المعادلات الحقيقيّة وطبيعة الصراع في لبنان!


أخبار بارزة, خاص 19 تموز, 2022

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان” :

“مصارعة طواحين الهواء” و”إفتعال المعارك الوهميّة” هما الشعاران الأكثر إنطباقاً على مقاربة العهد الآيل إلى الأفول في كل الملفات الوطنيّة، لا بل في كل المقاربات المتصلة بإدارة العلاقات السياسيّة والداخليّة. إنه الأداء الأبعد عن الإدارة العاقلة والمسؤولة لقضايا الناس وشؤون الدولة والبلاد.

دائماً يبحث العهد وفريقه السياسي عن خصم لإطلاق النيران بإتجاهه، ودائماً يرفع الشعارات الشعبويّة الاستهلاكيّة الفارغة لتطويق الامتدادات السلبيّة الناتجة عن سياساته البائدة في الكهرباء والعلاقات الخارجيّة والشؤون الوطنيّة العامة وفي محاولة يائسة للحفاظ على ما تبقى من تأييد في “شارعه”.

قلّما إكترث العهد وفريقه إلى الشارع اللبناني عموماً. همّه الوحيد والدائم تحقيق مصالحه الخاصة والفئويّة. تحالفه مع محور الممانعة يصب تماماً في هذا الإطار. إنه تحالف مناقض لكل العناوين الفضفاضة التي بنى عليها شعبيته السياسيّة، ولكن الحفاظ عليه يساهم في إعاقة إقامة التوازن الداخلي المطلوب لإنتظام البلاد.

هنا تكمن المعادلة الداخليّة الحقيقيّة: العهد والتيار يسلفان محور الممانعة في الملف الاستراتيجي، ولو أدّى ذلك إلى تدمير علاقات لبنان العربيّة والدوليّة؛ وبالمقابل، يمنح المحور إيّاه العهد وتياره هوامش الحركة المطلوبة داخليّاً بمعزل عن الخسائر التي تتولد عن السياسات الفاجرة في الديبلوماسيّة والإدارة والقضاء والطاقة والسدود وسوى ذلك من أمثلة الفشل العوني التي أصبح لها بصمات في كل قطاعات الدولة تقريباً بفعل الجوع العتيق للسلطة.

ليست المعادلة هي تلك التي إنتشرت كالنار في الهشيم والمسماة: معادلة المافيا والميليشيا، وصارت تتكرر ببغائيّاً من نجوم الشاشات وأصحاب نظريّات التحليل الاستراتيجي الفارغ. هناك مافيا؟ نعم. هناك ميليشيا؟ حتماً. ولكن من الذي قال أن كل الذين هم خارج الميليشيا هم مع المافيا؟ ومن قال أن كل من هم في المافيا هم ضد الميليشيا؟

ويُذكر هذا الشعار الذي بات مكرراً وممجوجاً بشعار “كلن يعني كلن” الذي راج في حقبة ما بعد الثورة والذي وضع كل الناس في سلة واحدة متناسياً أن التغيير في لبنان لا يمكن أن يكون إلا تدريجيّاً وممتداً على مراحل متلاحقة. طبيعة التكوين اللبناني المعقدة والمركبة لا تحتمل التغيير الشامل والفجائي الذي هو مرادف للفوضى والعنف.

ثمّة قوى سياسيّة من الذين صُنفوا من أنهم من ضمن “كلن يعني كلن” عادت إلى المجلس النيابي بدعم قواعدها الشعبيّة التي جدّدت ثقتها بها وعبّرت عن تأييدها لها. لذلك، لا بد من إعادة تعريف بعض المفاهيم السياسيّة الرئيسيّة في البلاد والعمل على أساسها.

ولكن الأهم من هذا التمرين اللغوي المتصل بإعادة تعريف المفاهيم، هو إعادة تحديد طبيعة الصراع القائم في لبنان. إنه صراع بين محور يريد الإطباق على لبنان برسالته التعدديّة المتنوعة وبين أطراف أخرى مبعثرة تسعى من مواقعها المختلفة (وربما المتناقضة أحياناً) لحماية ما تبقى من الوجود اللبناني. الرأي العام اللبناني مدعو لمعرفة هذه الحقائق والعمل على أساسها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us