المعركة انطلقت… فماذا ستختارون أيها اللبنانيون؟!


أخبار بارزة, خاص 27 كانون الثاني, 2022

كتبت رولا حداد لـ “هنا لبنان” :

تبدو صورة المنطقة قاتمة ومعقدة، ولا شيء من كل ما يجري يوحي بانفراج قريب، لا بل على العكس تبدو بوادر الانفجار أقرب من أي انفراج. المفاوضات في فيينا معقدة حتى داخل الفريق الأميركي الذي انسحب منه نائب رئيس الوفد احتجاجاً. 100 من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي طالبوا الرئيس الأميركي جو بايدن بالانسحاب من المفاوضات النووية. والأوروبيون يعتبرون أيضاً أن إيران تضيّع الفرصة الأخيرة، وبات واضحاً للجميع أن شهر آذار سيكون حاسماً: إما رضوخ طهران وإما انهيار المفاوضات ما يشرّع الأبواب أمام ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.

في لبنان يقارب “حزب الله” ما يجري في أروقة فيينا بحسابات خاطئة كلياً، ومبنيّة على ربط مستقبله ومستقبل “نشاطه” في المنطقة بما يجري على طاولة المفاوضات. أما الحقيقة التي باتت واضحة كالشمس فهي أن التعاطي مع أذرع إيران في المنطقة بات منفصلاً عن مسار المفاوضات ويتّبع أسلوباً مغايراً بالكامل. في الأسابيع الأخيرة تغيّر سير المعارك في اليمن في ظل خسارات متتالية وقاسية للحوثيين في مقابل تقدّم للجيش اليمني الشرعي و”ألوية العمالقة”.

في بغداد أيضاً لا تسير الأمور وفق ما تشتهيه طهران في ظل انغماس سعودي بالكامل وتكريس عمل وزراء سعوديين في الداخل العراقي لمساعدة بلاد ما بين النهرين للنهوض مجدداً.

أما في ما يتعلق بلبنان، فقد أصدرت وزارة الخزانة الأميركية في الأيام الأخيرة عقوبات مرتين على كيانات وأشخاص مرتبطين بـ”حزب الله” وبمعزل عن كل مسار المفاوضات. بالتوازي كان الحزب يرسل الرسائل إلى الأوروبيين بشكل عنفي عبر استهدافه لقوات “اليونيفيل” والاعتداء عليها مرتين في خلال أسبوعين وإيقاع جريح في صفوف القوات الدولية وسرقة معدات من آلياتها!

أما المفاجأة الكبرى فتمثلت في إعلان رئيس تيار المستقبل ورئيس الوزراء السابق سعد الحريري تعليق مشاركته وتياره في الحياة السياسية في لبنان وسط تبرّؤ عربي وغربي منه بشكل لافت عبّر عنه الموقف الفرنسي البارد الذي تفهّم موقف الحريري ورفض أن يؤثر موقفه على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، كما تمثل في غياب تغطية القنوات التلفزيونية العربية لحدث انسحاب الحريري.

بالتزامن كانت زيارة وزير الخارجية الكويتي حاملاً بنود مبادرة خليجية بغطاء أميركي- أوروبي شامل، وأهم بنودها نزع سلاح “حزب الله” وفق القرار 1559 وبنود اتفاق الطائف، وتحديد مهلة أمام لبنان لتسليم جواب خطي على هذه المبادرة السبت المقبل في اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية في الكويت تحت وطأة التهديد بإجراءات خليجية قاسية.

هكذا تكتمل الصورة: اتفاق غربي- عربي على فصل مسار مفاوضات فيينا عن ملف أذرع إيران وميليشياتها في المنطقة. فاستمرار المفاوضات لا يعني التساهل أو غض النظر عن ممارسات الميليشيات الإيرانية من “حزب الله” في لبنان إلى الحوثيين في اليمن. وبالتالي المطلوب من اللبنانيين أن يحسموا قرارهم بدورهم بحيث أن زمن التسويات مع “حزب الله” ولّى إلى غير رجعة، وخصوصاً بعد أن أدّت هذه التسويات والمساومات إلى نقل لبنان الرسمي كلياً إلى محور الممانعة ما تسبّب بانهياره الكارثي مالياً واقتصادياً واجتماعياً.

إذاً المواجهة مع أذرع إيران وأدواتها باتت مفتوحة في المنطقة كلها، وما محاولة طهران عبر الحوثيين ضرب العاصمة الإماراتية أبو ظبي تكراراً وتهديد معرض “أكسبو 2020” إلا خطة لتصعيد سقف المواجهة التي أعلنتها الدول الخليجية من اليمن إلى لبنان.

كل ما تقدّم سيفرز لبنان ليس إلى معسكري 8 آذار و14 آذار كما كان سابقاً بل إلى معسكري من هم في المحور الإيراني في مقابل من ينادون برفع الاحتلال الإيراني عن لبنان، ولم يعد هناك من مكان وسط بين المعسكرين، ولا لأنصاف حلول أو تسويات تعمّق سيطرة “حزب الله” على لبنان… فماذا سيختار اللبنانيون؟!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us