الحلول الخضراء لمشكلة الكهرباء… لا أهلاً ولا سهلاً بك في لبنان


أخبار بارزة, خاص 23 كانون الأول, 2021

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان” :

لا يعنيها نقص المازوت ولا انقطاع “كهرباء الدولة”، كفرمشكي بلدة لبنانية تعيش بلا دخان ولا ضجيج المولدات الخاصة، ولا معاناة غياب التيار الكهربائي، إذ لا وجود لهذه المولدات أصلاً، بفضل اعتماد أهلها على الطاقة البديلة في إنتاج الكهرباء، لا بل إنها تتمتع بفائض “كهربائي” تبيعه للدولة من خلال أعمدة الإنارة.

وكما هو التوجه الأخضر السمة الأبرز لهذه البلدة الواقعة في البقاع الغربي بفضل جهود رئيس بلديتها، فهو كذلك بالنسبة لبلدة قبريخا الجنوبية بفضل جهود رئيس بلديتها السابق ومشروع سيدرو التابع للـ UNDP، حيث توفر الكهرباء لسكانها حاليا بمعدل 7/24.

ينعم لبنان بمعدل 280- 300 يوم مشمس على مدار السنة، طاقة كانت كافية لتشكل حافزاً عند القيمين على هاتين البلدتين النموذجيتين الصديقتين للبيئة للتفكير باستثمارها، وربما يحقّ لنا أن نتهم أهالي كفرمشكي بأنهم يعيشون على كوكبٍ آخر عندما نعلم أن فاتورة الاشتراك الشهري للمنزل الواحد تبلغ حوالي 30 ألف ليرة.

نعم إنه التعاون لمصلحة الجميع.. إبداع الإنسان للبدائل هو مصدر الميزة التنافسية، مع مفهوم الابتكار، وبالتأكيد يتطلب القدرة الخلاقة لحل المشاكل عن طريق التفكير، وإذا كانت طاقة الشمس والرياح تشكل طاقة المستقبل المستدامة والنظيفة في معظم دول العالم، فلماذا ندعها تضيع هدراً عندنا؟ أوليس من المعيب أن لا نرى تعميماً لهذه التجارب الناجحة على امتداد الـ 10452 كلم مربع؟

“إنه الفساد والمصالح الشخصية والسمسرات، فكل حل يتضارب مع مصالح الطبقة السياسية والزعامات وحتى لو كان لصالح الدولة والشعب المغلوب على أمره سترفضه”، يعلق الخبير بالبيئة والتنمية المستدامة الدكتور عمر الحلبي لـ “هنا لبنان”، معتبراً أن المشكلة ليست في الحلول المستدامة الصديقة للبيئة، بل في محاربتهم لها بـ “التكافل والتضامن” لأنها حلول لا فائدة “دسمة” يجنونها منها لجيوبهم.

بالطبع، بات اللبنانيون جميعاً يعلمون بأن قطاع الكهرباء يتميز عن باقي القطاعات بكلفته الهائلة، وخسائره الكبيرة التي بلغت أرقاماً قياسية بالنسبة لبلد صغير، حيث تجاوزت الـ43 مليار دولار، وكانت من أبرز الأسباب في أزماته الاقتصادية والمالية والمعيشية الحالية، وبدل الاعتماد على الحلول المستدامة العملية، نجد الظلمة الشاملة تهدد أكثر من نصف اللبنانيين لعدم قدرتهم على الاشتراك بالمولدات الخاصة في ظل انقطاع شبه تام لكهرباء الدولة.

“الحلول الخضراء” كثيرة وآخرها الخطة التي اقترحتها كارول عويط، الخبيرة اللبنانية في تمويل مشاريع الطاقة في أيلول الماضي، والقائمة على بناء معملين للكهرباء في دير عمار والزهراني يعملان بالغاز الطبيعي ويتبعان شركة جديدة، اسمها Gencos، تُدار من قبل شركة عالمية؛ بالتزامن مع تحديث الشبكة الكهربائية وتركيب عدادات ذكية وتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة.

وهكذا، سيحصل اللبنانيون على الكهرباء على مدار الساعة، وستعمل معامل الكهرباء على طاقة أنظف وأكثر استدامة وموثوقية، وستنخفض فاتورة استهلاك الكهرباء بنحو ملياري دولار سنوياً. لكن لا موعد لموقف نهائي قريب للحكومة الحالية منها، مع علمها بها منذ الإعلان عنها.

في مثال آخر على أن الحلول المستدامة أكانت تعتمد على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح غير مرحب بها سياسياً، يستذكر الحلبي الإهمال والتجاهل الرسمي منذ سنوات حيال الهبات التي وصلتنا من الصين، والتي هي عبارة عن نماذج مجانية لتركيب الطاقة الشمسية، “حتى أن الكثير من الأدمغة اللبنانية عملت على تطويرها من ناحية نوع البطارية، وجهاز تخزين الكهرباء، وتقنيات الاستفادة من أشعة الشمس”، ليؤكد أن العوائق سياسية بامتياز “السياسيين شوهوا كلمة السياسة، والتي تعني فعلياً “فن الإدارة” وحولوها إلى فن الكذب والمراوغة”.

الأدلة على المراوغة كثيرة وهي مزمنة حتى أن بداياتها في هذا القطاع تعود إلى أوائل التسعينيات، وفي هذا السياق يكشف الحلبي “كانوا يفتشون عن كل شيء في المعامل (معامل الإنتاج) يحتاج إلى صيانة أكبر، وكلفة تشغيل عالية، وعلى مواد أولية مشغلة تحمل إمكانية التلاعب فيها”.

فعلى سبيل المثال الفيول الذي لطالما استوردوه بأسعار زهيدة لتشغيل المعامل، كان الفيول سيئ المواصفات والتركيبة المخبرية، وكان أغلى من ثمنه الحقيقي في الأسواق العالمية…

طبعاً لظروف “المصالح” أحكام، تعلو على مصلحة الوطن والمواطن، وإذا كان ما من بلد يخلو من الفساد لكنه يبقى نسبيا أما عندنا ففاق حدود المنطق، “أصبح جهاراً نهاراً، ويلي تحت باطو مسلّة بتنعرو” يختم الحلبي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us