رِواياتٌ تُدمي القلب لِعسكر “قوى الأمن”: بدلاتنا مهترئة والناس “تتحسّن علينا”.. هيبتنا سقطت مع سقوط “الوطن”!


كتبت ماريانا سري الدين لـ “هنا لبنان”:

ببزّةٍ مهترئة وحذاءٍ عسكري مبللٍ بالماء، يشكو عسكري في قوى الأمن الداخلي حالته الاقتصادية الصعبة فيما يقف مديره العام اللواء عماد عثمان متفرّجاً على أوجاع العسكر والضباط، مقارناً حالهم بحال عناصر الجيش اللبناني الذين حظوا بدعمٍ أكبر من قيادتهم التي تؤمن لهم الطعام والمساعدات بالدولار الفريش، فيما يعجز عناصر قوى الأمن عن الحصول حتى على التدفئة في مراكز عملهم “المخافر”.
ويقول العسكري الذي امتنع عن ذكر اسمه لـ “هنا لبنان”، “مدير عام قوى الأمن لا يطالب بحقوقنا بل يلاحقنا بالعقوبات، يريد منا واجباتٍ ويغفل حقوقنا ولا يوقّع الترقيات، يريد منا العمل فيما نموت جوعاً”.
وتابع سارداً المأساة التي تدمي القلب قائلاً: ” طعام ما في بالخدمة، وإذا أردنا أخذ طعام معنا من البيت باتت كلفته أكثر من الديليفري، أما إذا قررنا طلب ساندويش بطاطا فبات سعره 35 ألف ليرة”، مضيفاً: “نبقى ثلاثة أيام في الخدمة فبتنا نُعدّ موقدة لتسخين الطعام”، مؤكداً أنه “لا يوجد زيت حتى لآليات قوى الأمن حيث نضع زيتًا محروقًا لها في بعض الأحيان لنقوم بالمهمّات المطلوبة منا”.
وعما إن كانت المساعدة الاجتماعية التي أُقِرّت مع بدل النقل ستساعد العسكر، قال: “نحن بحاجة لـ 1600 ألف ليرة بدل البنزين فأقرّوا لنا 1200 ألف ليرة كبدل نقل، ومنضل مكسورين على 400 ألف، اللواء المدير العام موكبه يتألف من عشر سيارات، إذا قرر بيع سيارة واحدة من سيارات موكبه لاستطاع إطعام قوى الأمن لمدة شهر”، واستكمل: “أنا مجبرٌ على الذهاب إلى العمل خمس مرّاتٍ شهرياً، وفي كل مرّةٍ أحتاج إلى تنكة بنزين عدا عن غيار الزيت أو في حال انفجر دولاب فسعره بات 700 ألف، فيما راتبي الشهري تبلغ قيمته 50 دولار”، متسائلاً: “هل تكفي الـ50 دولار المدير العام أو أي مسؤول في الدولة ليأكل وجبة في مطعم”؟
ولفت إلى أن “المساعدة الاجتماعية التي أُقِرّت تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين ليرة، ولكننا بتنا لحدّ الساعة نرزح تحت دين يبلغ خمسة ملايين استدنّاها لنأكل ونشرب، وقد كان من المقرّر أن تُصرَف هذه المساعدة في عيد رأس السنة، وها قد أصبحنا في شهر شباط ولم نحصل عليها بعد”.
وأردف: “عناصر الجيش أخذوا 100 دولار فريش، عدا عن الطعام والخبز حتى الدّخان يؤمنونه لهم عندما يقبضون على شحنة تهريب دخان، فهم يوزعونها للعناصر، أما نحن في قوى الأمن الداخلي لا أحد يقدم لنا حتى قنينة ماء”، مضيفاً: “خرجنا مؤازرةً إلى رومية لكي نسلم موقوفًا، اشترينا في الطريق ماء بقيمة 40 ألف ليرة لنا وللموقوف أيضاً، هذا كله ولم نأكل بعد، الوضع أصبح لا يُطاق”.
كلام العسكري يوافق عليه آخر الذي روى لـ “هنا لبنان” القهر الذي يعيشه العسكر يومياً وسط عجزهم التام عن تأمين بديل عن وظيفتهم التي “تأكل تعبنا يومياً وكأننا عبيد”، قائلاً: “رنجر العسكري تتسرب إليه المياه بعزّ الشتاء والبرد والثلوج، لبسنا الرنجر لمدة خمسة سنوات ولم تقم المديرية بتأمين بديل آخر لنا، والحال نفسه بما يخص البزة العسكرية التي باتت صغيرة الحجم علينا ونعجز عن شراء أخرى جديدة لأن قيمتها حوالي المليوني ليرة ومعاشنا كله لا يتعدى المليون”.
وتابع: “الأوضاع لم تعد تحتمل، كنا نعوّل على الطبابة ونشعر أننا أفضل من غيرنا أما اليوم فبتنا نخاف أن نمرض لأننا سنُذلّ على أبواب المستشفيات”.
وروى حادثة حصلت معه بعين دامعة قائلاً: “العسكري بات كالشحاذ ينظرون إلينا بعين الشفقة، كان للعسكري هيبة الوطن، واليوم سقطت هيبتنا مع سقوط الوطن وبتنا محطّ شفقة، سائق التاكسي صار “يتحسّن” علينا فقد قال لي أحدهم الله يعينك يا ابني طلاع ما بدي آخذ منك”.
وتابع: “هناك فكرة مطبوعة لدى الناس عن قوى الأمن الداخلي أن عناصرها ترتشي، ولكن “الآدمي” الذي لا يسرق ولا يقبل الرشوة ماذا يفعل؟ هل يموت من الجوع؟ فليتركونا لنتسوّل في الشوارع فقد بات ذلك أرحم”.
وختم: “في محيطي الصغير هناك أكثر من عشرة أفراد تركوا قوى الأمن، أصبح كلّنا يتمنّى ترك السلك، إذا أنا ضليت غيري ما رح يضل”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us