الاقتراع بالأبيض “فخ” والامتناع “استسلام”


أخبار بارزة, خاص 4 أيار, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان” :

“صوتي لا بيقدم ولا بأخّر” ،”كم نائب بالزائد وكم نائب بالناقص ما بيأثر في مسار الأمور”… وكم من عبارات نسمعها في هذه الأيام تعكس حالة اليأس لدى مواطنين غير حزبيين فقدوا الأمل في التغيير بطبقة سياسية أوصلت لبنان إلى “جهنم”.

بين إمتناع وورقة بيضاء تتراوح خيارات هؤلاء المواطنين كتعبير عن اعتراضهم على القوى السياسية التقليدية من دون أن يستطيع البدلاء كالمستقلين والمجتمع المدني وقوى التغيير أو المعارضة إقناعهم بطروحاتهم.

ولكن هل الإمتناع والتخلي عن حق من الحقوق الأساسية هو السبيل للخروج من الوضع الحالي؟ وماذا يعني الإقتراع بالورقة البيضاء ومن المستفيد منها انتخابياً؟ وما مفعولها السياسي؟

في الانتخابات النيابية عام 2018، بلغت نسبة الاقتراع 49.70 في المئة وكانت قد بلغت 54 بالمئة في العام 2009، فيما يرى مراقبون اليوم أن نسبة الإقتراع قد لا تصل إلى النسب السابقة في ظل مشهد عدم الثقة بالتغيير وتعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي وعزوفه وتيار المستقبل عن خوض الانتخابات وبالتالي عدم حماسة جمهور التيار الأزرق للإقبال على صناديق الاقتراع كما في السابق.

ولكن على الممتنعين التنبه إلى أن قرارهم هذا قد يفيد بعض الجهات السياسية التى ترى في الإقبال الشعبي الخفيف فائدة من خلال قدرتها التأثير أكثر على المحازبين الذين سيشاركون في التصويت وبالتالي تأتي نتيجة الانتخابات لصالح القوى المتحكمة أصلاً بالسلطة.

وفي انتخابات العام 2018 بلغ عدد الأوراق البيضاء 15 ألفاً و29 ورقة، هي أوراق احتسبت وفق القانون الإنتخابي رقم 44/2017 الذي أقره مجلس النواب في العام ٢٠١٧ والذي يعتمد النظام النسبي، وتعتبر الورقة البيضاء تصويتاً صحيحاً، وهذا ما نصت عليه المادة 103 منه: “تعتبر الاوراق التي لم تتضمن أي اقتراع للائحة وللأصوات التفضيلية أوراقاً بيضاء تحتسب من ضمن عدد أصوات المقترعين المحتسبين”، خلافاً للقوانين الإنتخابية السابقة حيث كانت تُحتسب الورقة البيضاء من ضمن الأوراق الباطلة والملغاة كالأوراق التي كانت تتضمن أخطاء.

مع الإشارة إلى أن الورقة البيضاء المعني بها في هذا النص هي ورقة اللوائح المرشحة المطبوعة سلفاً والتي تعطى للناخب من قبل رئيس القلم لوضعها في صندوق الاقتراع ولكن من دون أن يضع المواطن إشارة في خانة أي لائحة أو مرشح تفضيلي، وليس الورقة البيضاء العادية الفارغة التي تعتبر في القانون ورقة ملغاة.

وفي هذا السياق أكدت منسقة الإعلام والتواصل في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الإنتخابات سندريلا عازار لموقع “هنا لبنان” أن “الورقة البيضاء ترفع الحاصل الإنتخابي وكلما ارتفع عدد الأوراق البيضاء كلما ارتفع عدد المقترعين وبالتالي الحاصل الإنتخابي من دون احتساب أي صوت لأي لائحة، مع التذكير أن الحاصل الإنتخابي يحتسب كالتالي: عدد المقترعين (أي عدد الذين صوّتوا للوائح والمرشحين فيها) زائد عدد الأوراق البيضاء ويقسم المجموع على عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية الكبرى، وبالتالي يرتفع الحاصل الإنتخابي”.

الورقة البيضاء، بحسب عازار، رسالة سياسية للقول “إن المرشحات والمرشحين واللوائح التي تتنافس في الدائرة لا يمثلون بالضرورة الناخب ولا يمثلون طموحاتهم. وهي تصعّب المعركة على الجميع ولكن تعطي أفضلية لمجموعات على حساب مجموعات أخرى بما أن الحاصل الإنتخابي هو مرتفع جداً من الأساس .فيما الامتناع لا يرفع عدد المقترعين وبالتالي الحاصل الانتخابي لن يرتفع”.

عازار لفتت إلى أنه “يبقى على المواطنة والمواطن حرية القرار إما بالإمتناع أو التصويت بورقة لاغية أو التصويت لأحزاب أو مجموعات أو التصويت بورقة بيضاء.”

وفيما يرى بعض الخبراء أن احتساب الورقة البيضاء كتصويت صحيح هو بمثابة إظهار الرأي المعارض للناخب وله دلالات معنوية تشير في حال ارتفاع نسبتها إلى عدم رضا الناخبين بالمرشحين في دائرة معينة إلا أن خبراء آخرين يؤكدون أن ارتفاع الحاصل الانتخابي سيؤدي إلى صعوبات على المجموعات السياسية الصغيرة في أن تخرق. وهذا ما يدفع بعض القوى الحزبية التقليدية التي حاكت تحالفات سياسية، ولن يصعب عليها تأمين الحاصل، إلى تشجيع الناخبين المترددين أو المعترضين على خيار الورقة البيضاء بدلاً من الإمتناع لرفع الحاصل الانتخابي الأول وبالتالي منع القوى المعارضة من الوصول إلى هذا الحاصل في ظل تعدد لوائح المجتمع المدني مثلاً وتشتت الأصوات.

بين ورقة بيضاء وامتناع، يبقى الإقتراع بالابيض الخيار الأفضل لإيصال رسالة احتجاجية إلا أن التغيير لن يأتي إلا بالاقتراع بقناعة، ووحدها القناعة الشخصية، لمن يراه الناخب مناسباً لأن يمثله حقيقة في المجلس النيابي وليس زوراً !!!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us