أزمة المحروقات تنعكس خراباً على القطاع الزراعي


كتب د. طوني وهبه لـ “هنا لبنان” :

تتهدد القطاع الزراعي أزمة كبيرة، بدأت مظاهرها تلوح في الأفق، مع قرب انتهاء فصل الأمطار وبداية فصل الجفاف، وخاصة في منطقة البقاع، نتيجة الإرتفاع الكبير في أسعار المحروقات، وقلة توفرها في المحطات، وما لذلك من انعكاسات خطيرة جداً على معيشة الناس وإمكانية حفاظهم على أرزاقهم وجنى أعمارهم.
تروى الأراضي الزراعية في معظم المناطق الداخلية بالمياه الجوفية، وخصوصاً في منطقة البقاع الشمالي التي تتلقى معدلات متدنية من المتساقطات تتراوح بين 200 و300 ملم سنوياً، هذه النسبة لا تسمح بنمو أي نوع من الزراعات البعلية. كما تعرف هذه المناطق أعلى درجات الحرارة في فصل الصيف، ولذلك يقتصر النشاط الزراعي فيها على الزراعات المروية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.

مشكلة الري
ويتم استخراج المياه الجوفية من أعماق مختلفة، بواسطة محركات تعمل على المازوت أو الكهرباء، ومع الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، يلجأ المزارعون إلى تشغيل محركات استخراج المياه على المازوت الذي ارتفعت أسعاره بشكل جنوني، (فقد تضاعف سعر صفيحة المازوت من الموسم الزراعي الماضي وحتى اليوم أكثر من عشر مرات)، والأسعار مرشحة دائماً للارتفاع مع ندرة في توفر هذه المادة، وما لذلك من ارتفاع في أكلاف القطاع الزراعي من الري والأدوية وتشغيل الأدوات والآلات الزراعية، مع صعوبات تسويق الإنتاج على صعيدي النقل والتصدير.
أحد كبار المهندسين الزارعيين، قال: إن المشكلة الأخطر تكمن في توقف المزارعين لعدم قدرتهم على ري مزروعاتهم وبالأخص الأشجار المثمرة (التي تحتاج من 5 إلى 6 سنوات حتى تبدأ بالعطاء كالمشمش مثلاً)، وهي تحتاج إلى الري أقله مرتين في الأسبوع في فصل الجفاف، ما يعني أنه في حال لم يستطع المزارع تأمين المازوت بأسعار معقولة، لري هذه الأشجار في فصل الصيف، تصاب الأشجار التي تعب عليها عشرات السنوات باليباس ما يعني ضياع جنى عمره والمورد الأساسي لمعيشته ومعيشة أولاده، وهذا ينطبق على المزروعات ومئات آلاف الأشجار.

الحل الممكن

ويضيف المهندس الزراعي قائلاً: إن الحل الممكن والمجدي لمواجهة هذه المشكلة المصيرية بالنسبة للمزارعين، يتم بتوفير مصادر طاقة بديلة عن المازوت والكهرباء، أي الاستفادة من الطاقة الشمسية، أو طاقة الرياح، وهي طاقة مجانية ونظيفة بيئياً، ولكنها تحتاج فقط إلى كلفة التجهيز والصيانة، والمناطق الزراعية تعرف نسبة إشماس وطاقة رياح مرتفعة تسمح بتوليد طاقة كبيرة لتشغيل المحركات من أجل استخراج المياه لري الأراضي الزراعية.
ولكن حل الطاقة البديلة يحتاج إلى إمكانات مالية تفتقدها النسبة العظمى من المزارعين، لشراء التجهيزات اللازمة من ألواح الطاقة الشمسية أو المراوح الهوائية وتجهيزاتها وهذه كلها بالدولار الأميركي، لذلك يتوجب على الإدارات المعنية في وزارتي الطاقة والزراعة البحث عن حلول عملية وسريعة لهذا الموضوع، ومنها تكون عبر العمل الجدي مع مؤسسات أو جمعيات محلية ودولية تؤمن هذه التجهيزات بالتقسيط على فترات تناسب إمكانات المزارعين واحتياجاتهم، ومعالجة هذا الموضوع قبل أن تقع المشكلة وتتناسل عنها مشاكل عديدة تطال فئة واسعة من اللبنانيين، وتذهب بجنى أعمارهم ولقمة عيشهم. وكما يقول المثل “درهم وقاية خير من قنطار علاج”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar