بين التدفئة والتغذية… يوميات اللبناني أصبحت كارثة!


أخبار بارزة, خاص, مباشر 12 كانون الثاني, 2022

كتبت ريتا بريدي لـ “هنا لبنان”:

ساعاتٌ قليلةٌ ونستقبل العاصفة المنتظرة في لبنان، حيث ستترافق بأمطارٍ وثلوج ورعدٍ وبردٍ وريح… إنّنا في فصل الشتاء فهذا التذكير لكلّ من تناسى الأمر!
أمّا الصدمة الأكبر فكانت مع الارتفاع الهائل بأسعار المحروقات في الساعات القليلة الماضية… ونسأل لماذا؟

عائلاتٌ كثيرةٌ لها حكاياتٌ مؤلمةٌ عن ما تعيشه أيام الصّقيع، على وقع الغضب العارم الذي يختلج نفوسهم وهم يعجزون عن معرفة ما يجب فعله بَعْد من أجل الاستمرار في بلدهم؛ يتوجّهون إلى الطرقات، يشعلون بعض الإطارات وربما يعبرون عن صرختهم، ولكن هل من يسمعهم؟

أسئلةٌ كثيرةٌ محيّرةٌ تخطر في بالنا أمام كلّ ما يجري، وننتظر الإجابة المناسبة، إلّا أنّ المفاجأة تكون أننا نتلقّى المزيد من الهموم والمصائب التي تزيد من المصاعب في حياة الشعب اللبناني.

وفي هذا الإطار لا بدّ من الإضاءة على التدفئة في المنازل خلال هذه المواسم، ولطالما عُرفت بلدة كفردبيان أنّها من المناطق الجبلية المميّزة والتي تتألّق بأروع المناظر الطبيعية خلال الموسم الشتوي، ولكن مع الوضع “الكارثي” في لبنان، كيف هي أحوال سكان هذه البلدة الكسروانيّة في مواجهة برد هذا الشتاء؟

في حديثٍ مع مختار بلدة كفردبيان السيّد وسيم مهنّا لـ “هنا لبنان”، أشار في البداية إلى أنّ هذه المنطقة من أهم وأكبر المراكز للسياحة الشتوية وللتزلج في لبنان والشرق الأوسط، وبالمقابل هي أكبر بلدة في كسروان من حيث الكثافة السكانية إذ تحتوي على أكثر من 7000 نسمة من الأهالي الذين يعيشون فيها طيلة السنة.
لذا بالتأكيد هم بحاجة لتأمين مادة المازوت أو الحطب لمواجهة البرد في الشتاء، وهنا أكّد مختار كفردبيان أنّ أقل منزل يحتاج ما بين طن من المازوت أو خمسة أطنان من الحطب للتدفئة، وجميعنا نعلم المبالغ الباهظة في هذه الأيّام لتزويد البيوت بالمحروقات.
وأضاف مهنّا أنّ الناس اعتادوا على تعبئة الخزانات بالمازوت قبل بداية الموسم، بينما هذه السنة الأمور كلّها اختلفت وحتى أصبحت مستحيلة، فمررنا بفترة انقطاع مادة المازوت وبعدها ارتفعت أسعاره بشكلٍ جنوني، والآن مطلوب الدفع بالفريش دولار للحصول عليه وكذلك بالنسبة للحطب، ولا بد من الإشارة إلى أنّ الشخص الذي لا يتوفر الحطب في أرضه فكلفته ستكون مشابهة لتلك الخاصة بالمازوت.

وفي الظروف التي نعيشها يقول مختار كفردبيان أنّ هناك بالطبع عددٌ كبيرٌ من الأشخاص الذين هم بحاجة ماسة لمواد التدفئة ولكنّهم يُحاربون لتأمين المحروقات اليومية وأيضاً يواجهون الصعوبات الكثيرة بسبب المداخيل المتدنية أو بعض الحالات العائلية الأخرى، وهم الفئات التي قست عليهم هذه الأحوال، ونرى أنّ الشرائح التي تواجه تحديات كبيرة زادت كثيراً.
لذا حالياً يتمّ التعويل على المبادرات الفردية، التي وجّه لها الشكر إلّا أنّها غير كافية لمساعدة الأهالي في هذه الأوقات الصعبة، ويقول: “البرد لا يرحم”، فالمصروف اليومي للمنزل الواحد في الشتاء عشرة ليترات من المازوت وسعرها يفوق 200 ألف ليرة لبنانية، “في عيل ما بتطلّع بالجمعة كلها 200 ألف ليرة!”

وختم السيّد وسيم مهنا بطلبٍ من الجمعيات الخيرية الكبرى وأيضاً البطريركية المارونيّة والبلديات في مختلف المناطق الجبلية، دعم السكان لتأمين المحروقات الأسبوعية أو الشهرية في بيوتهم للحدّ من الأضرار التي قد يتعرضون لها في فصل الشتاء هذا.

في المقابل يُشير نائب رئيس بلدية لحفد السيّد إيلي غانم أنّ بلدة لحفد تُعاني كغيرها من المناطق اللبنانية من صعوبةٍ في تأمين وسائل التدفئة وأيضاً الإضاءة في المنازل، وذلك نظراً للغلاء الكارثي في أسعار المحروقات خاصةً أن معظم الأهالي مداخيلهم محدودة لا تكفي للعيش الكريم في هذه الأيّام الصعبة.
وأضاف أنّه أمام هذه الأحوال، تقف البلدية عاجزة عن مساعدة كافة الأهالي رغم رغبتها بذلك، إلّا أنّ هنالك قلّة في الموارد المادية مقابل متطلبات كثيرة للسكّان.

أمّا عن الحلول الأنسب لهذه المشاكل الكثيفة التي يمرّ بها سكان المناطق الجبلية، من تأمين المازوت أو الحطب للتدفئة وصولاً إلى الاحتياجات اليومية اللازمة للبيوت، يرى نائب رئيس بلدية لحفد السيّد إيلي غانم أنّه في الوقت الحاضر لا يمكن إلّا حثّ المقتدرين على مساعدة المعوزين.
وفي حديثه تمنّى من الشعب اللبناني دعم أكبر عدد من أصحاب الخبرات والسيرة الحسنة للوصول إلى البرلمان للعمل على وضع الخطط المناسبة والأهم تنفيذها لإيصال البلد إلى الوضع الصحيح وإنقاذه من الهلاك الذي يغرق به.

وبالطبع معظم المناطق والبلدات اللبنانية تواجه المعاناة نفسها، نتيجة أسعار المحروقات التي باتت تفوق قدرتهم، بالإضافة إلى التقنين المستمر في ساعات الكهرباء والمولدات الكهربائية.

تأمين المواد الغذائية أصبح عبئاً على بعض العائلات اللبنانية!
جميعنا نعلم أنّ أسعار السلع الغذائية أصبحت جنونية، وخلال تواجدنا في السوبرماركات من مِنّا لم يسمع التذمّر والتأفّف وحتى الصفّارّات بعد رؤية تلك الأرقام التي لا تنتهي لكل غرضٍ أردنا شراءه. وأصبحنا نرى الويلات على وسائل التواصل الاجتماعي فور تصريح أحد المعنيين تجاه هذا الموضوع حتى تنهال بسرعة التعليقات اللاذعة نتيجة الأوضاع المعيشية التعيسة.

وللاطّلاع أكثر عن ما يمرّ به أصحاب السوبرماركات أيضاً، يُخبرنا السيّد وسام جبلي صاحب Manitou ماركت عن القدرة الشرائية عند الزبائن التي تختلف من يومٍ إلى آخر، وكذلك نرى بعض الأشخاص يُفضّلون شراء المواد العاديّة لا ماركات الأطعمة المعروفة، “وفي أشخاص مش قدرتن يشتروا أكتر من 100 ألف ليرة لبنانية بس”!
كما لاحظ أنّ هناك عددًا كبيرًا من الأشخاص يشترون فقط الأشياء الأساسية لا أكثر لمنازلهم، والأمر الأفظع أن المارتاديلا المعلّبة أصبحت البديل اليومي عن اللحمة في الطبخة!
حكايات بيوت وأحوال معيشية كثيرة يسمعها دائماً السيّد وسام جبلي، ولفت في حديثه لموقع “هنا لبنان” أنّ اللبناني صار يبحث عن منتجات المكسرات والمقرمشات بأسعارٍ رخيصة بالإضافة للبزر، فهذه الأمور هي التسلية الوحيدة له خلال سهراته أمام شاشة التلفزيون.
ويخبرنا جبلي أنّهم بدورهم يفتشون على الأصناف الجيدة والرخيصة في الوقت نفسه والتي يمكن للزبائن الحصول عليها، ولكن أمام ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء هناك أيضاً التحديات التي تواجههم، ويقول: “ففي الكثير من المرّات نفضّل أن تكون الأغراض مربحة للناس بدل ربحنا نحن، ونحن نعمل على قدر المستطاع لجعل أسعار الأغراض مقبولة”.
أما عن الصعوبات التي يواجهها أصحاب المحال في لبنان جراء الاتّهامات واللوم عليهم نتيجة غلاء الأسعار، فأشار وسام جبلي إلى أنّ هناك محلات لم يعد بمقدورها الاستمرار، لأنّ أصحابها بدورهم لديهم الكثير من المصاريف من الكهرباء إلى شراء المواد الغذائية، ومعاشات الموظفين وغيرها.
وعن لوم الشعب عليهم يقول، أنّ أصحاب المحلات يشترون بضاعتهم من الشركات اللبنانية التي تستورد السلع الغذائية، وهنا تختلف الأسعار بحسب سعر الصرف عند كل شركة وكيف ترفع أسعار صناديق المعلبات أو الأطعمة الأخرى، لذا ماذا سيفعل بهذه الحالة صاحب الماركت أو السوبرماركت؟

وختم السيّد وسام جبلي بالقول أنّه كصاحب ميني ماركت اليوم يريد أن يستفيد الزبائن، وفي هذه الأحوال الصعبة التي وقعت على الجميع يسعى لعدم رفع أسعار المنتجات الغذائية والمستلزمات المنزلية، وفي الوقت نفسه يعمل على تسعير معظم الأغراض بِسعر الجملة، علّه يساهم في دعم الأشخاص ليتمكنوا من شراء كل ما يريدونه لبيوتهم.

لذا نعم فلتعلموا وتسمعوا، نحن في لبنان أصبحنا نصحى وننام على همٍّ واحد… التغذية والتدفئة، وباقي متطلبات يومنا.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us