بعد انتخابه لولاية ثانية.. هل يُجدد ماكرون إطلاق المبادرة الفرنسية؟


أخبار بارزة, خاص 1 أيار, 2022

كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان” :

تابع اللبنانيون بترقّب شديد الانتخابات الرئاسية الفرنسية رغم انشغالاتهم اليومية بمشاكلهم المعيشية والإنتخابية، وارتاح العديد منهم بإعادة انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون لولاية ثانية.

ويرتبط الاهتمام اللبناني بفوز ماكرون باهتمامه الاستثنائي بالملف اللبناني ودعمه للشعب الذي تعاطف معه عقب نكبة انفجار بيروت في 4 آب 2020، كما قيامه بمبادرات متعددة لإخراج البلاد من أزماتها المتلاحقة.

واليوم وبعد إعادة انتخاب ماكرون رئيسًا لفرنسا، أسئلة كثيرة باتت تُطرح: ما هي انتظارات اللبنانيين؟ هل ستطرأ متغيرات على السياسة الخارجية الفرنسية؟ هل سيتغيّر الإهتمام بالملف اللبناني؟ وهل سيُعيد ماكرون إطلاق المبادرة الفرنسية بشراكة سعودية؟

يرى الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة أنّ المبادرة الفرنسية مرّت في مراحل متعدّدة، إذ يقول لـ”هنا لبنان” إنّه “عندما أطلق الرئيس ماكرون مبادرته في المرة الأولى غداة تفجير مرفأ بيروت وأتبعها بالمبادرة المفصّلة في اجتماع الأول من أيلول 2020، في قصر الصنوبر، كانت آمال اللبنانيين كبيرة خصوصًا أنّها لامست قضية التغيير في لبنان، لكن مع الوقت تغيّرت المبادرة التي عُقدت عليها آمال التغيير ليصل ماكرون إلى مرحلة اضطر فيها أن يُصارح اللبنانيين بأنّ فرنسا والمجتمع الدولي لا يمكنهما أن لا يتعاملوا مع لبنان الرسمي أو مع الطاقم الحاكم وبالتالي عليكم أن لا تنتخبوهم في المرة المقبلة، بمعنى أنّه غيّر في مبادرته ورماها باتجاه الانتخابات النيابية المقبلة”.

ويضيف: “مع الوقت تلاشت المبادرة ولم تعد مبادرة تغييرية وتحوّلت إلى مبادرة للتعامل مع الواقع، هدفها دفع لبنان الرسمي للتفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل مساعدة مالية لخزينة الدولة، وهذا ما حصل بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي”.

نتيجة لذلك لم تعُد انتظارات اللبنانيين كبيرة اليوم، لأنّهم انتظروا الكثير لكنّهم اكتشفوا أنّ مقاربة ماكرون براغماتية إلى درجة أنّها تتعامل مع الوقائع. يقول حمادة: “الإنتظارات ليست بالكبيرة سوى توقعات بأن ماكرون سيواصل سياسة مساعدة لبنان قدر الإمكان ضمن الحدود التي تستطيعها فرنسا وقد نجح ماكرون في إقناع المملكة العربية السعودية خلال زيارته إلى جدّة بالانخراط مجددًا في الملف اللبناني من زاوية المساعدات الإنسانية والإجتماعية مباشرة وهذا ما أدّى في مرحلة لاحقة إلى تأسيس الصندوق السعودي – الفرنسي المشترك لمساعدة الشعب اللبناني على قاعدة أنّ جُل ما يُمكن تأمينه الآن هو تمويل مشاريع إجتماعية تُساعد على إغاثة الشعب اللبناني مباشرةً وليس عبر المؤسسات الرسمية للدولة”.

غير أنّه هناك ارتياح للرئيس ماكرون من قبل اللبنانيين. هذا ما أظهرته نتائج التصويت في بيروت حيث حاز ماكرون على نسبة تفوق الـ 70 في المئة من الأصوات، “وهذا يدل على أنّ اللبنانيين بشكل عام يُفضّلون ماكرون المعتدل الوسطي الذي يجمع بين وسطي وسط اليمين ووسط اليسار الفرنسي، أكثر من مرشحة اليمين الراديكالي ماريان لوبين”، بحسب ما يوضح حمادة، قائلًا: “صحيح أنّ اللبنانيين لم يعودوا ينتظرون الخلاص عن طريق فرنسا لكنّهم بالتأكيد يأملون دائمًا أن تبقى فرنسا مهتمّة بالملف اللبناني، لأنّه ليس للبنان واللبنانيين في المجتمع الدولي من صديق أو من طرف مهتم بالملف اللبناني سوى فرنسا، ولا سيّما فرنسا الرئيس ماكرون”.

وحول ما إن كانت فرنسا ستُطلق مبادرتها من جديد بعد الانتخابات النيابية، يقول حمادة: “المبادرة المستجدة لم تتوقّف، وهي مستمرة مع إستمرار ماكرون في ولاية ثانية لكن الفرنسيين يقولون إن المسؤولية الآن تقع على عاتق اللبنانيين، أولًا بالذهاب نحو انتخابات وبإنتاج مجلس نيابي جديد، ثمّ بتشكيل حكومة ذات مصداقيّة بسرعة، ومفاوضات أيضًا ذات مصداقية بسرعة مع صندوق النقد الدولي الذي يُعتبر الممر الإلزامي من أجل عودة لبنان إلى المؤسسات الدولية المانحة، إضافةً إلى أنّ أي حكومة أكانت حكومة تصريف أعمال إذا طال أمدها أو حكومة جديدة كاملة الأوصاف، مطلوب منها أن تلتزم ببنود المبادرة الكويتية التي وافق عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإسم الحكومة مجتمعة والتي تتضمّن إلتزامات وتعهدات لبنانية تتعلّق بالعلاقات مع العالم العربي، لأنّ أي أمل لإخراج لبنان من أزمته معبره الرئيسي على المدى الطويل هو مساعدة الدول العربية لبنان على تجاوزه هذه المحنة”.

ويؤكّد: “ليس هناك من ممر آخر بالنسبة للأوروربيين وللأميركيين وحتّى للعرب سوى إتّفاق حقيقي وجدّي وواقعي مع صندوق النقد الدولي، إلّا أنّ هذا الإتفاق حتّى الآن لا يزال متعثّرًا ولا يبدو أنّه سيحصل أي تقدّم في أي تفاوض قبل الإنتخابات وتشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، إذًا الكرة في ملعب اللبنانيين ثمّ فرنسا تفعل ما في وسعها على هذا الصعيد”.

أمّا فيما يخص السياسة الخارجية الفرنسية، يُوضح حمادة: “ليس هناك من متغيرات على هذا الصعيد لأنّ الحكم لم يتبدّل وفي انتظار الإنتخابات التشريعية في فرنسا التي ستحصل على دورتين، الأولى في 12 حزيران المقبل والثانية في 19 حزيران، والتي ربّما لا يحصل فيها ماكرون على أغلبية نيابية وبالتالي هناك إحتمال أن تحصل مساكنة مع المعارضة، لكنّ في كل الأحوال تبقى السياسة الخارجية جزءًا أساسيًّا من صلاحيات الرئاسة الفرنسية وفق دستور الجمهورية الخامسة، وبالتالي لا يتوقّع أن يحصل تغيير نوعي في هذه المبادرة أو في المقاربة الفرنسية، وربّما يتغيّر بعض الأعضاء في الخليّة الدبلوماسية التي تتعاطى مع الملف اللبناني في قصر الإليزيه، لكن حتّى الآن هذا الأمر ليس ذا أهمية لأنّ القرارات الكبرى تُتّخذ على مستوى الرئيس نفسه”.

وعن إطلاق صندوق المساعدات الفرنسية – السعودية الثلاثاء الفائت، يُعلّق حمادة: “اليوم يحتوي الصندوق على 72 مليون يورو من الفرنسيين والسعوديين وهناك 35 مشروعًا إنسانية وإجتماعيّة تمّ الإعلان عنها وهي مشاريع تؤثّر مباشرة بتحسين ظروف حياة اللبنانيين سوف يتم العمل على تمويلها، وهذا هو سقف التدخّل الفرنسي الآن فضلًا عن التدخّل السعودي بالتعاون مع الفرنسيين”.

لكنّ ماذا عن إحتمال أن يدعو الفرنسيون إلى مؤتمر دولي حول لبنان أو مؤتمر تأسيسي لإعادة النظر في الدستور اللبناني؟ يؤكّد حمادة أنّ “كل ما حُكي وأُشيع حول هذا الإحتمال، هو كلام غير صحيح ولم يحصل وهو يدخل في إطار التحليلات الإعلامية أو “البالونات” الإعلامية التي تُرمى من هنا وهناك، لكن في الحقيقة ليس هناك من شيء جديد على هذا الصعيد”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us