مهمّة ميقاتي المكرّرة


أخبار بارزة, خاص 29 حزيران, 2022

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

يبدأ الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أولى مبارزاته مع الرئيس وصهره، وأمام ميقاتي امتحان أوّلي يتمثل بتقديم تشكيلة حكومية في الأسبوع المقبل، واذا لم يفعل فسيكون ذلك تعبيراً عن الوعود الفضفاضة التي يحلو لكل من يتولى المسؤولية أو لكل من يتم التجديد له في المسؤولية أن يستعملها. سبق لرئيس الحكومة أن أطلق وعوداً وردية إثر تشكيل حكومة تصريف الأعمال، إذ قال أن الحكومة ليس فيها ثلث معطل لأحد، ولكنه للمفارقة لم يستطع أن يبقي على جدول الأعمال، بند مناقصات إنشاء معامل الكهرباء، فإذا به يبق البحصة، بعد استقالة الحكومة، ليعود اليوم إلى الوعود الوردية إياها التي ثبت بالدليل أنها ليست أكثر من نثر للورود في طريق الحكومة، تجاهلاً لما سينتظرها إذا ولدت من أشواك.

في العودة إلى ظروف تشكيل حكومة تصريف الأعمال، يفترض التذكير بأن ميقاتي كسر بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، فيتو التنسيق مع الصهر، واستهلّ مهمته بلقاء جبران باسيل، ثم أكملها بإسناد وزارة الطاقة لباسيل على الرغم من أنه يعرف أن مملكة الطاقة العابقة بالفساد يفترض أن لا يتم توليتها إلى من أمعن في استعمالها للمصالح الخاصة، لكن في النهاية قبل ميقاتي بتوزير وليد فياض، ظل جبران باسيل، وأداته المنفذة في الوزارة، ليفاجأ بأن فياض طلب سحب ملف مناقصات المعامل، بطلب من رئيس الجمهورية.

وعلى هذا المنوال، لا يتوقع لمهمة ميقاتي الجديدة أن تختلف كثيراً عن سابقتها. فالدعم الذي قدمه حزب الله لباسيل، والذي منع ميقاتي من أن يشكل حكومة الحد الأدنى من القدرة على العمل في ملف الكهرباء وفي معظم الملفات، هذا الدعم ما زال قائماً لا بل تضاعف، فالحزب نفخ كتلة باسيل النيابية، تأكيداً على أنه لا يزال يؤدي دوراً مفيداً، والحزب بالتالي لن يتدخل ضاغطاً على باسيل إذا عرقل مهمة ميقاتي، لنيل حصته الكاملة، في مرحلة ما قبل نهاية العهد، ولن يفاجأ ميقاتي إذا ما ووجه بالمطالب نفسها، فهذه المطالب هي بوليصة التأمين الضرورية لمرحلة ما بعد ولاية الرئيس عون.

لذلك تسير خيارات ميقاتي وفق احتمالين:

الأول يتمثل بالقبول بشروط باسيل ولو بطريقة مواربة، أي بتشكيل حكومة يوزر فيها من لا يصنف في خانة الولاء الحزبي، ولكن من يكون مندوباً عمن وزره، وهي نفسها الصيغة التي شكلت الحكومة الحالية على أساسها، وهذا ينطبق على تطعيم الحكومة الحالية ببعض الوزراء الجدد، وعلى أي تشكيلة جديدة قد يؤلفها ميقاتي.

الثاني يتمثل بمعاندة التشكيل وفق شروط باسيل، وحينها سوف تنتقل المشكلة إلى انتهاء الولاية الرئاسية، إذ سيرفض عون الخروج من قصر بعبدا بداعي عدم تسليم الصلاحيات إلى حكومة تصريف الأعمال، فيكون المشهد الانقسامي بكل أبعاده الطائفية قد حضر، في المواجهة بين رئيس ماروني يرفض انتهاء ولايته، ورئيس وزراء سني يرفض اعتبار حكومته حكومة تصريف أعمال، في ظل فراغ مرشح لأن يعمّ كل المواقع الدستورية.

سوف يستنسخ هذا المشهد إذا تكرر ما عاشه لبنان في العام 1988 إذ شكل الرئيس أمين الجميل الحكومة العسكرية برئاسة العماد عون، فأحيت حكومة الرئيس سليم الحص نفسها، ليتكرس الانقسام.

من المفارقات أن عون يلعب دور البطولة في كل المحطات التي تؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاح ما تحدثه من خراب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us