موازنة 2022: تصحيح مواد ضريبية وسعر الصرف التحدي الأصعب!


أخبار بارزة, خاص, مباشر 17 كانون الثاني, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

تضع وزارة المال اللمسات الأخيرة على مشروع قانون موازنة العام 2022 على أن يبصر النور بداية الأسبوع المقبل كحد أقصى، وبحسب معلومات “هنا لبنان” أن تحديد سعر صرف الدولار الذي على أساسه توضع أرقام الموازنة يدرس بدقة إذ أن تقدير السعر ليس بالعملية السهلة خصوصاً أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية لا سقف له.
وإذ تشير مصادر مطلعة لـ “هنا لبنان” إلى أن لا ضرائب جديدة في مشروع الموازنة في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب إلا أنه يتضمّن تصحيحًا لبعض المواد الضريبية (ما يعني تعديلات على بعض الرسوم والضرائب إن كان في الشكل أو القيمة).
المصادر رأت في ما يحكى عن تأثير زيادة الدولار الجمركي مبالغة، إذ أن نسبةً كبيرة من السلع معفاة تقريباً من الرسوم الجمركية كالمواد الأساسية وبالتالي لن يتعدى تأثير الزيادة على المواطن 1 أو 2 في المئة على أبعد تقدير خصوصاً أن السلع تباع حالياً وفق سعر صرف السوق الموازية.
ولأن كل عوامل اللااستقرار ترخي بظلالها على الوضع في لبنان إن كان بسبب سعر صرف الدولار أو الجمود في الاقتصاد أو تداعيات انتشار كورونا وغيرها، فإن موازنة عام 2022 بحسب المصادر هي بمثابة موازنة انتقالية أي الانتقال من وضع غير مستقر إلى وضع أكثر استقرارًا.

وفي ظل الغموض حول أولويات الموازنة وأرقامها غير المعلنة خصوصاً لناحية على أيّ سعر صرف لليرة اللبنانية مقابل الدولار يتم تحضير الموازنة، أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور بلال علامة لـ “هنا لبنان” أهمية أن تحاكي الموازنة أولويات أساسية:
أوّلًا: تأمين الإنفاق بالحد الأدنى المطلوب لتسيير القطاع العام والوزارات والإدارات.
ثانياً: محاولة توحيد سعر الصرف – وهو أمر صعب- لتحديد الدين العام ومتوجباته.
ثالثاً: ضبط الجباية أي الإيرادات من خلال تثبيت سعر الرسوم وعدم اعتماد إشاعات عن رفع الرسم الجمركي أو إبقائه على 1500 أو تعديله ما يسبب اضطرابًا وبالتالي يجب تحديد الرسوم الضريبية والجباية بشكل واضح وتقدير الإيرادات بناءً على هذا التحديد الذي يجب أن يصدر بشكلٍ واضحٍ لتحديد العجز، فيما الجباية تقتصر على الرسوم الجمركية، على المعابر، على بعض التحويلات المالية من الخارج، مع الإشارة إلى أن كل إيرادات الدولة اليوم تقوم على التدفقات المالية واقتطاع نسب منها.
رابعاً: تحديد مدى مساهمة الموازنة العامة في عملية الدعم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية ما ينعكس على البطاقة التمويلية وعلى مشاريع الوزارات وعلى مشروع الشراء العام.
وفيما يتعلق برواتب وأجور موظفي القطاع العام، شدد علامة على وجوب أن تكون واضحة في الموازنة وعلى أهمية الفرز ما بين من هم خارج إطار التوظيف القانوني ومن هم في إطار التوظيف القانوني، لأن كل من تم توظيفهم بطريقة غير قانونية لا يزالون في الإدارات والسؤال الجوهري: كيف تصرف الأموال لهم؟ مذكراً بالـ 5300 موظف الذين يتقاضون رواتبهم من المال العام على رغم صدور أربعة قرارات نهائية عن ديوان المحاسبة، وهو أعلى سلطة رقابية محاسبية أمرت فيها بعدم صرف رواتبهم.
وشدد علامة على أهمية هذه النقاط الأساسية في عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل تحديد وضع لبنان المالي والنقدي وكيفية معالجة الأمور حتى تسفر المفاوضات عن خطة واضحة لا لبس فيها. وهي فرصة لتوضيح كل هذه الأمور حتى يبنى على الشيء مقتضاه للوصول إلى خطة ناجحة بعد أن افتقدنا على مدى سنوات في لبنان لأرقام وإحصاءات حقيقية.
علامة جزم أنه لا يمكن اعتماد سعرين للصرف أو ثلاثة في الموازنة، وإلا نكون أمام حالة غير اعتيادية لا وضوح فيها. لافتاً إلى المشاكل المتداخلة التي يعاني منها لبنان على أكثر من صعيد: مصرفي، نقدي، اقتصادي، سياسي واجتماعي إضافة إلى سوء الحوكمة، وبالتالي إن معالجة وضع سعر الصرف ومحاولة توحيده لا يمكن أن تحصل من دون الأخذ بعين الاعتبار لكل هذه المشاكل، مثلاً على الصعيد المصرفي إعادة الهيكلة وتحديد حجم تحمل المصارف للخسائر، وعلى الصعيد النقدي مثلاً تحديد حجم السيولة الرسمية وغير الرسمية إذ في لبنان دورة اقتصادية غير رسمية كاملة فيها كتلة نقدية هائلة يجب ضبطها.
علامة رجح أن تترك مسألة توحيد سعر الصرف للخطة مع صندوق النقد والبرنامج الذي سيفرض، وبالتالي ستكون موازنة منقوصة.
أما مسألة فرض ضرائب جديدة فمستحيلة بحسب علامة، في ظل الانكماش التضخمي لأنه إذا فرضت ضرائب لا يمكن تحصيلها حتى لو تم إدراجها في خانة تصحيح مواد ضريبية من خلال التعديل في شكل الرسوم لناحية التوجه نحو قطاعات جديدة أو التعديل في قيمة الرسوم والضرائب، ومن المؤكد سيتم اللجوء إلى طرق لزيادة الإيرادات في الموازنة.
منطلقاً من تعريف الموازنة التي هي أداة تخطيطية تنموية ورقابية، رأى علامة في إنجاز موازنة شكلية بأرقام صورية مصيبة كبرى ما يعني “فتنا بالحيط وزيادة”.
ولأن لبنان شهد مخالفات دستورية بسبب مرور سنوات عديدة من دون إقرار موازنة عامة ما سهّل تمرير صفقات الهدر والفساد، لفت علامة إلى أنه في حال استمر النمط الذي كانت تتبعه السلطة السياسية في مقاربة الأمور، لا شك أن الموازنة ستكون كارثية إن استخدمت للزبائنية ولإنفاق غير قانوني، ولكن إن وضعنا الأمور في الإطار العلمي وهو المطلوب اليوم بالحد الأدنى مع اقتراب المفاوضات مع صندوق النقد، ستكون إلى حدٍّ ما موازنة شكلية لتهدئة الأمور.
وكشف علامة عن ما يرشح حول المفاوضات مع صندوق النقد – وإن تندرج في إطار المعلومات – إن أحد أعضاء الوفد اللبناني المفاوض ونتيجة اقتناعه أن هذه الطبقة السياسية لن تقدم على أي إصلاحات أو ترتيب أمور، أوحى إلى صندوق النقد بمتابعة الإصلاحات والإجراءات التي ترد في الخطة من خلال افتتاح مراكز لصندوق النقد في كل الإدارات والوزارات الأساسية واستقدام مندوبين وموظفين يشرفون على عملية ضبط الأمور وإعادة هيكلة الوزارات بما فيها مكتب في مصرف لبنان.
ولأن الترقيع لم يعد ينفع، حذر علامة من الاستهتار إن كان في موضوع الموازنة أو المفاوضات مع صندوق النقد، منبّهاً من استغلال محطات مصيرية من أجل زبائنية انتخابية على حساب الوطن والمواطن.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us