الكابيتال كونترول أو استمرار المواجهة القضائية المصرفية


أخبار بارزة, خاص 23 آذار, 2022

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان” :

صباح يوم الاثنين في 5 حزيران 1967 اندلعت حرب الأيام الستة بين الدول العربية وإسرائيل وأغارت الطائرات الإسرائيلية على المطارات المصرية واستكملتها بغارات على دول عربية أخرى. وقبل وصول الحرب إلى لبنان، استشعر رئيس الجمهورية حينها شارل الحلو ورئيس الحكومة رشيد كرامي ورئيس مجلس النواب صبري حمادة الخطر. فعقد مجلس الوزراء جلسة طارئة في اليوم ذاته وأحال مرسومًا حمل الرقم 7510 يطلب صلاحيات تشريعية في المجال المالي والاقتصادي لمواجهة المرحلة وتداعياتها. لم يتأخر مجلس النواب في ملاقاة الحكومة وعقد جلسة برئاسة الرئيس صبري حمادة وأقر في أقل من نصف ساعة طلب الحكومة، بإعطاء الحكومة “حق التشريع لمدة شهرين بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء في القضايا الاقتصادية والمالية والقضايا المتعلقة بالسلامة العامة والأمن”.

وبعد ثلاثة أيام اجتمع مجلس الوزراء وأصدر المرسوم الاشتراعي رقم 1 يتضمن تنظيم علاقات المصارف مع زبائنها وأقر قانون الكابيتال كونترول وإعتماد إجراءات علمية وبسيطة للحد من خروج الودائع والحد من السيولة بالليرة وألزم المصارف بإجراءات واحدة تجاه جميع الزبائن.

في تشرين الأول 2019، ومع اندلاع الحراك الشعبي وبدء ملامح الإنهيار المالي والنقدي، حملت جمعية المصارف مرسوم العام 1967، وطلبت من السلطات النقدية والتشريعية والتنفيذية أن تحذو حذو حكومة رشيد كرامي والإسراع بإقرار قانون الكابيتال كونترول.

التطورات السياسية حالت دون ذلك، استقالت حكومة الرئيس سعد الحريري، حاولت بعدها حكومة الرئيس حسان دياب وضع مشروع قانون الكابيتال كونترول، فطرحه وزير المال غازي وزني على مجلس الوزراء، وبليلة ظلماء عاد وزني وسحب المشروع.

آخر المحاولات كانت لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فانضم مشروع القانون إلى اقتراحي قانون في مجلس النوب، فبات أمام المجلس ثلاث مسودّات متباينة لمشروع القانون هذا: المسودّة الحكوميّة، مسودّة لجنة الإدارة والعدل، ومسودّة لجنة المال والموازنة.

والخلاصة توقف النقاش بعدما طلب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وهو ممثل الحكومة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أسبوعاً للحصول على ملاحظات صندوق النقد الدولي، و”هيدا كان وجه الضيف” وعاد الكابيتال كونترول إلى أدراج المجلس النيابي.

بعد الملاحقات القضائية الأخيرة بحق المصارف، والقرارات التي طالت بعضها، عادت جمعية المصارف لتطالب بضرورة إقرار الكابيتال كونترول بحجة تنظيم العلاقة مع المودعين.

كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل يؤكد أن المصارف كانت أول من طالبت السلطات اللبنانية بإقرار الكابيتال كونترول. ومنذ بداية الأزمة، عندما اجتمع صندوق النقد الدولي مع مكونات واسعة من القطاعات الاقتصادية، من ضمنهم مجموعة من ممثلي المصارف اللبنانية، كان هناك إصرار على ضرورة إقرار هذا القانون.

يؤكد غبريل أن الهدف الأساسي من هذا القانون، إضافة إلى تنظيم العلاقة مع المودع، وعدم وضع المصارف بمواجهة المودعين، هو توحيد سعر صرف الدولار، وهو مطلب أساسي من مطالب صندوق النقد.

وإذ يؤكد غبريل أن الصندوق لن يوافق على أي اتفاق تمويلي إصلاحي، إلا بعد إقرار قانون الكابيتال كونترول، يقول إن النقاش في لجنة المال والموازنة إتخذ طابعا شعبوياً ومحاولة تضليل للوقائع.

أما البند الذي أُثير حوله كل هذه الضجة المتعلق بتعليق الدعاوى المقدمّة ضد المصارف والتي لم يبت فيها بعد، فيرى غبريل أن الإتفاق على هذا البند سيكون لصالح المودع إذ يضمن المساواة بالتعامل بين المودعين.

ويشرح أن “أي مودع يربح دعوى قضائية تمّكنه من الحصول على وديعته، فسيكون ذلك على حساب المودعين الآخرين. فالمصارف لديها سيولة محددة حالياً، وهي التي تطالب بحل شامل يُنصف المودعين جميعاً، وليس فقط المودعين القادرين على اللجوء إلى المحاكم المحلية أو الدولية ودفع مبالغ طائلة للمحامين، فيما المودعون الآخرون عاجزون عن فعل ذلك”.

وعن إضراب المصارف، يقول غبريل، إنه تحذيري وهو نداء استغاثة للسلطات لرحم الاقتصاد والمواطن والقطاع الخاص، ولدفع السلطة التنفيذية إلى بدء العملية الإصلاحية والإنتهاء من وضع خطة التعافي الإقتصادي التي يجب أن يكون من أولويتها توسيع حجم الاقتصاد ودعم النمو وتحسين مناخ الاستثمار، وبنية الأعمال التنافسية، وليس إتخاذ منحى تفليسي، من منطق تحميل 75% من الخسائر للقطاع الخاص أي المودع والمصارف.

ويختم غبريل أن منع تكرار سيناريو المواجهة بين المودعين والمصارف يبقى رهن الإرادة السياسية بتطبيق الاصلاحات والوصول إلى اتفاق تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد الدولي، وسريعاً.

يتوقع المراقبون أن تستعر المواجهة في الأيام المقبلة بين المصارف والمودعين من جهة، والمصارف والقضاء من جهة أخرى، في ظل عدم تبلور أي صيغة إتفاق أو تسوية أو حتى هدنة حالياً، وبإنتظار ما سيتبلور من الاتصالات التي يقوم بها وزير العدل هنري الخوري بتكليف من مجلس الوزراء لإيجاد الأطر القانونية اللازمة لمنع تفاقم الأمور.

وحتى ذلك الحين، يقول ممثل لبنان في مفاوضات صندوق النقد الدولي سعادة الشامي في بيانه الأخير إن المحادثات مع صندوق النقد الدولي تطرقت إلى إقرار قانون الكابيتال كونترول، إلا أن الشامي لم يضع مهلاً زمنية واضحة للإنتهاء من هذا القانون، ولا الملاحظات التي يضعها الصندوق، مغفلاً أننا لا نملك ترف الوقت، ليس فقط بسبب الإنهيار المالي الحاصل والذي طالت شظاياه كل اللبنانيين، إنما منعاً لسيناريوهات مواجهة تحمل طابعاً قضائياً حتى الساعة، لكنها عرضة لتتطور إلى مواجهات مباشرة تشبه ما قام به عبدالله الساعي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us