رامي فنج… وأصبح لـ “عروس الثّورة” نائبٌ


أخبار بارزة, خاص 21 أيار, 2022

كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:

على لوحة القدر القاتمة الّتي زادها الفقر والبؤس والحرمان اسودادًا، قرّر الطرابلسيّون بأنفسهم في 15 أيّار الحالي، رسم شبّاك تغيير صغير، علّه يُدخل بعض الأمل والحياة إلى عاصمة الشّمال الحزينة. هذا الشبّاك رُسم في صناديق الاقتراع، الّتي أفرزت فوز الطّبيب رامي فنج بأحد المقاعد النّيابيّة السُّنيّة في طرابلس، والّتي أكّدت أنّ التّغيير الفعلي يبدأ من داخلها.

طبيب الأسنان الّذي له باعٌ طويلٌ في العمل الاجتماعي، والّذي استُدعي في شباط عام 2021 إلى مخفر التل، للتّحقيق بتهمة تقديم طعام للثّوار، أصبح نائبًا، مُحرِزًا انتصارًا لكلّ تائق إلى التّغيير ومحاولة تضميد بعض جراح “عروس الثّورة”.

وأوضح فنج في حديث لـ “هنا لبنان”، أنّ “المعركة الانتخابيّة كانت غير تقليديّة، والصّوت التّغييري فاجأ الجميع، وكان من الدّاخل اللّبناني ومن الاغتراب، وهذا ناتج عن الوضع المأساوي الّذي وصلنا إليه في لبنان؛ والّذي دفع المواطنين اللّبنانيّين للتّعبير بكثافة”، مؤكّدًا أنّ “النّقطة الأهمّ هي أنّ هناك شريحةً من الشّباب أرادت تغيير النّهج الّذي كان متّبعًا سابقًا”.

وعن مشروعه الانتخابي الّذي كسب على أساسه ثقة النّاخبين، أشار إلى أنّه “لم يكن مشروعًا في الحقيقة، بل نحن لدينا مشوارٌ طويلٌ من النّضال عمره أكثر من 30 عامًا، كنّا نعمل خلاله فعليًّا على الأرض لتثبيت دعائم للدّولة المتهالكة”، مبيّنًا “أنّنا كنّا نسعى دائمًا من خلال المطالَبة الحثيثة، أن يكون لدينا وطن السّيادة والمؤسّسات. وكان المسؤولون وبخاصّةٍ الموجودون في طرابلس، يواجهون هذا المشروع بطريقة سلبيّة جدًّا، وبدل أن يبنوا وطنًا هدموه”.

ولفت فنج إلى أنّ “النّاس كانوا يرَون نضالنا في كلّ الأماكن، ولمسوا إصرارنا وعملنا الّذي سيستمرّ مستقبلًا لقيام دولة المؤسّسات، واستنهاض البلد وخصوصًا طرابلس من الوضع المأساوي المعيشي والأمني، الّذي كانوا يفرضونه عليها”. وذكر أنّ “هذا العمل لم يكن دائمًا تحت أضواء الإعلام، بل على الأرض. المواطنون رأوا ذلك بشفافيّة وصدق، وهم يعرفوننا ونحن منهم، صادقون وأوفياء”.

كما شدّد على “أنّنا لم نستعمل يومًا لا المال السّياسي ولا غيره، بل كنّا نستخدم صدقنا وانتماءنا الوطني وسنُكمل بالنّهج ذاته، لنتمكّن قدر الإمكان من انتشال الوطن من المحنة الجهنّميّة الموجود فيها، ولتكون في البلد مواطنةٌ وعدالةٌ، بغضّ النّظر عن الانتماء الحزبي أو الطّائفي”. وأعلن “أنّنا سنكون أمام النّاس في المعركة، حتّى لو تعرّضنا للتّهشيم والاستشهاد، من أجل كلّ الشّباب الّذين سيتسلّمون الوطن بدلًا منّا”.

بينما كان الوطن يحتفل بعُرس الدّيمقراطيّة الأحد الماضي، كانت هناك أُسرٌ في طرابلس لا تزال تندب مفقوديها الذين ابتلعهم البحر أثناء محاولتهم الهرب من نار جهنّم، بعدما فقدوا الأمل بحدوث أيّ تغيير إيجابي. غير أنّ فنج وجد أنّ “طرابلس، كما عبّرت في الانتخابات النّيابيّة وقلبت المقاييس، قادرةٌ أن تستنهض نفسها لوحدها، بعدما تمكنّا من إزالة القيود المفروضة عليها”.

وبيّن أنّ “الإثبات الّذي حصل في صناديق الاقتراع، سينتقل إلى أرض الواقع، وهذا حتمي، لأنّ أهل طرابلس يمتلكون الإرادة والقدرة لتفكيك كلّ قيودهم، والطّاقة الشّبابيّة الطرابلسيّة كانت الدّفع الكبير للتّغيير”. وأفاد بأنّ “هؤلاء الشّباب هم الّذين سيغيّرون في المدينة، وهم ليسوا بحاجة لأحد ولا للمال أو السّلاح أو التدخّل الخارجي؛ والخطوة الأولى حصلت في الانتخابات”.

وعمّا إذا كان النوّاب المعارضون والتّغييريّون سينضوون تحت كنف كتلة برلمانيّة واحدة، وسيتّخذون قرارات موحّدة، كشف فنج أنّه “كان يتمّ التّحضير لهذا الأمر قبل الانتخابات، والآن توضّحت الصّورة أكثر وسيكون هناك تبلورٌ جديدٌ، سيُعلن بشكل واضح وصريح على مستوى الوطن بكامله”.

وركّز على أنّ “بهذه الطّريقة، تؤكّد المعارضة مجدّدًا أنّها ليست مجموعات مختلفة ومشرذمة، على عكس الفكرة الّتي كان الحكّام في السّلطة يحاولون دائمًا فرضها، بأنّ التّغييريّين غير موحّدين ولا قادرين على دخول المعترك السّياسي. الآن، سيُثبتون أنّهم وصلوا إلى المقاعد البرلمانيّة، وغدًا سيرون أنّهم موحّدون”، مؤكّدًا أنّ “القوى التّغييريّة موحّدة وستأخذ قرارات موحّدة وصارمة وجريئة، ستغيّر بموازين الوطن”.

من ساحة عبد الحميد كرامي، دخل فنج نائبًا إلى ساحة النّجمة، حاملًا بفكره وقلبه مبادئ 17 تشرين. ومع “انتصاره”، نزعت “عروس الثّورة” عنها ثوب الحداد، لترتدي مجدّدًا ثوب الزّفاف، فقد أصبح لها عريسٌ في المجلس النّيابي، تتمنّى بشدّة ألّا يخذلها كما فعل أسلافه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us