التحرّش داخل المؤسسات الإعلامية في لبنان “نار تحت الرماد”.. فمن يحمي النساء؟


أخبار بارزة, خاص 25 كانون الثاني, 2022

كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان” :

جمالها، جسدها، شعرها عيناها وحتى ذكاؤها… كلّ ما فيها يلفت الأنظار ويجذب العيون إليها!

عن المرأة أتحدث.

فسواء كانت على شرفة منزلها، على الطريق، في سيّارتها، أو في مكان عملها، هي معرّضة “للتلطيش” أو حتى التحرّش من قبل غرباء أو زملاء! خوفها من “الجرصة” أو من الفضيحة إذا صحّ التعبير، قد يدفعها إلى السكوت عن ما يحصل معها. لكن ماذا لو كان التحرّش سواء اللفظي أو الجسدي يطال المرأة بشكل متكرّر في مكان عملها، من قبل زملاء ذكور؟ وأقول ذكور وليس رجال، لأنّ الرجل بكلّ ما للكلمة من معنى، لن يتحرّش بأيّ امرأةٍ مطلقًا، الرجل يحافظ على احترام وكرامة الأُنثى ويصونها بدءًا من أمّه ثمّ شقيقته أو حبيبته أو زميلته… لكنّ المشكلة أنّ بعض الذكور، يعتقدون أنّهم يصبحون أكثر رجولة إذا تحرّشوا بالأنثى… فلمثل هؤلاء أقول، أعيدوا النظر بمفهوم الرجولة لديكم وصحّحوه، أو تحضّروا لتلقّي العقاب الذي تستحقّونه!

ما سنتطرّق إليه في هذا الموضوع هو التحرّش الجنسي في المؤسسات الإعلاميّة. فبين الخفاء والعلن تتعرّض الصحافيات والإعلاميات داخل مراكز عملهنّ للعديد من الضغوط والمخاوف المرتبطة بالتحرّش من قبل زملاء أو مدراء، لغايات ومصالح شخصيّة، لا تمتّ للأخلاق بصلة!

وفي هذا السياق أجرينا مقابلة خاصة عبر موقع “هنا لبنان” مع مديرة التواصل لبرنامج النساء في الأخبار، ميرا عبدالله.

وباعتبار أنّ الإعلام هو مصدر التوعية ضد التحرش الجنسي، كيف ممكن أن نرى حالات تحرش تتعرّض لها الصحافيات خلال عملهنّ، عن هذه النقطة، أوضحت عبدالله أنّ المؤسسات الإعلاميّة هي مثل أي مؤسسة أخرى، تعاني أيضاً من مشكلة التحرّش الجنسي، وهذه المعضلة هي عالميّة وموجودة في كلّ المؤسسات، خاصة في تلك التي لا تمتلك سياسات تناهض وتحارب التحرّش الجنسي وتعاقب المتحرّشين. لذلك، داخل المؤسسات الإعلاميّة تتعرّض العديد من الصحافيات للتحرّش خلال العمل، أي داخل المكاتب، أو على أرض الحدث خلال التغطيات الصحافية، أو خلال إجراء المقابلات… صحيح أنّ الإعلام هو من مصادر التوعية، لكن قد لا تضيء بعض المؤسسات الإعلاميّة على هذا الموضوع والسبب هو أنّ الإعلام وليد بيئة، قد لا تعترف بشكل كافٍ بقضيّة التحرّش الجنسي، وبالتالي لا يمكننا أن نحلّ مشكلة قبل الاعتراف بوجودها وبحجمها. إلى ذلك، التحرّش يوقف العديد من الصحافيات عن الاستمرار بعملهنّ أو يؤثّر على إنتاجيتهنّ، ما ينعكس سلباً على قطاع الإعلام ككلّ.

وعند سؤالها عن الخطوات التي على الصحافية اتّباعها بعيداً عن الخوف في حال التعرض للتحرش قالت عبدالله: “بداية، جميع الصحافيات العاملات في مؤسسات إعلامية يجب أن يضغطن على إدارات مؤسّساتهنّ، لإدراج سياسات لمناهضة التحرش داخل العمل، ولكن إذا انوجدت هذه السياسة، فعلى كلّ شخص تعرّض للتحرش أن يتّبع أسس التبليغ والطريقة التي تتم بها، وعلى المؤسسة أن تتبع الإجراءات المنصوصة في سياسة مناهضة التحرّش. إنّما في حال غياب هذه السياسة، دائماً ممكن اللجوء إلى قسم الموارد البشريّة في المؤسّسة، أو إلى المدير المباشر أو إلى أصحاب قرار مخوّلين المساعدة في هذه المشكلة. كذلك ممكن اللجوء إلى منظمات خاصة تُعنى بمحاربة التحرّش وحماية الضحيّة.”

ولمن لا يعلم، برنامج النساء في الأخبار هو برنامج تابع للمنظمة العالميّة للصحف، يهدف إلى زيادة تمثيل النساء في قطاع الإعلام، كصحافيات أو رئيسات تحرير بالمحتوى الإخباري الذي يتم تقديمه. المنظمة تعمل على بناء قدرات الصحافيات من خلال برنامج تعزيز المهارات القيادية، لتصبح الصحافيات متمكّنات من الوصول إلى مناصب رئيسات تحرير وعضوات في الإدارة. كذلك تقدّم المنظّمة دورات تدريب للمؤسسات الإعلامية حول التمييز الجندري، كيفيّة مناهضة التحرّش الجنسي، التطوّر الرقمي… ما يعني أنّ برنامج النساء في الأخبار هو موجّه للصحافيات وللمؤسّسات الإعلاميّة. ومن خلال هذا البرنامج تتم مناهضة التحرش الجنسي عبر تعريفه والتوعية ضده، وإنشاء سياسات للمؤسسات لمناهضة هذه المشكلة.

وبرأي عبدالله، لا يمكن التمييز إذا هناك تحسّن أو تراجع في موضوع التحرش الجنسي لأنّ العيّنة التي شملتها الدراسة التي أجراها برنامج النساء في الأخبار عام 2017 كانت صغيرة، أي عدد الصحافيات المشاركات كان ضئيلاً، وبالتالي، لا أرقام تدلّ على مدى انتشار التحرش. وأضافت قائلة: “لذلك قمنا بدراسة أكبر تشمل عشرين بلدًا في خمس قارات في عامي 2020 2021 للتعرّف على حجم المشكلة وعلى عدد حالات التحرش، وقد شارك في الدراسة حوالي 2100 شخص، ما ساعد على اكتشاف أرقام مخيفة، أي ما يعني أنّ 40% من الصحافيات تعرّضن لنوع من التحرش الجنسي خلال العمل. في المقابل، فقط 20% من الصحافيات بلّغن عن الموضوع!”

وختمت عبدالله حديثها برسالة وجهّتها إلى جميع النساء اللواتي يتعرّضن للتحرّش بالقول : “العمل مستمر لمناهضة التحرش، تشجّعي على التبليغ، خاصة في حال العمل داخل مؤسسات إعلاميّة كبرى، اضغطي على المؤسّسة لوضع سياسة لمناهضة التحرش الجنسي، تحدّثي مع زميلات عانين من المشكلة ذاتها، لستِ وحدكِ، وعندما تطلبين المساعدة ستجدين الدعم، الأهم هو التبليغ وطلب المساعدة وعدم السكوت أبداً عن الموضوع، بهذه الطريقة تحمين نفسكِ وغيركِ!”

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us