حكومة “العلاج بالمسكنّات” …و”العصا السحرية” المفقودة 


كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

مع كل إشراقة شمس في لبنان، أزمة تحلّ على المواطن اللبناني والمعالجة مؤجلة. “ترقيع “أو تسكيج” سمة تطبع عمل الحكومات وحكومة “معًا للإنقاذ” ليست استثناء. هي التي ورد في بيانها الوزاري أنّها تشكّلت بمهمّة إنقاذية، “لحماية اللبنانيين وحفظ كرامتهم وإنهاء معاناتهم اليومية ووقف نزيف الهجرة الذي يدمي قلوب جميع اللبنانيين، واستعادة الثقة الداخلية والخارجية بالمؤسسات اللبنانية ووقف الانهيار وبدء عملية التعافي والنهوض”.

إلّا أنّها ومنذ تشكيلها تعمل وسط حقل ألغام وحذر من التطرّق إلى ملفات تحوّل جلسات مجلس الوزراء إلى ساحة للاشتباك السياسي وحتى الشعبوي مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. فيما امتهنت الطبقة السياسية تضييع الفرص وسط مستويات انهيار تتطلب تظافر كل الجهود للمعالجة.

مصادر وزارية أكّدت لموقع “هنا لبنان” أنّ الحكومة تواجه وضعًا اقتصاديًّا عبارة عن تراكمات على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وهو ما لا يمكن حلّه بين ليلة وضحاها وتحميله للحكومة الحالية، التي لا تحمل عصًا سحرية لحلّ كلّ الأزمات دفعة واحدة خصوصًا أنّ الإنقاذ الشامل لا يتمّ بكبسة زرّ، ولا بفترةٍ زمنيّةٍ قصيرة وهو عمر الحكومة الحاليّة المحكومة بعامل الوقت الضيّق واصطدامها بالمرحلة التحضيرية للانتخابات النيابية.

المصادر نفسها لفتت إلى أنّه انطلاقًا من إمكانات الدّولة وممّا هو متوفّر تتّخذ القرارات التي يراها البعض دون مستوى التوقّعات إلّا أنّ الحكومة تسعى جاهدة لإعادة التعافي إلى الاقتصاد اللبناني بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

فيما انتقدت مصادر سياسية تعاطي الحكومة مع الملفات المعيشية مستغربة بعض البنود على جدول أعمال الجلسات الحكومية والتي أقلّ ما يقال فيها أنّها استخفاف بمعاناة المواطن اليومية فيما المعالجات أشبه بإعطاء “حبة بنادول” لمريضٍ يعاني من مرض عضال، أمّا سياسات الترقيع فمن شأنها تأجيل الانفجار ولكن لن تحلّ الأزمات، المطلوب اليوم معالجات جذرية وحقيقية لا مسكنات.

وعلى رغم تقاطع الرسائل الدولية حول وجوب الإسراع في تنفيذ الإصلاحات البنيوية والمالية ومكافحة الفساد وإقرار الموازنة العامة وإقرار خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي يشدد عليها صندوق النقد الدولي إذ أنّ الاستمرار بهذا البطء يؤدّي حتمًا إلى عدم الشروع بالمفاوضات الأساسية وتفاصيلها مع الصندوق قبل الانتخابات النيابية، إلّا أنّه حتى اليوم لا إصلاحات خصوصًا أنّ أيّ قرار محكوم بالتوافق بين القوى السياسية قبل طرحه على طاولة مجلس الوزراء ويخضع للتجاذبات والمساومات.

خطط تُقرّ ولكن التجارب السابقة علمتنا أنّ الخطط على الورق شيء وفي الواقع شيء آخر، ويدور ملف الكهرباء في الدوامة نفسها: التخيير بين العتمة والسلفة والنتيجة واحدة: لا كهرباء.

لجان وزارية تشكل لمعالجة أزمة معينة، وإذا بها تصطدم بـ “فيتوات” وعراقيل والنتيجة: دوران في الدوامة نفسها ما “يدوّخ” المواطن.

وليس ببعيد عن هذا المشهد، مشروع موازنة العام 2022 ومشكلته الأساسية التي تكمن في أنّ مناقشته تتم على أبواب استحقاق الانتخابات النيابية من قبل نواب مرشحين للانتخابات وتغلب على خطاباتهم ومواقفهم المزايدات والشعبوية. في وقت أنّ قوى سياسية شاركت في إعداد موازنة عام 2022 وناقشتها في جلسات متتالية في مجلس الوزراء ثم عمدت إلى التصويب عليها في الإعلام. ويُسجَّل بحسب المتابعين غياب النظرة الإصلاحية في بنود الموازنة لإعادة تقويم مالية الدولة ما يتعارض مع المطلب الأساس إن كان لصندوق النقد أو المجتمع الدولي إضافة إلى غياب البعد الاجتماعي لحماية شرائح المجتمع المهمشة والفقيرة.

أما السؤال الذي يؤرق المواطن يوميًّا: من يلجم سعر صرف الدولار؟ الجواب ضائع في ظلّ غياب خطة اقتصادية – مالية وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة دوليًّا وداخليًّا لإعادة ترميم ما تبقى من مؤسسات الدولة التي تنهار الواحدة تلو الأخرى.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us