” تجربة” تحول أطفال “باب الرمل” إلى راشدين ونواة لجيل رائد وبناء


أخبار بارزة, خاص 17 آذار, 2022

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان” :

“أنا هنا منذ حوالي 4 أشهر ، سعيد بقيامي بنشاطات بيئية مع أصدقائي، وسنحافظ دائماً على نظافة منطقتنا، أتفقد الشجرة التي زرعتها بالقرب من المركز مع أصدقائي مرة في الأسبوع، بانتظار أن تثمر، ونرى نتيجة جهودنا المشتركة”، يؤكد الطفل محمد ( 10 سنوات) أثناء مشاركته في إحدى حملات النظافة، التي تقوم بها “تجربة” في منطقة باب الرمل في طرابلس.

من أكثر المناطق الشمالية حرماناً، ولد مشروع “تجربة” ليجمع أطفال هذه المنطقة والمناطق المحيطة بها، ويساعدهم على تطوير مهاراتهم العقلية والنفسية، ويجعلهم قادرين على تغيير المجتمع نحو الأفضل، ضمن مشروع إقامة جيل شبابي رائد وبناء.

ويوضح الشاب محمد عمر مدير المشروع في حديثه لـ “هنا لبنان”: “تجربة هي مجموعة شبابية أنشئت في طرابلس في2021 يقودها الشباب وتعمل في الأحياء الشعبية. نؤمن من خلالها بأن التغيير يبدأ من الفرد، وأن العلم والثقافة يساعدان في نهضة المجتمع”، لافتاً إلى حرصه منذ البداية على توفير بيئة آمنة وحاضنة للطفل وطموحاته.

وتعود إنطلاقة المبادرة التي باتت اليوم تضم العشرات من الأطفال والشباب إلى ملاحظة عمر خلال شهر رمضان الماضي الفراغ الكبير لدى أطفال باب الرمل، عازياً ذلك إلى فترات إغلاق المدارس تحت وطأة أزمة كورونا، ومشكلة إنقطاع الكهرباء، ووجود عدد لافت من الأطفال في شوارع المنطقة بفعل التسرب المدرسي، أو أولئك الذين عادوا من المدارس بعد الظهر بهدف اللعب.

“بادر بالتطوع معنا لتصبح جزءاً من صناعة الأجيال الرائدة” عبارة تستوقفك خلال تجوالك في أرجاء مركز المشروع الذي لا يزال في مرحلة التجهيز، وتكمن أهميته في مساعدة المتطوعين من الأطفال والشباب والشابات على تحسين قدراتهم التربوية والاجتماعية والثقافية، وفي تركيزه على الصحة النفسية التي يعتبرها عمر ركنا أساسيا في بناء شخصية كل منهم، وبالتالي دعم اهاليهم وإرشادهم الى أساليب التربية الصحيحة.

وقبل دخول المشروع عامه الأول، بات اليوم يضم عشرات الأطفال والشباب والفتيات بين عمر 8 و18 سنة “في خطوة تهدف إلى إحداث تغيير في المجتمع وعلى عدة مستويات” كي ينجح التغيير علينا أن نبدأ من الوقوف عند أساس المشكلة أي مرحلة التنشئة، وتحفيزهم وفق مبادىء سليمة وإبعادهم عن كل العادات السيئة وخصوصاً التدخين والسرقات وتعاطي المخدرات، يوضح عمر.

 

حتى اليوم قامت “تجربة” بنشاطات بيئية واجتماعية عديدة كنشاط تشجير المساحات المهملة في منطقة باب الرمل بالأشجار المثمرة، بعد إزالة النفايات منها، وكان أول مشروع لها تنظيف درج من الأدراج التراثية في منطقة باب الرمل، ثم عمد عمر إلى تأسيس فريق من أطفال المناطق المهمشة في طرابلس ودمجهم بالمجتمع من خلال أنشطة تطوعية مختلفة. كما وتعمل على استقطاب المتطوعين لتنفيذ مبادراتها في باب الرمل، مستهدفة الفئة المذكورة فيها، وهي تخطط اليوم لتوسيع رقعة عملها لتشمل مناطق أخرى.

وحول الدعم الذي تتلقاه المبادرة يجيب عمر “في ظل ما تعانيه المدينة من مشاكل وأزمات لا تحصى، تلقت تبرعات من محبي الخير في المدينة تبدأ من 5 آلاف ليرة إلى 100 دولار، وبالتأكيد ليس هناك من مصدر دعم أو تمويل دائم، ونحن نرتب أمورنا حسب إمكانياتنا المادية، وبإيمان المتطوعين وإندفاعهم، ورغبة جيل الشباب عندنا بالتغيير نحو الأفضل”.

ومن الأنشطة التي تعمل المبادرة على إعدادها منذ أيام مجموعة من الإستمارات بهدف تقييم مستوى الرياضيات واللغة العربية واللغة الفرنسية، لدى كل متطوع فيها، لتحدد بعدها عدد الأساتذة المختصين الذين سنتعاقد معهم لتعليمهم وتثقيفهم.

“أحلم بأن أصبح طبيباً أعالج المرضى، هنا في الجمعية لأنها علمتني كيف أكون إنسانا خيّراً وإيجابيا” يؤكد آدم ( 14 عاما) فيما يشدد محمد ( 16 عاما) على أنه سيبدأ بتعليم الأطفال الذين أتوا للمركز من الشارع ولا يجيدون القراءة ولا الكتابة .

ويبدو أن هذا الطموح هو إمتداد لطموح المبادرة حيث برهن كل متطوع بسلوكه وأدائه نجاح التجربة وكانوا هم أساس التغيير والطامحين له، فهم من حمل أكياس الخبز والمكانس ليصنعوا الجمال في محيطهم، وهم من تحولوا أطفالاً راشدين لمن يصغرهم عمراً من أطفال “التسرب المدرسي”.

بالإرادة والإجتهاد والمثابرة يتسلح عمر في مسيرته المجتمعية “نحن مصممون على نجاح المشروع ومتكلين على الله”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar