“ايه كيف”


أخبار بارزة, خاص 17 آذار, 2022

كتب بسّام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:

منذ العام ٢٠٠٩ وحتى العام ٢٠٢٢ يركب التيار الوطني الحر وحركة أمل قطار الانتخابات سويًّا في دوائر انتخابية متعدّدة ويستفيد الطرفان من أصوات بعضهما البعض في تحقيق الفوز والحواصل، ولا يكتفي التيار والحركة بركوب قطار الانتخابات معًا، بل ويركبون أيضًا قطار الحكومة سويًّا، حكومة الوحدة الوطنية التي تتشكّل بعد جهدٍ جهيدٍ بسبب خلافاتٍ بينهما على حقائب تدوم أشهرًا.

عندما يصل قطارا الانتخابات والحكومة إلى محطتهما الأخيرة ويتوقفان تبدأ الخلافات بين الطرفين وأشهرها على خطط الكهرباء ويبدأ تبادل الاتهامات بالسرقة والفساد والبلطجة ودفع الخوات والرشوات، وغالبية هذه الاتهامات موثّقة بالصوت والصورة والبيانات وأبرزها عندما اتّهم رئيس الجمهورية وزير المال علي حسن خليل بتقاضي خوّات من المقاولين للحصول على مستحقاتهم وردّ الوزير باتهام رئيس الجمهورية بتلقي حقائب من المال، وقد مرّت هذه الاتهامات مرور الكرام ولم يتمّ تكليف أحد بأيّ تحقيقٍ أو تدقيق.

في هذه المسيرة المشتركة بين الطرفين يلقي التيار الوطني الحرّ علنًا بمسؤولية الفشل الذي يصيبه على الرئيس نبيه بري وحركة أمل بالدرجة الأولى، ويأخذ على حزب الله حليفه الأساسي وراعي مناصبه النيابية والوزارية والرئاسية أنه لا يقف إلى جانبه في مواجهة الرئيس بري، ويكرر التيار مقولة “ما خلونا” وهي الذريعة للقول لأنصاره وللرأي العام اللبناني بأنّ الفشل ليس متأتّيًا من أدائه بل هو أُفشِل نتيجةً لسوء نيّةٍ من الرئيس بري وحلفائه.

في السياسة تُستخلص الدروس والعبر، ولا يمكن لأّي طرفٍ سياسيٍّ أن يكرّر تجارب فاشلة على مدى ثلاثة عشر عامًا فيعاود ركوب القطار الانتخابي ذاته والقطار الحكومي ذاته ليصل في النهاية إلى النتيجة ذاتها وهي القول “ما خلونا”، هكذا سيحصل مع التيار الوطني الحر بعدما تجرى الانتخابات وتتشكل الحكومة إذا حصل مع حلفائه على الأكثرية، فالمشهد سيتكرر، سيتأخر تشكيل الحكومة أشهرًا وسيحتفظ ثنائي أمل وحزب الله بوزارة المال، والتيار بالطاقة ولن تتحسن الأوضاع المالية والاقتصادية ولن يتحسن وضع الكهرباء ومن يعش يرى.

المفارقة الغريبة العجيبة في كل هذا الواقع هي كيفية تقبل جمهور الطرفين له، يتقبلون الأمر من دون أن يرف لهم جفن ومن دون أي سؤال، ليعود هذا الجمهور وعندما يندلع الخلاف إلى شتم بعضه البعض بأقذع الألفاظ والعبارات.

في المفارقات أيضاً أن “جحا ما فيه إلا على خالتو” و”خالتو” لا شأن لها بما يجري معه فلا هي في الحكومة ولا تملك القدرة التعطيلية إن وجدت في الحكومة وفي مجلس النواب.

في الخلاصة هناك من يستعمل ما يدعيه من فساد لدى الطرف الآخر للاستفادة منه في اتجاهين فهو يهاجمه ليجمع شعبية له، ثم يذهب مع هذه الشعبية إلى لدن هذا “الفساد” فيركب معه قطار الحواصل الموصل إلى مجلس النواب، هذا الواقع يعيدني إلى فترة أواخر الثمانينات وسؤال طرح وقتها عن تناقضات مارسها ويمارسها وأعلنها ويعلنها أحد الزعماء “ايه كيف”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us