المجلس الدستوري أمام امتحان! سليمان لـ “هنا لبنان”: إثبات الرشى صعب… والإبطال رهن التحقيقات


أخبار بارزة, خاص 25 أيار, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

يبدو أن مسلسل “العدّ والأحجام” لم تنته فصوله بعد صدور نتائج الإنتخابات النيابية، إذ ينتظر اللبنانيون فصلًا جديدًا من هذا المسلسل بعد أن عبّر أكثر من رئيس حزب أو كتلة أو مرشح عن نية بتقديم طعون أمام المجلس الدستوري وبثقة يعتبرون أن طريق الطعن ستكون معبّدة وبالتأكيد “رح يزيدوا نوابنا بالطعون”!…

هذه الحماسة بتقديم الطعون تجلت بانطلاق ورش العمل القانونية في التحضير للطعون بمستندات ووثائق مطلوبة، إلا أنّه لا يمكن الجزم بما سيقرره المجلس الدستوري في أي طعن. وانتخابات عام 2018 خير مثال. ورئيس المجلس الدستوري السابق عصام سليمان الذي كان يرأس المجلس في حينه أكد لـ “هنا لبنان” أن “المجلس بحث في 18 طعناً إلا أنه أبطل نيابة ديما جمالي فقط لأن الطعون الأخرى لم تثبت فيها مخالفات أثّرت على النتيجة. إلا أنّ التحقيقات التي أجراها المجلس أثبتت وجود مخالفات في مختلف الدوائر ولكنها لم تؤثر على النتيجة إلا في طرابلس، باعتبار أن الفارق بعدد المقاعد المخصصة لكل لائحة من اللوائح التي فازت ضئيل جداً، لذلك عندما تم إلغاء قلم اقتراع في الضنية لوجود مخالفة بسبب مغلف عائد للقلم كان ممزقاً وغير مختوم بالشمع الأحمر ويحوي مستندات وأوراق الاقتراع عُدّلت النتيجة لأن الفارق بالمقاعد بين لائحة “المستقبل” ولائحة “فيصل كرامي” كان ضئيلاً جداً ما أثّر على النتيجة وأبطلت نيابة ديما جمالي وأعيدت الانتخابات عن المقعد الذي أبطلت النيابة فيه أي المقعد السني في طرابلس”.

وأكد سليمان أن “إبطال النيابة يحصل عادة في الدوائر التي قدمت فيها طعون حيث الحواصل التي نالتها كل لائحة بفارق الكسر كان ضئيلاً جداً، وبالتالي تزداد فرص الإبطال إذا حصلت مخالفات”. وفي هذا الإطار لاحظ سليمان في انتخابات 2022 “أن هناك دوائر عديدة كان الفارق فيها ضئيلاً جداً لذلك إذا قدمت طعون فيها من الممكن أن يأخذ المجلس الدستوري القرار بإبطال نيابات أو إعلان نتائج أو إعلان فوز نواب مرشحين كانوا خاسرين إلا أن كل ذلك رهن بالتحقيقات وبالتدقيق بالمستندات العائدة للانتخابات.”

وعن المهل أمام المجلس الدستوري شدد سليمان على أن “مهلة تقديم الطعون هي 30 يوما من تاريخ إعلان النتائج الرسمية للانتخابات والمطعون بنيابته أمامه مهلة 15 يوم من تاريخ تقديم الطعن للرد على الطعن، ويعيّن رئيس المجلس الدستوري مقرراً أو اثنين للتحقيق ودرس الطعن بمهلة ثلاثة أشهر، لكن هذه المهلة هي مهلة حثّ وليس إسقاط بمعنى أنه إذا استغرقت التحقيقات والتدقيق بالمستندات العائدة للانتخابات أكثر من ثلاثة أشهر يمكن التأخر عن هذه المدة لاستكمال التحقيقات. وبعد وضع المقررين للتقارير حُدد للمجلس مهلة شهر لإصدار القرار”.

ولكن ما المطلوب من أي طاعن بصحة الانتخابات من مستندات، يشير سليمان إلى أن الطاعن يجب أن يقدم وقائع تظهر حصول مخالفات في خلال إجراء العملية الانتخابية أو مخالفات أثناء الحملة الانتخابية حتى يستطيع المجلس التحقيق إلا أنه من المؤكد أن المجلس لا يكتفي بالتحقيقات الواردة في الطعن بل يتوسع أكثر ويؤتي بكافة المستندات العائدة للدائرة المطعون في النيابة فيها من وزارة الداخلية ويدقق في المعلومات الواردة في محاضر أقلام الاقتراع ويدقق بعمليات فرز أوراق الاقتراع وأيضاً في المحاضر التي تضعها لجان القيد”.

وأمام المخالفات العديدة التي رصدها المراقبون في انتخابات 2022، لفت سليمان إلى أن “المجلس الدستوري يأخذ بالاعتبار البيانات الصادرة عن الهيئات التي راقبت الانتخابات ويحقق أحياناً مع أفراد من الهيئات التي تولت مراقبة الانتخابات: ويعطي هنا سليمان مثالاً عندما كان يتولى رئاسة المجلس في انتخابات عام 2018 “فقد دعينا أفراداً من الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات “لادي” وحققنا معها ببعض المعلومات الواردة في التقارير التي وضعوها، ومن المؤكد أن تقرير هيئة الإشراف على الانتخابات يأخذه المجلس بعين الاعتبار.”

وفي ظل الحديث المتكرر عن تأثير المال على ما أفرزته الانتخابات من نتائج يبدو أنه من الصعوبة كشف دور المال في الانتخابات خصوصاً ما يتعلق بالرشى وبحسب سليمان يجب أن يكون هناك وقائع تثبت الرشوة إلّا أنّ عملية إثبات حصولها صعبة للأسباب التالية:

أولاً – وضع قانون الانتخابات سقفاً عالياً جداً للإنفاق على الحملة الانتخابية

ثانياً – السرية المصرفية، إذ أن قانون الانتخابات لم يرفع السرية المصرفية إلا عن الحساب المخصص من قبل المرشح للحملة الانتخابية، وعادة يحصل إنفاق من خارج هذا الحساب وبالتالي لا يستطيع المجلس الدستوري كشف ذلك بسبب السرية المصرفية التي لا يستطيع رفعها بسبب القانون الانتخابي.

ثالثاً- لقد سمح قانون الانتخابات للجمعيات التابعة للأحزاب والمرشحين الاستمرار بتقديم المساعدات أثناء الحملة الانتخابية ما أثّر على الانتخابات .

رابعاً- لا قانون في لبنان ينص أو ينظم مراقبة مالية الأحزاب التي هي خارج أي مراقبة والأحزاب هي التي تخوض الانتخابات وبالتالي موضوع ضبط دور المال في الانتخابات عملية صعبة جداً في غياب القوانين التي تسمح بذلك.

ولكن هل يستطيع أن يقلب المجلس الدستوري نتائج الانتخابات في بعض الدوائر؟

يؤكد سليمان أن الطعن يجب أن يكون في دائرة انتخابية محددة إما باللائحة أو بمرشح أو أكثر من اللائحة، ومن يحق له أن يطعن هو كل مرشح خاسر في الدائرة الانتخابية ويمكنه أن يطعن باللائحة التي فاز منها نواب أو بنائب محدد أو أكثر من النواب الذين نجحوا في الدائرة وليس من الضروري أن يكون الطعن بنائب فاز عن مقعد مخصص للطائفة التي ينتمي إليها الطاعن إذ أن قبول الطعن والبت به إيجاباً يشكل خطراً على هوية عدد من النواب المنتخبين يتعدى المقعد العائد لطائفة المرشح الطاعن ليطال مقاعد أخرى في الدائرة بعد احتساب حواصل كل لائحة نتيجة إبطال الصناديق والأصوات التي شابتها مخالفات.

لا شك أن أعضاء المجلس الدستوري أمام مسؤولية دستورية للفصل بصحة الانتخابات النيابية وقد أقسموا اليمين على القيام بمهماتهم كما يجب من دون الرضوخ لضغوطات السياسيين. فهل يقول المجلس الدستوري كلمته ويمشي؟…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us