الطاشناق: هدف تحالفاتنا إنجاح مرشّحينا، والتحالف الانتخابي شيء والسياسي شيء آخر


كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان” :

منذ استقلال لبنان، اتخذت الأحزاب الأرمنية قرار عدم التدخل في الصراعات السياسية اللبنانية، والوقوف إلى جانب الدولة، وليس إلى جانب الأحزاب. وترجمت هذا القرار في الحرب اللبنانية فأصرّت على البقاء خارج دوّامة التقاتل اللبناني – اللبناني وبالتالي، حافظت على نمط من الحياد الإيجابي.
ويحظى أرمن لبنان بموقع، ما انفكّ يتنامى في المشهد السياسي اللبناني، من خلال الأحزاب التي تمثلهم (الطاشناق، الهنشاك والرامغافار)، ساعدتهم على ذلك مرونة الدستور اللبناني الذي يحفظ للمجموعات المُكوّنة خصوصياتها الدينية والثقافية. كذلك منحهم اتفاق الطائف مساحة أكبر في البرلمان، وبات لهم ستة مقاعد، كما مُنحوا مناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة، وأخرى قيادية في الإدارات العامة للدولة، مثل باقي الطوائف.
ومع انتهاء الحرب، وتوقيع اتفاق الطائف، كانت الطائفة الأرمنية جزءاً من اللعبة السياسية الدخلية، والتصقت بمفهوم الدولة. ولطالما كانت أصوات الأرمن في الانتخابات النيابية رافعة رئيسية لأحزاب السلطة، وتحالفوا مع أحزاب السلطة وكانوا قريبين جداً من رئيس الجمهورية، باستثناء تغيير بسيط طرأ في العام 2009. حين أحجموا عن التقرب من الرئيس السابق ميشال سليمان، لصالح «التيار الوطني الحر». كما كان الحزب حليفاً لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وحليفاً لنائب رئيس الحكومة ميشال المر في مرحلة سابقة.
أرمن لبنان، الذين تفوق أصواتهم الانتخابية المائة ألف صوت، والذي يتصدرهم حزب “الطاشناق”، لطالما مثل تصويتهم، دفعاً كبيراً للقوى التي يتحالفون معها في الانتخابات، وفيما كانت أصواتهم وفق النظام الانتخابي الأكثري تمثل رافعة للأحزاب التي يتحالفون معها، فإن النظام النسبي ألزمهم بالعمل على إنجاح مرشحيهم، ولو أن تصويتهم سيوفر حظوظاً لتحصيل حاصل انتخابي مرتفع في لوائح يترشحون عنها، وفي مناطق يتواجدون فيها من غير أن يكونوا ممثلين عنها، بالنظر إلى أن تمثيلهم النيابي يقتصر على دائرة بيروت الأولى (4 نواب)، ودائرة المتن في جبل لبنان (نائب واحد)، ودائرة زحلة (نائب واحد).
في انتخابات العام 2022، الظروف تبدلت، فهذه الإنتخابات لا تشبه غيرها. بعد الانهيار المالي الحاصل، وتحركات السابع عشر من تشرين الثاني، وتبدل المزاج الشعبي، ورفض الناخبين لكل مظاهر أحزاب السلطة، يعيد ممثلو الطائفة الأرمنية حساباتهم، فهدف المعركة الانتخابية هذه المرة هو الحفاظ على التمثيل. وعليه، تبدو الحسابات الإنتخابية مختلفة عن الحسابات السابقة، فالتحالف السياسي شيء والإنتخابي شيء آخر.
أولى معالم هذا التبدل، ما ظهر من إمكانية فك التحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق في دائرة المتن الشمالي، وعودة حزب الطاشناق إلى دعم مرشح آل المر في المتن، ميشال المر، نجل الوزير السابق الياس المر، بعد ما كان الطاشناق قد فك تحالفه التاريخي مع آل المر لمصلحة التحالف مع التيار الوطني الحر في انتخابات العام 2018.
أمين عام حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان يقول لموقع “هنا لبنان” إن كل الاحتمالات مفتوحة مع كل الأطراف حيث هناك تواجد لمرشحين أو لناخبين أرمن ويوضح أن لا حسم للتحالفات الآن، فالهدف هو إنجاح مرشحينا ويضيف أن الهدف الأساسي من هذه التحالفات هو زيادة عدد النواب، فمفعول هذه التحالفات ينتهي مع انتهاء الانتخابات النيابية في 16 أيار. وهذه التحالفات إنتخابية وليست سياسية، ويستشهد بما حصل في انتخابات العام 2018، مما شهدناه من تحالفات غريبة عجيبة بين اليمين مع الجماعة الاسلامية أو اليسار مع اليمين على سبيل المثال.
وبحسب بقرادونيان، “لا قرار بعد بأسماء المرشحين ولا بإعادة ترشيح النواب الحاليين أو عدم ترشيحهم، والحزب يدرس الأسماء، فالوقت ما زال يسمح، ويكشف أنه لن يتم الإعلان عن أسماء المرشحين قبل منتصف آذار، موعد انتهاء مهلة تقديم الترشيحات، على أن يعلن بعدها اللوائح والتحالفات قائلاً “في التأني السلامة”.
وعن إعلان ترشيح الياس المر من مقر حزب الطاشناق، يوضح بقرادوانيان أنه كان واضحاً بتصريحه يومها، بالإشارة إلى العلاقة التاريخية بين آل المر وحزب الطاشناق والزيارة كانت على هذا الأساس ويشير إلى أن الحزب يدرس التحالفات في المتن الشمالي مع كل الأطراف، وإمكانية التحالف مع آل المر تبقى قائمة كما إمكانية التحالف مع الأحزاب الأخرى.
أما العلاقة مع التيار الوطني الحر، فيقول بقرادونيان، إن الحزب كان جزءًا من تكتل لبنان القوي لكنه حافظ على استقلاليته في الكثير من المواقف كما فعل في تسمية رئيس حكومة أو منح الثقة للحكومة حين غرد خارج سرب التيار الوطني الحر وحتى لو كنا ضمن التكتل فنحن نحافظ على استقلاليتنا.
أما العلاقة مع رئيس الجمهورية، فبالمبدأ العام حزب الطاشناق يدعم رئيس الجمهورية، بغض النظر عمن كان في سدة الرئاسة، فرئيس الجمهورية رمز الدولة وقوتها ووحدتها والتعامل مع رئيس الجمهورية يكون على هذا الأساس.
إمكانية التعاون مع المجتمع المدني ليست بعيدة أيضا، فيلفت بقرادونيان إلى أن الحزب ليس بعيداً عن الطروحات التي يرفعها ممثلو المجتمع المدني، فـ “هذه الطروحات تمثلنا ونحن نمثل الناس وهمومهم ومشاكلهم ومطالبهم وإن لم يكن اسمنا مجتمع مدني فطروحات الناس تمثلنا.”

إذاً، يتأنى حزب الطاشناق بدرس وإعلان تحالفاته السياسية، وهو يقول صراحة: الهدف إنجاح مرشحينا، والسادس عشر من أيار يوم جديد نبني على أساسه في الحزب تحالفاتنا السياسية.
وحسابات الطاشناق لا تختلف عن حسابات باقي الأحزاب التي تعيش حالة من التخبط، إن بسبب تراجع شعبيتها ونقمة اللبنانيين عليها، وإن بسبب “خربطة التحالفات” بين كل هذه الأحزاب، ليزيد خيار الرئيس سعد الحريري الأخير بالعزوف مع حزبه عن الترشح للإنتخابات النيابية الطين بلة والضياع ضياعاً.
حوالي شهر وتنتهي مهلة تقديم الترشيحات للإنتخابات النيابية ليبدأ بعدها تبلور المشهد الإنتخابي في كل الدوائر، وحتى ذلك الحين، فاللبناني يفترض أن يكون حسم خياره بمحاسبة المسؤولين عما أوصلوه إليه عبر صناديق الإقتراع وعدم التجديد لهم. فالطابة في ملعب الناخب اللبناني الذي يملك هذه المرة مفتاح التغيير وإلا “ممنوع بعدها النق”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us