بكل صراحة هو من سهّل وصول الرئيس عون للرئاسة بالتالي المجتمع الدولي لديه أيضاً أخطاؤه، وأعطى في بعض الأوقات الأوكسيجين لأشخاص ليست بأهل له، ومن هذا المنطلق أتى الرئيس ماكرون إلى لبنان وفي المرتين عوّم هذه السلطة، التي كان من المفترض بها أن ترحل إلى المنزل على هول هذا الانفجار، ومن هنا أتت استقالتنا من المجلس النيابي لكي نزيل هذا الضغط في حين بقيت السلطة متمسكة بكراسيها، فالمبادرة الفرنسية لم تأتِ بأي شيء، لذلك المجتمع الدولي مخطئ وهو من غطّى وصول عون إلى سدة الرئاسة”.

أما من ناحيتها فقد علقت الدكتورة في العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية منى الباشا عن عدم زيارة دوكان لعون وقالت: “حسب ما صدر في الصحف ومصادر مقربة في السفارة الفرنسية، أنه تم وضع الزيارة في إطار الزيارة التقنية للإدارات المتخصصة، فوضعها في هذا الإطار هو لكي لا يكون هناك أي نوع من الخرق للأعراف الديبلوماسية المتعارف عليها بين الدول خاصة بين لبنان وفرنسا، ومما لا شك فيه أنه بالرغم من وضع الزيارة في الإطار هذا إلا أن رسالة معينة يحاول الفرنسي إيصالها لرئيس الجمهورية ومن خلاله لحزب الله لأنه أكثر جهة تعرقل الخطوات الإصلاحية في لبنان”.

وعن اتصال ماكرون عند زيارته للعاهل السعودي بالرئيس ميقاتي بدلاً من الرئيس عون اعتبرت الباشا أنّ “الفرنسيين لا يريدون المرور برئيس الجمهورية كما هو واضح ولا يظهرون ذلك بشكل راديكالي، ولكن بهذه الطرق يوصلون له رسالة بأن الوضع في لبنان خطير جداً ولا يقتصر على الشق الاقتصادي والمعيشي أو النقدي، بل أيضاً هناك صورة لبنان ونظامه السياسي ودوره وكل هذا موضوع في موقف دقيق. فرئيس الجمهورية يغطي شرعيًّا فريق حزب الله والمجتمع الدولي يطالبه بأخذ موقف بهذا الشأن للتمكن من إخراج لبنان من أزمته. فنحن اليوم في ظل كباش على المستوى الإقليمي والدولي بين إيران والدول الداعمة لها من جهة والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، فالوضع في لبنان شائك ومعقد والفرنسيون يحاولون على قدر المستطاع استنهاض الوضع في لبنان ورسالتهم لرئيس الجمهورية واضحة، وعلى ما يبدو أن رئيس الجمهورية قد فهم الرسالة عبر الموقف الذي أطلقه في حديثه أمام وفد من نقابة المحررين تجاه حزب الله”.

واعتبرت الباشا أن “موقف الرئيس الأخير تجاه حزب الله ملطّف ولا يتسم بطابع التشدد فالمطلوب موقف حازم بهذا الشأن”.

وعن ما إذا حصلت سابقة ديبلوماسية كالتي نمر بها اليوم قالت الباشا: “عند التجديد للرئيس إميل لحود في آخر عهده، كان هناك مقاطعة وعزل ديبلوماسي له، وذلك باعتبار أن التجديد للحود لم يكن شرعيًّا وكان بوقت صدور القرار ١٥٥٩ وثورة الأرز من بعده. ولكن الأمر مختلف اليوم ووقتها لم يكن المستهدف حزب الله كما هو اليوم، الهدف يومها من مقاطعة لحود كان خروج الاحتلال السوري من لبنان. اليوم المشكلة معقدة أكثر، فيومها كانت الدول الخليجية والعربية إلى جانب لبنان، أما اليوم السعودية ودول الخليج مشكلتهم مع حزب الله المتدخل في الأزمة اليمنية، كما ازدياد النفوذ الإيراني في المنطقة.

يومها كانت المقاطعة للحود بشخصه أما الحكومة وقتها فكانت في مكان آخر، أما المقاطعة اليوم هي لكل هذه السلطة وخاصة من الدول العربية وآخر تجليات هذه المقاطعة البيان البحريني الأخير وذلك بهدف الضغط على السلطة لأخذ موقف حازم بشأن حزب الله، بالمقابل ميقاتي يحاول أن يبقى ما بين بين”…

وأضافت “لكي تصحّ الأمور في لبنان على القوى السياسية أخذ موقف من حزب الله المصنف إرهابي دولياً عندها بإمكان المجتمع الدولي التدخل لحل المشاكل في لبنان، ولن يكون هذا التدخل الأول للأمم المتحدة في دول تحت غطاء الفصل السابع، فعندما تتحد القوى السياسية بوجه سلاح حزب الله ومشروعه بإمكان المجتمع الدولي التدخل لمساعدة لبنان، وطالما الرئيس عون يغطي حزب الله ولا يطلب المساعدة لا أحد بإمكانه أن يفعل شيئاً، وبالرغم من أن طلب التدخل يتطلب موقفًا مشتركًا من الرئيس والحكومة، إلا أنه بإمكان الرئيس عون رفع الغطاء عنه. الرئيس عون لا يقوم بهذه الخطوة لأن له منفعة من الفراغ الذي نحن فيه فهدفه هو تمهيد الطريق لجبران باسيل لتولي رئاسة الجمهورية من بعده وهذا الشيء غير مستور. فعون يريد الاستفادة من الوضع قدر المستطاع كما فعل في العام ١٩٩٠”.

وختمت الباشا بالقول بأن “حزب الله المركز الأساسي لهذه العقدة الموجودة في لبنان فهو السبب في هذه المقاطعة الدولية والديبلوماسية لرئيس الجمهورية، فحزب الله يستفيد من شخصية وطريقة عون وتفكيره ومن تمسكه ببعض المصالح الخاصة، لكي يتمكن من تحقيق أهدافه السياسية في لبنان، وهدفه أكبر بكثير من المثالثة وذلك عبر تكريس أمر واقع على الأرض بحكم الأكثرية الشعبية وبحكم تسلطه على الإدارة واستعماله لفائض القوة، ويحاول حزب الله ومن خلفه إيران تعويض خسارتهم في العراق وظهور معارضة شيعية كبيرة لمشروعهم في العراق والمنطقة”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us