حرفوش وتحليق وهمي لـ”غرندايزر” الورق.. بين طرابلس والضاحية!


كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان” :

في رحيل سامي كلارك، صاحب الأغنية العابرة للأجيال واللغات، عاد اسم “غرندايزر” إلى التداول بكثرة رغم أنّه لم يغب في معرض “العبارات اللبنانية”، فدائمًا ما تجد لقب “غراندايزر” حاضرًا بين الأصحاب، مصاحباً للشخص الذي يروي لهم بطولاته ومغامراته، الواقعية.. والخيالية.
كذلك يُستخدم هذا اللقب في السياسة اللبنانية على من يدّعي خوضه معارك صعبة وشاقّة، تكون في الأصل غير منطقية وليست واقعية.
ويبدو أنّ “غراندايزر” المرحلة، مرحلة الإنتخابات النيابية، اسمه عمر حرفوش، وهو المرشح السني في دائرة الشمال الثانية التي تضم طرابلس – المنية – الضنية.
وهو “ملياردير” طرابلسي، منتج ومؤلف موسيقي، ومؤسس إذاعة (أف أم) في أوكرانيا، ومنظم لانتخابات جمال وعروض أزياء، وهو المستشار السياسي لماريان لوبين، رئيسة حزب اليمين المتطرف الفرنسي..
كما أنّه يُعدّ فردًا مهمًّا في الكثير من الوفود الفرنسية الزائرة، واحدة منها كانت في عز الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، وتحديدًا بعد قرار المملكة سحب سفيرها من لبنان والطلب من سفير لبنان لديها مغادرة المملكة، عندما ادّعى قيامه بصفة شخصية بزيارة رسمية إلى المملكة، ونشر صوراً على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي مع مسؤولين سعوديين، ووزع أخباراً عبر وسائل الإعلام، ليتبيّن لاحقًا أنّه كان في الواقع مرافقاً لنائبة فرنسية اصطحبته معها بصفة مترجم أو مساعد، وكان بعد كل اجتماع مع مسؤول سعودي يطلب التقاط صورة تذكارية له.

وفصول حرفوش في الانفصال عن الواقع عديدة: إعلان مطلع العام الماضي قيام حكومة لبنان بالمنفى من باريس، وهي “حكومة من اختصاصيين عابرين للطوائف”، لكنّ حتّى يومنا هذا لم يُشهد لها أي أثر! وطرح فكرة إنشاء دستور لبناني جديد، وإطلاق مؤتمر تأسيسي لجمهورية لبنانية ثالثة، وتبنّي مبادرة استعادة الأموال المنهوبة من أوروبا!
أمّا أسلوبه وهو يطرح نفسه كـ”منقذ للبنان” من أزماته، فمتواضع جدًا، إذ يقول حرفوش: “أنا الوحيد اللي بدي أعمل اصلاحات كرمال هيك لازم كون نايب ولازم كون رئيس حكومة”.

كما أنّه يجول بشخصيات عدّة، فتارة يدّعي العداء لـ”حزب الله”، ويرفع الصوت السنّي المزعوم، وتارة أخرى، يغازل الحزب ويتجوّل في الضاحية الجنوبية لبيروت، متفاجئًا بوجود كنيسة هناك، علماً أنّ كنيسة “مار مخايل” هي المعلم الشهير بالاتفاق الذي عقد بين الحزب والتيار الوطني الحر، ولضرورات انتخابية يصوّب على حزب القوات اللبنانية، في الوقت الذي يرفع فيه صوره على طريق المطار، معقل الحزب وبيئته الحاضنة!
أمّا جولة اتصالاتنا مع عدد من الشخصيات السياسية والصحافية، والتي حاولنا فيها الوقوف عند طروحات حرفوش وجولاته، فكان الجواب واحدًا من قِبل الجميع “لا تعليق”، فمثلًا نائب رئيس تيار المستقبل، الدكتور مصطفى علوش، قال: “لا يستأهل التعليق”، أما وزير العدل السابق أشرف ريفي، فقال: “لا تعليق، فهو منافسي في الانتخابات ولن أعلّق على شيء يخصّه”، بدوره المنسق العام لإعلام تيار “المستقبل” عبد السلام موسى، علّق: “مش محرز”.
إذاً يبدو أنّ ميشال حايك قد أصاب في ما توقّعه لحرفوش ليلة رأس السنة: “مع كل الحسابات المرتبطة بـ عمر حرفوش، رح يبقى حساب مش محسوب”، وهذا ما صدّق عليه حرفوش شخصيًا في اليوم التالي بقوله إنَّ “ما قاله ميشال حايك يُعبر عن ما يفكر به عدد كبير من اللبنانيين لأن الأحزاب السياسية لا تزال نفسها ترتدي ثياباً جديدة تحت تسمية الثورة والمجتمع المدني..”.

وبالعودة إلى زيارته للضاحية، يُعلّق عليها الكاتب والصحافي حسين عز الدين: “من السخافة ان ينزل حرفوش إلى منطقة مار مخايل ويكتشف وجود كنيسة هناك رغم الاتفاق الذي عقد هناك. ونحن كمعارضين لـ”حزب الله”، نعتقد ان اتفاق مار مخايل كان أسوأ ما حصل خلال العشرين سنة الماضية، لذلك من المعيب أن يتكلّم حرفوش بهذه الطريقة، كما أنّ الحزب لا ينتظر شخصًا كعمر حرفوش ليبيّض صورته”، ويضيف لـ”هنا لبنان”: “ما قام به حرفوش لا يرتبط بدعاية انتخابية أو إعلامية، إنما فقط يدل على الانحدار الفكري والثقافي الذي وصلنا إليه.. ومن العيب أن يمثّل شخص مثله الطائفة السنية”.

وفيما يخص تصويبه على “القوات اللبنانية” واتهامه لهم بتمولهم وتسلحهم من “إسرائيل”، يقول رئيس جهاز الإعلام و التواصل في “القوات” شارل جبور: “القوات اللبنانية سلّمت سلاحها في العام 1990، وهي مؤمنة بخيار الدولة وهي ضد أن يتسلّح أي مكوّن في لبنان، والسلاح يجب أن يكون فقط مع القوى الأمنية الرسمية، والاتهامات ضد “القوات” هي اتهامات عشوائية تحريضية ولا علاقة لها بالواقع”.
ويضيف لـ”هنا لبنان”: “تمويل “القوات اللبنانية” هو تمويل واضح المعالم من خلال الاغتراب اللبناني، أمّا الاتهامات حول إسرائيل فهي اتهامات سياسية”.
بالنسبة للمطالبة بجمهورية ثالثة، يُعلّق جبّور: “الجمهورية الثانية لم يُطبّق منها شيء، دستور إتفاق الطائف لم يُطبّق، فبالتالي قبل الحديث عن جمهورية ثالثة، ورابعة.. وخامسة، يجب أن نُطبّق الدستور ولا ينفع الكلام عن جمهوريات إذا كان هناك فريق سياسي يحول دون تطبيق الدستور، وقبل أن يكون الجميع في لبنان سواسية ومتساوين أمام القانون وتحت سقف الدستور”.
أما عن حرفوش، فلا يسع جبّور إلّا القول: “كل إنسان له مطلق الحرية في الترشّح فلبنان بلد ديمقراطي”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us