الرغيف مهدّد بظلّ غياب المسؤولية والرقابة.. المصري لـ “هنا لبنان”: “أغلب أصحاب الأفران هم تجّار الأزمات”

أخبار بارزة, خاص 17 حزيران, 2022

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

لم تعُد مشكلة الشعب اللّبنانيّ الحصول على جواز سفرٍ أو استئجار بيتٍ جبليّ لتمضية العطلة الصيفيّة، همومه اليوم تجعله يبحث عن حلول سريعة لتأمين قوته اليوميّ. فعدم الاستقرار الداخليّ في لبنان ينعكس سلباً على جميع القطاعات دون استثناء، لدرجةٍ أننا وصلنا لنشهد في الآونة الأخيرة على طوابير تُضاف على طوابير المحطّات كطوابير الأفران مثلاً.

فالطوابير الأخيرة ناتجة عن تهديد لأسمى حقوق المواطن. تصاريح كثيرة ومُطالبات عديدة وشدّ حبال بين وزارة الاقتصاد من جهة وأصحاب الأفران من جهةٍ أخرى والنتيجة هي واحدة، رغيف المواطن مُهدّد.

لمزيدٍ من المعطيات تواصلنا في “هنا لبنان” مع نقيب عمّال المخابز في بيروت وجبل لبنان الأستاذ شحادة المصري، الّذي أشار إلى أنّ كل الجهات تتقاذف المسؤوليات، ولا أحد يتحمّل مسؤوليّته من وزارة الاقتصاد إلى أصحاب المطاحن وصولاً إلى أصحاب الأفران؛ بينما الحلقة الأضعف هو المواطن اللّبنانيّ. فالشعب يدفع ثمن هدرهم وفسادهم واستغلال واحتكار التجار لمادتيّ الطحين والقمح على السواء.

استكمل المصري، منذ بداية العام بدأنا نسمع بصدى هذه الأزمة وتعوّدنا عليها فمع نهاية كل شهر وبداية شهرٍ جديد هناك أزمة خبز تترافق مع تصريحات لأصحاب الأفران بأن لديهم شحّ بمادة الطحين.

وأضاف كنت ضمن لجنة دراسة كلفة الرغيف ودعيت حينها وزير الاقتصاد راوول نعمة لتصحيح الخلل الموجود بالدراسة لتكون نتيجتها لصالح المواطن؛ غير أنّني استُبعِدتُ عن اللجنة وأصبَحتْ الأنظار متّجهة نحوي ونحو نقابتنا؛ لو لم أطالب وسكتت كباقي ممثلي النقابات لما كنت أصبحت بالمواجهة.

أصحاب الأفران بحسب النقيب كانوا وما زالوا يجنون أرباحاً طائلة رغم تقلب سعر صرف الدولار. المصري طلب شخصياً من وزيري الاقتصاد السابق راوول نعمة والحالي أمين سلام تشكيل لجنة من أهل الخبرة والكفاءة للقيام بدراسة موضوعيّة وشفّافة من أرض الواقع، تضمّ ممثلي الجهات التي لها علاقة بصناعة الرغيف كالعمّال والصناعيين والمولجين صيانة الأفران والكهرباء وغيرهم لعدم تهديد الرغيف.

وأكمل أغلب أصحاب الأفران هم تجّار الأزمات، عند شحّ القمح أو الطحين يلجأون إلى تصغير أو خفض وزن ربطة الخبز دون قرارٍ رسميّ بذلك. اليوم تغيب الرقابة والمحاسبة من قبل مصلحة حماية المستهلك التي لا تقوم بجولاتها على الأفران؛ فمن منّا سمع بخبر مداهمتها أو زيارتها لفرن ورقابتها لوزن ربطة الخبز؟ العمّال هم الّذين يبحثون عن رغيف الخبز بينما المسؤولون والميسورون لا يبالون بقيمة الرغيف حتّى أنهم قد لا يعرفون سعر الربطة.

نحن كأصحاب خبرة وكفاءة طالبنا بتوجيه وإرشاد الدعم على الطحين السوبر إكسترا فاجتمعنا منذ سنتين بالوزير نعمة وطالبناه برفع الدعم عن الطحين الذي يدخل بصناعة الحلويات، لكنّ المفارقة أنّ الوزير سلام رفعه منذ بضعة أيام. من واجب وزارة الاقتصاد تحديد سعر للطحين على الأقل، فلماذا لا تستورد الدولة القمح بشكل مباشر بدل التجار؟ لماذا لا تكون الدولة العين الساهرة على حقوق المواطن ولقمته فتتكفّل بتسليم القمح إلى المطاحن فور استيراده؟

مخزون القمح اليوم في لبنان هو القطبة المخفية في مشكلة الخبز، تصاريح عدّة حول كميّة المخزون الموجود لكن لا تقارير رسميّة، فعند وقوع الأزمة لا نجد أحدًا يتحمل المسؤولية. شظايا الحرب الروسية الأوكرانية أثّرت سلباً على أكثر الدول التي تستورد القمح، لكن الدول الأخرى استطاعت تأمين أسواق بديلة وحتّى بدأت بزراعته كمصر مثلاً.

وأضاف في انفجار المرفأ خسرنا القمح الموجود في الأهراءات ولكن حصلنا بالمقابل على مساعدات وهبات بعشرات آلاف الأطنان من الطحين مثل الهبة العراقية وهبة منظمة الأغذية العالمية وغيرها. بعد الانفجار اشترطوا أن تكون المساعدات للمتضررين والفقراء والمحتاجين، نحن دعونا إلى توزيع الطحين على القرى الجبلية والنائية. بينما في الواقع تمّ بيع الطحين لأصحاب الأفران بتكلفة ٢٥٪ من سعر الكيلو الأصلي.

المشكلة الأخرى التي فاقمت الأزمة حسب المصري كانت عندما دعمت الدولة من خلال وزارة الاقتصاد المواد التي تدخل بصناعة الرغيف كالسكر والخميرة بالإضافة إلى الزيت الذي ليس له علاقة بالخبز؛ هذا الدعم لم يكن يصل إلى الأفران الصغيرة. والمُفاجئ هو قرار رفع سعر ربطة الخبز عند ارتفاع سعر طن الطحين 10 دولارات عالمياً، بالمقابل لم يزدَدْ وزن الربطة ولم يخفض سعرها عندما كانت المواد الأوليّة مدعومة. الأفران اليوم تستغلّ المواطن وتبيع فائض حاجتها من الطحين في السوق السوداء.

وختم المصري، نحن كنقابة رفعنا الصوت كي لا نكون شهود زور على استغلال رغيف خبز الفقراء والعمال، وطالبنا بإنشاء أفران شعبية تعاونية بكافة المناطق اللبنانية لكي يبقى الرغيف بمتناول الجميع. رفعنا الصرخة في السابق لأن النتيجة متوقعة في نهاية المطاف مع استمرار الهدر ووجود خزينة دولة فارغة.

اليوم الشعب اللّبنانيّ بأسره يرفع صرخة الوجع ويُطالب جميع الجهات المعنيّة بتحمّل المسؤوليّة، فزيادة الرقابة من قبل مصلحة حماية المُستهلك وتخفيف أصحاب الأفران من أرباحهم كفيلان لكي نساند بعضنا لتخطّي هذه المرحلة الدقيقة”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us