بعد حرمانها من طفلها تُمنع من السفر لإكمال علاجها.. ظلم جديد يلحق بـ “ليليان شعيتو”


أخبار بارزة, خاص 16 كانون الثاني, 2022

كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان” :

في الرابع من آب 2020، ذهبت إلى “أسواق بيروت” وسط المدينة، لشراء هدية لزوجها بمناسبة عيد ميلاده. أثناء ذلك، وقع واحد من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، تفجير مرفأ بيروت، فسقطت أرضًا ووقعت واجهة زجاجية عليها، وأُصيبت بإصابةٍ خطيرة في رأسها، تبعتها كسور في الجمجمة ونزيف داخلي، لتدخل في غيبوبة استمرت خمسة أشهر.
عندما استفاقت من غيبوبتها، وجدت أنّ زوجها تخلّى عنها وحرمها من طفلها الذي لم يبلغ عمر السنتين بعد، فباتت تخوض معركتين، كلّ واحدة منها أشدّ بشاعة من الأخرى: معركة البقاء على قيد الحياة، ومعركة حقّها في رؤية طفلها الذي أعطته الحياة.
هذه هي باختصار مؤسف وأليم قصة ضحية مجتمع الفساد والذكوريّة، ليليان شعيتو.
ليليان التي حاربت بجسدها الضعيف إصابتها البليغة، تجاوبت “بشكل جيّد جدًّا” مع العلاج وهي في حالة تحسّن مستمرة، بحسب ما علم موقع “هنا لبنان”، فهي الآن تحرّك يديها وساقيها، وقادرة على التفاعل والأكل والشرب، إلّا أنّها لا تزال عاجزة عن الكلام، كمّا أنّ يديها لا تُساعدانها على الكتابة بعد، فهي لا تستطيع التعبير إلاّ عن طريق عينيها التي تمتلئ بالدموع في كلّ مرة تُشاهد فيها طفلًا على التلفاز داخل غرفتها في مستشفى الجامعة الأميركية. وهي إن كابرت ولم تبكِ، فيتسارع معدّل ضربات قلبها.
وليليان المحرومة من وجود ابنها بقربها والذي بالتأكيد يساعدها في علاجها أكثر، وفق ما يقول الأطباء والمعالجون النفسيون الذين يتابعون حالتها، تتعرّض اليوم لظلمٍ جديدٍ لا يطال فقط الجانب النفسي والمعنوي من علاجها، بل يطال وبشكل مباشر علاجها الجسدي.
فبحسب المعلومات التي تحقّق منها موقع “هنا لبنان”، إنّ ليليان تحتاج للخضوع لجلسات علاج فيزيائي في الخارج من أجل استعادة جسدها لوظائفه الطبيعية، وذلك لكون المراكز المتوافرة داخل لبنان قد لا تفيد حالتها الصحية بالشكل المطلوب.
ولتحقيق هذه الخطوة الضرورية، ليليان تحتاج إلى جواز سفرها، غير أنّ زوجها الذي يعمل في الخارج، كان قد وضعها تحت وصاية المحكمة الجعفرية التي تستحوذ على جواز السفر. ولذلك، طلب أهل ليليان من المحكمة الحصول على جواز السفر منذ شهرين، شارحين السبب، لكنّ المحكمة حتى اليوم لم تردّ على الطلب لا بالقبول ولا بالرفض!
كما أنّ زوج ليليان وأهله لا يقفون عائقًا أمام سفرها فقط، بل هم فوق ذلك، يمنعونها من الخروج من مستشفى الجامعة الأميركية إلى أي مستشفى آخر، تحت حجّة “أنّها المستشفى الأفضل في لبنان”، وذلك رغم عدم زيارتهم لها ولو لمرةٍ واحدة وحرمانها من طفلها الذي لم تره إلّا مرتين “افتراضيًا” عبر شاشة الهاتف من خلال اتصال الفيديو.
وتعليقًا على الظلم الجديد الذي يلحق بليليان، تقول الصحافية والناشطة النسوية حياة مرشد لـ”هنا لبنان”: “طالما أنّ هناك وجود لقوانين أحوال شخصية دينية تتحكم بحياة النساء بهذه الطريقة، وخاصة المحكمة الجعفرية المعروفة بإصدارها أكثر الأحكام الجائرة، فالقضايا التي تشبه قضية ليليان يجب أن تكون محفّزًا لنرفع الصوت على أهمية الوصول إلى إقرار قانونٍ مدنيٍّ بعيدًا عن تحكّم رجال الدين بحياة النساء”.
وتلفت مرشد إلى أنّه “اليوم الجميع يُطالب بالعدالة لضحايا انفجار بيروت، لذلك من المهم أن لا ننسى قضية ليليان وأن لا ننسى الظلم الذي يلحق بها، والذي هو ليس سوى تكريس للوصاية الأبوية على النساء”.
وحول موضوع حرمان ليليان من ابنها، تُعلّق مرشد: “في الثاني من كانون الثاني 2021 أصدرت المحكمة الجعفرية حكمًا يقضي بمنع سفر الرضيع والسماح لعائلة ليليان برؤيته 4 ساعات يوميًا، لكنّ القرار لم يُنفّذ إلى الآن بعد طعن زوجها في الحكم، وهذا يرينا كيف “الواسطة” والمحسوبيات تلعب دورها”.
وتؤكّد “أنّنا كمنظمات نسوية وحقوقية ذاهبون في قضية ليليان نحو التصعيد على عدّة صعد، إن كان في الشق القانوني أو في المناصرة على الأرض”، متمنيّةً الوصول إلى حلٍّ سريع لأنّ موضوع ليليان “ما بيحمل بقى”.
بدورها، تردف مسؤولة الإعلام والمناصرة في المركز اللبناني لحقوق الإنسان، كريستين مهنّا، بأنّ اجتماعًا موسعًا عُقد يوم الجمعة حضرته جمعيات نسوية وحقوقية ومحامون ومحاميات لمراجعة حيثيات الملفّ ومستنداته ووضع خطّة للتحرك، وبعده استلم المركز ملف ليليان بهدف مساعدتها على كافة الصعد، أوّلها المنحى القانوني”.
“ما يجري هو غير قانونيّ وغير إنساني”، هذا ما تؤكّده محامية ومسؤولة الوحدة القانونية في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، منال مجد لـ”هنا لبنان”، “هذا ما يمكن قوله حول قرار الوصاية “بالظاهر”، لكن لا ندري على ماذا تمّ الإستناد حتى جعلوا من هذا القرار قانونياً، فيجب قراءة الملف ودراسته حتّى نعرف كيف تطوّرت القضية من المطالبة بحضانة الطفل إلى مرحلة الوصاية التي لا ندري إن كانت قانونية”.
أمّا إنسانيّا، فتقول مجد “لا ندري لماذا كلّ هذه القساوة على امرأة مريضة في المستشفى، ولماذا تُمنع من رؤية ابنها وإكمال علاجها في الخارج!”
المشكلة في قضية ليليان شعيتو أننا جميعًا ما زلنا نُطالب بحصولها على حقوقها البديهية، في وقتٍ كان يمكن لليليان فيه احتضان رضيعها منذ وقت طويل، لأنّه حقّها الشرعي والقانوني والإنساني. والمشكلة الأكبر أنّ أهل ليليان اليوم قد يجدون أنفسهم مضطرين للإغفال قليلًا عن حقّ الحضانة، للمطالبة بسفر ليليان وإكمال علاجها!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us