عيد العمال في لبنان: حقوق مسلوبة ومطالب منسية


أخبار بارزة, خاص 1 أيار, 2022

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان” :

بأي حال جئت يا عيد؟ يطل “عيد العمال” هذا العام على اللّبنانيين، وسط ظروف قاهرة في بلد منكوب، فالمناسبة شابها ضيق حال وتردٍ في الظروف المعيشية والحياتية وارتفاع معدلات البطالة التي لامست الـ 80%، وأيضاً نسبة الفقر التي تخطت الـ 75% مع تجدد الارتفاع الجنوني للدولار وسط محاولات دون جدوى للالتفاف على تفلت انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.

الخبير الاستراتيجي البرفسور بيار الخوري يقول لـ “هنا لبنان”: “في الأول من أيار يصح التحدث عن يوم العمال العالمي، وهو ذلك اليوم من العام 1886 الذي شهد أحداثاً عنيفة في 1886 بعد محاولات العمال الأميركيين تثبيت حقهم بالعمل ثماني ساعات يومياً وبعدها تبنت الحركات العمالية عبر العالم ذكرى المسيرات والإضرابات التي حصلت في ذلك العام من الأول من أيار امتدت حتى الرابع منه كمناسبة للاحتفال كل عام”.

ويتابع: “في لبنان تقاليد عمالية عريقة، إذ حتى ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية المشؤومة، كانت النقابات العمالية قوية وجزءًا من المعادلة الاقتصادية بين العمال وأرباب العمل والدولة وقادرة على التفاوض وعلى فرض شروطها بما يحمي حقوق العمال وكرامتهم”.

ويضيف الخوري: “بعد الحرب تم تفكيك الحركات النقابية العمالية وتحويلها إلى نقابات شبه شكلية خاضعة لتوازنات السلطة السياسية ولم تستطع الحركة النقابية بعد الحرب أن تقدم نموذجاً موثوقاً لمعادلة العمال-الدولة-رب العمل وهم الأطراف الثلاثة الذين يجب أن يتفقوا على معادلة الأجور والأسعار والأرباح المثلثة في الاقتصاد”.

ويردف: “حتى قبل انفجار الأزمة الاقتصادية المعممة في خريف العام 2019، كان 40% من العمال هم عمال غير رسميين وغير مسجلين في الضمان الاجتماعي أو المؤسسات الضامنة الأخرى ولا يتمتعون بأي غطاء خاصة أولئك غير القادرين على تحصيل تأمين من شركات خاصة كما يفتقدون لحقهم بتعويض نهاية الخدمة”.

ويضيف: “لقد استكملت هذه المسيرة في ضرب كرامة العمال الإنسانية والاجتماعية بشكل كارثي بعد تشرين 2019 حيث أكل التّضخم قيمة الأجور وقيمة تعويضات نهاية الخدمة التي تم قبضها وإيداعها في البنوك من أجل أن يعيش العمال في تقاعدهم بكرامة على مردود هذه الودائع، كما تآكلت قيمة الأموال الخاصة بمؤسسه الضمان الاجتماعي وبالتالي تلقى العمال ضربة مثلثة”.

ويشير إلى أن العمال اللبنانيين غير محميين تجاه العمالة غير الرسمية بسبب غياب القوانين وإن وجدت فتكون لتطبيق نفس المعايير على العمالة المحلية والعمالة الوافدة بما يحمي العمال جميعاً.

وبحسب الخوري فإن واقع المشهد اليوم أسوأ ربما أكثر من مشهد العام 1886 حيث حصل العمال يومها على حق العمل لثماني ساعات في اليوم. أما اللبنانيون يعملون الآن حوالي 14 ساعة في اليوم من أجل تحصيل هذا الحد الأدنى للاستمرار في شروط الفقر.

وبسبب ارتفاع نسبة الفقر إلى حدود 80% من اللبنانيين أصبحنا نجد ظاهرة واسعة تتمثل فيه عمالة الأطفال الذين يعملون بدون أي تأمين أو ضمانات وبأجور متدنية جداً. لقد كشفت الأزمة في الواقع الحقيقة التي كان اللبنانيون يهربون منها وهي أن تكاليف الأزمة تحوّل دائماً إلى الفئة الأضعف.

الاتحاد العمالي العام باشر تحركه منذ فترة بهدف رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة على الشطور بعد الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها التي هددت حياة المواطنين، وأجريت اتصالات ولقاءات مع أطراف عدة فأين أصبح مطلب تصحيح الأجور؟

وفقاً لرئيس اتحاد العمال العام في لبنان، بشارة الأسمر، أجرى الاتحاد اتصالاته منذ شهور من أجل تصحيح الأجور كما عقدت لقاءات عدة للجنة المؤشر في وزارة العمل وكانت نتيجتها زيادة مليون وثلاثمئة وخمسة وعشرون ألفاً بدل غلاء معيشي على الحد الأدنى للأجور، على أن يتم التصريح عن هذه الزيادة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي تعطيه تقريباً 1000 مليار ليرة سنوياً ما يساهم في تعزيز تقديمات الضمان التي تضاءلت بشكل كبير.

ويتابع: “كما اتفقنا على زيادة بدل النقل ليصبح 65 ألف ليرة وأيضاً زيادة المنح المدرسية حيث صدرت مراسيم تطبيقية بهذا الإطار”.

ويضيف: “اتفقنا على أن تبقي لجنة المؤشر اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة التطورات ولزيادة مبالغ أخرى مقطوعة يصرح عنها للضمان ولزيادة بدل النقل ولزيادة المنح المدرسية، مؤكداً أنه ومنذ فترة قصيرة كان للنقابة اتصالات مع الهيئات الاقتصادية، واتفقنا على مبدأ زيادة بدل النقل والأمور سالكة بمسارها الصحيح ويبقى أن يتوج الاتفاق باجتماعات لجنة المؤشر التي سوف تعقد بعد عطلة عيد الفطر”.

ويؤكد الأسمر على أن الحوار مستمر وضروري في هذه المرحلة لإنصاف الطبقة العاملة التي تمر بأسوأ أيامها، حيث التقديمات تضاءلت إلى حد كبير، فيما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، والتضخم وصل إلى أعلى مستوياته، والصرف التعسفي ما زال مستمراً، والأزمات الاقتصادية تعصف بالمعامل والمصانع والمؤسسات التجارية.

لذلك نشدد على ضرورة الحوار ضمن ثلاثية التمثيل دائماً للوصول إلى الحلول ولو أنها لا تفي بالغرض فمهما فعلنا اليوم لا نستطيع أن نعطي العامل حقه.

كما نسعى دائماً إلى الوصول لحد أدنى للأجور يكون لائقاً، ولكن في ظل التحرك التصاعدي المستمر للدولار الأميركي وعدم وجود استقرار بسعر صرف النقد لا قدرة على وضع رقم ثابت.

ويختم: “الأمور صعبة جداً على العمال في القطاعين العام والخاص ونسعى جاهدين لإضاءة شمعة في هذا النفق المظلم”.

أما رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله فيقول: “إن عمال لبنان يدفعون ثمن الأزمات الاقتصادية والمالية التي ضربت كل القطاعات وأدت إلى انهيار قيمة الرواتب إلى أكثر من 80%، وبالتالي انعكاسها على الطبقات الاجتماعية، في وقت لم يعد يتمكن الموظف من تأمين المستلزمات الرئيسية التي تنص عليها شرعة حقوق الإنسان.

ويشير عبدالله إلى خروج المئات من الموظفين من وظائفهم خلال السنتين الماضيتين وخسارة مداخيلهم ومصدر رزقهم.

ويشدد على أن ما يصعب من حال العمال أنهم لا يملكون الوسيلة للدفاع عن أنفسهم نتيجة هيمنة أحزاب السلطة على غالبية النقابات العمالية ما يحد من مطالبات العمال في تحسين ظروفهم بشتى الوسائل المتاحة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us