حكومات لبنان منيت بالفشل… الزغبي لـ “هنا لبنان”: أيّ إنقاذٍ يمرّ حكمًا بتسوية سلاح حزب الله


أخبار بارزة, خاص 5 كانون الثاني, 2022

كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:

بالأدلّة الدّامغة فشلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في إرساء حلولٍ شاملةٍ للأزمات المتعدّدة في البلد، ولم تكن التجارب مع الحكومات المسمّاة وحدةً وطنيةً ووفاقًا وطنيًّا مشجعةً في أيّ مرّةٍ من المرّات، حتى أنّ حكومات اللون الواحد، وعلى الرّغم من هذه الصّفة بقيت من دون أيّ إنجازات. والتّاريخ شاهدٌ على حكوماتٍ معلّبة، وحكوماتٍ بقيت محكومةً بالمحاصصة، والتّوافق المسبق والتعطيل والتعطيل المضادّ.

وفي المحصّلة، صفر استراتيجيّات طويلة الأمد تحمي البلد وشعبه.

كم من مرّةٍ تبدّلت خططٌ موضوعةٌ وكم من مرّةٍ وُضعت أخرى غبّ الطّلب وأخرى لم تُنفّذ… أمّا البيانات الوزارية لهذه الحكومات، فحدّث ولا حرج، ظلّت حبرًا على ورق وما طُبّق منها ليس إلّا القليل القليل ولضروراتٍ معيّنة. شوائب بالجملة، إشكالاتٌ سياسيّةٌ خيّمت على أعمال الحكومة، فلم يكن بالإمكان فصلها عمّا يدور من خلافاتٍ حزبيةٍ وسياسيةٍ، حتى أنّ الحكومات تحولت إلى ضحيّةٍ جراء ذلك.

استقالت حكومات وشكّلت أخرى، وبقي النّهج نفسه وحتّى أنّ الحكومة التي قيل أنّها حكومة اختصاصيين ولكن مسمّاةٌ من أحزابٍ وقوًى سياسيّة، لم تنجح، في حين أنّ الدّعم الدّولي لعددٍ من الحكومات لم يشفع لها أيضاً، لأنّ ما كان يُطلب منها تعذّر تحقيقه لأكثر من سبب. وهكذا دواليك، حكومات لبنان التي استغرق تشكيلها فتراتٍ من الزمن تجاوزت التسعة أشهر أو أكثر أو أقلّ، أهملت القضايا الأساسية وانتهجت سياساتٍ ترقيعية زادت الطين بلّة. قالوا بإبعاد السياسة وبتجنّب بحث المواضيع الخلافية على طاولة مناقشاتها. لكنّ ما حصل هو أنّ مجالس الوزراء تحوّلت إلى ساحات صراعٍ وحتى تصفية حسابات، وأصيب بعضها بالشلل، والبعض الآخر أخطأ في المقاربات والمعالجات، وبعضها بدا وكأنه في عالمٍ آخر، والبعض اكتفى بالبصم على ما جاء نتيجة تسويةٍ أو غير ذلك، ومؤخّرًا أصيبت حكومة “معًا للإنقاذ” بسهام داعميها أو بالأحرى المساهمين في ولادتها.

لم يكن أيّ قرارٍ يمرّ من دون التفاهمات عليه، وحتّى عند إدراج ملفّاتٍ أو قضايا على جدول الأعمال، كان ذلك يأتي انطلاقًا من توافقاتٍ ما، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سحب مواضيع من التداول.

من عرقل الحكومات ومنعها من فرملة الانهيارات وإنجاز ما يقع في صلب مسؤولياتها الأساسية؟

ربّما ليس هناك من عاملٍ واحد، إنّما عدّة عوامل فضلًا عن تراكماتٍ لعبت دورها في أن تلاحق لعنة الفشل حكومات لبنان المختلفة ولا سيّما في السنوات الماضية.

وفي هذا السياق، أكّد الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي لـ “هنا لبنان” أنّه منذ انسحاب الاحتلال السوري في العام ٢٠٠٥ وبعدما كان يختزل كلّ السلطات بقرارٍ من عنجر، تحوّل لبنان إلى حالة فوضى سياسية متراكمة ودخل في مرحلةٍ من الحكم الهجين تحت تسمياتٍ مختلفة للحكومات المتعاقبة من حكومة وحدةٍ وطنيةٍ إلى حكومة وفاقٍ وطنيٍّ إلى حكومة الفريق الواحد إلى حكومةٍ تكنوسياسية إلى حكومةٍ يسمّونها حكومة تكنوقراط وخبراء وأخصائيين، لكنها في الواقع حكومةٌ محسوبةٌ على التيارات والأحزاب السياسية، مشيرًا إلى أنّ جميع هذه الحكومات لم تنتج سوى الشلل السياسي والانسداد في القرارات لأنها تلتقي على أساسٍ واحدٍ وهو الزبائنية السياسية والطائفية والمذهبية، وهذه الزبائنية أدّت إلى هذه المرحلة التي يمر بها لبنان مع بدعة حكومة تعمل ومجلس وزراء معطل. ولفت الزغبي إلى أنّ حكومات الوحدة الوطنية وبحكم التصادم الداخلي بين مكوناتها فاشلة، ويمكن تشبيهها بسلة “السلاطعين”، حيث يعطّل أعضاؤها بعضهم البعض عند أوّل هزّة.

وقال الزغبي أنّ لبنان يحتاج إلى تغييرٍ جذريٍّ في مفهوم الحكم والسلطة، وهذا لا يعني تغيير النظام بحدّ ذاته إنّما تغيير النّهج والنّمط اللذين تدار بهما السلطة. فإذا كانت الديمقراطيات في العالم تستند إلى تباين الموالاة والمعارضة، فإنّ لبنان جرّبها على الأقلّ في حكومات ما بعد العام ٢٠٠٥، في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ثم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام ٢٠١١ وأخيرًا في حكومة الرئيس حسان دياب في العام ٢٠١٩-٢٠٢٠ ولكنّ هذه الصّيغة الديمقراطية من موالاةٍ ومعارضةٍ أسقطها منطق الغلبة بقوة السلاح، فقد قام حزب الله بتعطيل كلّ هذه الحكومات بما فيها الحكومات المحسوبة عليه أي حكومة الرئيس ميقاتي الحالية.

وأوضح أنّ العلّة المركزية والأساسية في السلطة والحكم اللبناني تكمن في تسلّط السلاح غير الشرعي على القرار الشرعي، لذلك فإنّ أيّ إصلاحٍ أو تغييرٍ أو إنقاذ يجب أن يمرّ حكمًا بتسوية مسألة سلاح حزب الله، لأنّ بناء الدولة يقوم أساسًا على قاعدةٍ راسخةٍ وثابتةٍ وهي السيادة، فدولةٌ بلا سيادةٍ هي دولةٌ فاشلةٌ وغير موجودةٍ أصلًا. لذلك فإنّ العودة إلى الحياة الديمقراطية والحكومات المنتجة والفاعلة يفرض أوّلًا رفع وصاية السلاح أو ما يعرف استطرادًا برفع الاحتلال الإيراني عبر سلاح حزب الله، ملاحظًا أنّ هذا الأمر وعلى الرغم من صعوبته ليس مستحيلًا في حال توافر انعقاد الإرادة اللبنانية الداخلية على الإرادة الدولية، كما جرى تمامًا في العام ٢٠٠٥ مع انتفاضة الاستقلال الثاني أو ثورة الأرز.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us