بين الارتفاع والانخفاض… الشباب اللبناني إلى العزوبيّة لأجلٍ غير مسمّى!


أخبار بارزة, خاص 7 شباط, 2022

كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان” :

منذ عامين وحتى اليوم، تأرجحت حياة الشباب اللبناني بين انخفاض الدولار وارتفاعه، وبين تزايد إصابات وباء كورونا وتراجعه… فعلاً لقد فقدنا معانٍ كبيرة من حياتنا، وبات الخوف من اللحظة ومن المستقبل هاجسًا يمنع اللبنانيين من الاستمتاع بالحاضر والتخطيط للمستقبل. وأمام كلّ هذه العقبات، بدءاً من إقفال الإسكان، وغلاء الدولار، بات حلم الشباب باقتناء منزل وتكوين أسرة في رحاب الوطن، شبه مستحيل. ولا يتوقّف الأمر على استحالة شراء شقّة، بل أيضاً على صعوبة فرشها وتجهيزها لتصبح ملائمة للسكن في ظلّ الغلاء الفاحش وقريباً بسبب ارتفاع الدولار الجمركي في حال تمّ إقراره!

أتكلّم عن شباب وشابات بدأت فكرة الزواج بالابتعاد عن مخططاتهم، وتأكيداً على ذلك، نتائج الإحصاءات منذ سنتين وحتى الآن.

فقد أظهرت أرقام الدوليّة للمعلومات، تراجع معدلات الزواج، الطلاق والولادات في العام 2020 مقارنة بالعام 2019 ومقارنة بمتوسط الأعوام الخمسة الأخيرة (2015-2019). في المقابل ارتفعت نسب الوفيات. وبالأرقام، تراجعت نسب الزواج على التوالي بنسبة 13.5% وبنسبة 17.9% كذلك تدنّت معدلات الطلاق على التوالي بنسبة 11.1% وبنسبة 9.8%. أما بما يخص معدلات الولادات، فقد تراجعت أيضاً على التوالي بنسبة 14.5% وبنسبة 16.2%.

وبالتالي، وكنتيجة للأزمة الاقتصادية والصحيّة، من الطبيعي أن ينخفض معدّل الزواج، وتتراجع حالات الطلاق وأعداد الولادات، فالعديد من النساء، أحجمن عن الحمل، بسبب الخوف من تأثير فيروس كورونا على الحمل والولادة. كذلك، سبّب الوباء بزيادة أعداد الوفيات.

وفي هذا السياق أجرينا مقابلة خاصة لموقع “هنا لبنان” مع د. مي مارون للحديث عن تداعيات انخفاض معدل الزواج على الشباب والمجتمع اللبناني. وأكّدت مارون أنّ سن الزواج في لبنان من الطبيعي أن يتأخّر أولاً بسبب إقفال مؤسّسة الإسكان، وبسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار ما يمنع الشباب حتى من إمكانية استئجار شقّة، لأنّ أغلب الإيجارات باتت تسعّر بالدولار. إضافة إلى غلاء فرش المنزل والمعيشة ككلّ. ويمكن القول أنّ الشباب القادرين على الزواج اليوم هم المغتربون والذين يجنون الفريش دولار. ويُضاف عبء جديد على عاتق الشباب وهو مساندة أهلهم وإخوتهم مادياً، ما يؤخّر إمكانية الادخار الذاتي.

في سياق آخر، تحكم مجتمعنا اللبناني عادات وتقاليد تمنع المساكنة، مع أنّ بعض الشباب اختاروا خوض هذه التجربة “الجريئة”. وبالنسبة للطلاق، فمن الطبيعي أن تنخفض نسبته بسبب ارتفاع كلفته وإجراءاته المعقّدة عند بعض الأديان.

وأضافت: “هذه التغيرات في مجتمعنا لم تحصل رويداً رويداً، بل بسرعة وبشكل مفاجئ، ما غيّر طريقة تعاطينا مع المجتمع وغيّر طابع العلاقات التي تجمع بين الناس”.

ولفتت مارون إلى أنّ انخفاض معدّل الزواج سيمنع الجد والجدة من تربية أحفادهم، كما جرت العادة، ما يُنذر باختفاء فئة “الأجداد”، فنادراً اليوم ما نرى أجداداً يشاركون بزفاف أحفادهم.

وتجدر الإشارة، من الناحية النفسيّة أنّ الاستقرار العاطفي للشباب والشابات من العوامل المهمّة والأساسيّة لنجاح الشخص. وفي ظلّ ظروف بلدنا السيّئة وانعدام القدرة على الزواج والاجتماع في منزل واحد مع الشريك، ستتأثّر سلباً نفسيّة الشباب وسيزيد شعورهم بالإحباط، وبفقدان الأمل بالمستقبل وبتحقيق طموحهم، وسيجبرهم على التفتيش عن حياتهم في المهجر بعيداً عن عائلتهم وأحبابهم!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us