نواب 17 تشرين لماذا قرروا أن يخسروا؟


أخبار بارزة, خاص 2 حزيران, 2022

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

في ثمانينيات القرن الماضي، “والدنيا حرب”، كان الرئيس الشهيد بشير الجميل عائدًا من مكتبه ليلًا من “المجلس الحربي”، إلى منزله، عرَّج على أحد كبار مستشاريه، وفي الحديث سأل الشيخ بشير مستشاره: “تجمع النواب الموارنة المستقلين، عمَّن هم مستقلون؟” أجابه المستشار بسرعة بديهة فائقة: “عنك”.

ذكَّرني هذا المستشار بهذه الواقعة حين تابعت أداء “النواب المستقلين” في الجلسة الأولى لمجلس النواب.

فعلًا، عمَّن هُم مستقلون؟ عن الأحزاب؟ عن التيارات؟ عن الحركات؟ عن بعضهم البعض؟

لم يحدث “هذا التفلّت” منذ العام 1992، تاريخ أول انتخابات نيابية بعد الطائف، وأوّل انتخابات بعد انتخابات 1972، المجالس النيابية المتعاقبة كانت الكتل فيها “ممسوكة وليست متماسكة” والتعبير مأخوذ من دولة نائب رئيس المجلس السابق إيلي الفرزلي، في معرض توصيفه لواقع البلد، من أنه “ممسوك وغير متماسك”.

منذ مجلس 1992 وصولًا إلى مجلس 2000، تناوب على “مسك” المجالس النيابية اللواء غازي كنعان والرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان هناك نواب عصيين على محاولة احتوائهم أو تطويعهم، ومنهم الراحلان ألبير مخيبر ونسيب لحود، والنائب السابق فارس سعيد.

اليوم مجلس 2022، لا هو متماسك ولا هو ممسوك.

ليس بين “نواب 17 تشرين” من هو ألبير مخيبر أو نسيب لحود أو فارس سعيد. الإرباك بادٍ على أدائهم، فإذا كانوا تغييرين حقيقةً، لماذا سلَّموا واستسلموا بسهولة امام إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري؟ لماذا لم يضعوا اسم النائب عناية عز الدين، على سبيل المثال لا الحصر؟ بهذا الخيار ربما كانوا قد سجَّلوا خرقًا معنويًا وكسروا “تابو” الخوف من أن يوضع في صندوق الرئاسة غير اسم الرئيس نبيه بري.

أكثر من ذلك، لماذا لم ينتخبوا نقيب المحامين السابق النائب ملحم خلف، نائبًا للرئيس، وهو أحد نواب 17 تشرين؟

أخطأ نواب 17 تشرين في أدائهم الأول: عشرون صوتًا للنائبة عناية عز الدين، كان من شأنها أن تُصدِّع كرسي الرئاسة الثانية، لتُوَجِّه رسالة للرئيس نبيه بري وتقول له: “لو دامت لغيرك لما آلت إليك”. التصويت لملحم خلف لنيابة الرئاسة، كان من شأنه أن يُنغِّص على النائب الياس بو صعب فوزه من خلال ثلاثية حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر وحلفائه.

كان بإمكان نواب ثورة 17 تشرين أن يخرجوا بنتائج باهرة من خلال الاقتراع لعناية عز الدين لرئاسة المجلس ولملحم خلف لنيابة الرئاسة، لماذا لم يفعلوا؟ هذا قصورٌ وتقصير منهم، ولا ينفع التبرير أو التذرّع بأن الفوز صعب المنال، فالانتخابات ليست “رابح رابح” على طول الخط بل فيها ربح وخسارة.

في مطلق الأحوال، مَن لا يتعلم من خسارته، لن يتعلم كيف يربح.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar