في ليالي الميلاد… الفقر يدقّ أبواب اللبنانيين!


أخبار بارزة, خاص, مباشر 22 كانون الأول, 2021

كتبت ريتا بريدي لـ “هنا لبنان”:

إنّها فترة الأعياد المجيدة، نعم تلك التي ننتظرها من سنةٍ إلى أخرى كي نحتفل مع العائلة والأصدقاء والأقارب حول مائدة الميلاد، ولكن مهلاً!
زينة الشوارع خافتة حزينة، الفرحة موجودة ولكن الحرقة تخنقها… من يحاول إخفاء هذه التفاصيل وغيرها عن أحوالنا فكم هي عظيمة خطيئته بحق أهله!

تعالوا نلقي نظرة على وضع الشعب اللبناني مع هول الكوارث التي انهالت عليه تباعاً خلال ليالي الأعياد: الفقر يدق أبواباً كثيرة؛ لنبدأ مع المواد الغذائية التي تصرخ هي نفسها من على أعلى رفوف السوبرماركات والمتاجر من أسعارها الكارثية، فكيف المواطن؟ أمّا حبشة العيد فأصبحت ممنوعة على أصحاب الدخل المتوسط. وبعد… أتعلمون كم من عائلة لم تتمكن من شراء الهدايا لأطفالها والكذبة الأكثر رواجاً “سانتا كلوز لديه كورونا”… وبين النكتة والمهزلة ضاعت أمنيات هؤلاء الأطفال التي كُتبت على الأوراق وبقي المُرسل إليه غائباً بلا جواب.
أمّا أسعار المحروقات فحدّث ولا حرج، فبينما جميعنا نعلم بواقع تلك الأرقام التي أصبحت صعبة هناك من لا يجد القدرة على تأمين ولو ربع تنكة مازوت لتدفئة بيته، وماذا عن الكهرباء والمولدات الكهربائية، فأنتم أدرى بالواقع!
أينما توجهنا في هذه الأوقات ومع كل من نلتقي بهم، الحديث نفسه نسمعه، أسئلة موحدة تُطرح علينا ونحن جميعنا لا نجد الإجابات المنطقية للرد على ما يدور من حولنا عن ليالي هذه الأعياد العزيزة على قلوبنا.

وفي هذا السياق، عدا عن كل الأحوال والظروف التي حلّت على اللبنانيين طيلة هذه الأشهر، لا بل طيلة هذه السنوات؛ فإن غابت أيضاً بهجة الأعياد كيف سيؤثر ذلك على الناحية النفسية عند البالغين والأطفال؟

يوضح الأخصائي بجروحات الصدمات النفسية إيلي عسّاف أنّ الشعب اللبناني خصوصاً الأشخاص الذين شهدوا على ويلات الأزمات والحروب التي مرّت على لبنان، اليوم يعيش بحسب فئات معيّنة، أي نرى فئة من الأشخاص الذين أثّرت بهم الحروب فنجد لديهم نوعًا من الصدمات الصامتة داخلهم، وآخرين يعيشون بجروحات نفسية وصدمات ظاهرة في حياتهم أو شخصيتهم.
واكتملت جروحات الصدمات مع ما شهدنا عليه بانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب عام 2020 وبالطبع الأزمة الإقتصادية الخانقة.
وأضاف أنّ الجيل الجديد يكتسب التربية والمواطنة من الأجيال التي عاشت مأساة وخسائر وحروب، فنعم إنّ الأزمات النفسية والصدمات قد تنتقل، فمثلاً عندما يرى الأولاد التوتر داخل المنزل والقلق الدائم الذي يعيشه الأهل فبطبيعة الحال ستؤثر هذه العوامل عليهم أيضاً.

وشرح عسّاف عن مراحل الصدمة التي يمرّ بها الإنسان، فعند وقوعه بمصيبة أو مشكلة حدثت في حياته وأثرت عليه بشكلٍ مباشر، هنا يباشر بمرحلة الإنكار والغضب، أمّا المرحلة الثانية فهي الأمل المفقود، وللأسف في هذه الأوضاع التي نعيشها أصبحت الحلول معدومة، وبالنسبة للمرحلة الثالثة من الصدمة النفسية فهي المرحلة الجديدة عندما يقرر الشخص بنفسه إيجاد المخارج من الأزمة التي حلّت عليه.
وأشار عسّاف إلى أنّه من الضروري أن يتعرف كل مواطن وكل شخص على هذه التأثيرات وبذلك يعكسها على حياته ويتمكن من معرفة إذا ما كان يمرّ بصدمة أو بمشاكل نفسية يجب إيجاد الحلول لها.

وعن فرحة الميلاد عند الأطفال وغياب هذه الميزة في حياة البعض منهم، أوضح عسّاف أنّه علينا معرفة أنّ هذه السنة ستكون بالطبع مختلفة، وبالعودة الى السنوات الماضية نرى أننا لربما كان من الخطأ أن نعتاد على فكرة أنّ الأعياد المجيدة ترتكز على الهدايا، المائدة الممتلئة بالأطعمة، السهرات، التسوق… ومختلف الأمور غير الأساسية.
لذا من النصائح التي وجهها عساف، أنّه يجب علينا في هذه الأيّام تعزيز أفكار جديدة داخل بيوتنا حول الأعياد مثل أهمية أن تجتمع العائلة، الحبّ الذي تتشاركه أفراد هذه العائلة في تحضير ليلة العيد، مشاركة الأفكار والأجواء الجميلة بين بعضهم البعض وغيرها من الأمور التي تقلل من خطر المشاكل النفسية التي قد يتعرض لها الأطفال بسبب العوز أو عدم القدرة على الاحتفال بالأعياد كما سبق.

وكنصيحة للأهل، يقول عسّاف أنّه من المهم الانتباه للأطفال الذين قد يؤثر عليهم عدم حصولهم على الهدايا أو الأغراض التي يريدونها، وقد لا تظهر التأثيرات بعد سنة أو ثلاث سنوات، بل قد تبقى تلك المشاهد في ذاكرتهم حتى بعد عدة سنوات، من هنا إنّ الحوار مع الطفل هو من أهم العوامل التي تساعد على حمايته، وحماية صحته النفسية ليس فقط في هذه المرحلة بل على الدوام.

بمواجهة هذا الواقع، دعونا لا نفقد جوهر الأعياد المجيدة، ومع ذلك لنتذكر أنّ أكثر ما يُحزن القلب هم الناس الذين ما عادوا قادرين أن يستمروا بهذه الأحوال ولا يوجد من يسمعهم، ولا من يصدقهم. فإنّ أبشع ما يمكن رؤيته هم الأشخاص الذين لا يحصلون على وجباتهم الكاملة الضرورية والأدوية التي تشفي وتبلسم أمراضهم، وتلك العائلات التي لن تتمكن من عيش روعة وبهجة الأعياد، وأكثر ما يدمي القلوب هم الأطفال الذين لن يفرحوا بلعبةٍ وهدية العيد، وبالمقابل دمعة أعين أهلهم تمزق الفؤاد.
أكثر ما يُحزن أننا نقف أمام كل ما يجري بصمت؛ نرى ونسمع ونشهد على هذه الأوضاع وكأننا نتماشى ونتأقلم معها.
أكثر ما يجرح هو حالتنا، حالة الوطن والشعب… فكفى لا بد من حلول عاجلة تنتشلنا مما نواجهه بمختلف يومياتنا وأعيادنا في لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us