هذا هو رئيس لبنان المقبل!


كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

ليست الانتخابات الرئاسيّة اللبنانيّة المرتقبة الأولى من نوعها في هذا البلد الصغير المنقسم على ذاته، والأمل طبعاً ألّا تكون الأخيرة في حال أُسقط نظام “الطائف” أو استُبدل بنظام جديد يعكس موازين القوى الجديدة في المنطقة (وقد لا يكون ملائماً، بالمناسبة، لطبيعة التركيبة اللبنانيّة بتعدديتها وتنوّعها).

لقد عرف لبنان كل الأشكال السياسيّة المتصلة بهذا الاستحقاق الوطني والدستوري المفصلي، مرات بتسويات عربيّة ودوليّة، أو في ظل الإحتلال الإسرائيلي، أو نتيجة الوصاية السوريّة التي وصلت في أوج سطوتها على لبنان إلى ألّا تكترث حتى إلى الشكليّات.

يذكر اللبنانيون جيّداً كيف أن الرئيس السوري حافظ الأسد “أبلغهم” بقراره التمديد للرئيس إلياس الهراوي سنة 1995 عبر مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة “الأهرام” المصريّة! كما يذكرون الاتصال الشهير الذي أجراه الرئيس الهراوي عند انتهاء ولايته سنة 1998 برئيس مجلس النواب نبيه بري بعد أن اجتاز الحدود اللبنانيّة- السوريّة عند نقطة المصنع عائداً من اجتماع مع الأسد الأب وأبلغه فيه أيضاً “قرار” دمشق تعديل الدستور اللبناني وانتخاب قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود رئيساً للجمهوريّة، وهو ما حصل فعلاً!

باستثناء فارق الصوت الواحد في انتخابات الرئاسة اللبنانيّة سنة 1970 والمنافسة النادرة التي حصلت يومذاك بين المرشحَين سليمان فرنجيّة وإلياس سركيس وأفضت إلى فوز الأوّل؛ قلّما كان الاستحقاق الرئاسي اللبناني عمليّة اقتراع ديمقراطية بالمعنى التقني للكلمة. غالباً كانت التجربة ترتكز إلى تسوية سياسيّة لا تخلو حتماً من الأبعاد الخارجيّة وهو ما يعكس حجم الاختراق والانقسام الذي يعاني منه لبنان منذ تكوينه بشكله الحديث وغياب التفاهم الداخلي على الثوابت الوطنيّة والخيارات الاستراتيجيّة.

إلا أن كل هذه الاعتبارات لا تلغي أن ثمّة إمكانيّة حقيقيّة لتوسيع الهامش المتصل بـ “لبنننة” الاستحقاق الرئاسي، إذا صح التعبير، وذلك من خلال سعي الأطراف السياسيّة- ولو من مواقعها المتناقضة- للتفاهم على مواصفات الرئيس المقبل، وتالياً على إسمه. وغنيٌ عن القول أن توسيع هوامش التفاهم المحلي ممكن له أن يمهد الطريق لتوفير الغطاء الخارجي الذي لا مفر من تأمينه.

الأساس الصلب لأي نقاش سياسي حول هذا الموضوع يُفترض أن ينطلق من الإلتزام بالمواعيد الدستوريّة، أي أن يكون للبنان رئيسه الجديد في قصر بعبدا بدءاً من الأوّل من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل دون إفساح المجال أمام أية إجتهادات دستوريّة وغير دستوريّة لإبقاء الرئيس الحالي في القصر بما يخالف كل القواعد الدستوريّة والقانونيّة والسياسيّة. إن الإقلاع عن خيارات التعطيل التي مارستها قوى سياسيّة معروفة عن سابق إصرار وتصميم في الحقبات السياسيّة يجب ألا تتكرّر مهما كانت الظروف والأسباب. كفى تشويهاً للأنظمة والقوانين والدستور!

أما الاعتبارات الأخرى المرتبطة بالاستحقاق فيكفي أن تنطلق من اعتماد المواصفات المعاكسة تماماً للرئيس الحالي، أي أن يجري البحث عن شخصيّة “دولتيّة”، تعبر بلبنان نحو حقبة جديدة مغايرة تماماً للحقبة الراهنة، وأن تكون شخصيّة تحترم المؤسسات وتسمو فوق الاعتبارات الحزبيّة والفئويّة الضيّقة، وتملك القدرة على إعادة بناء علاقات لبنان الخارجيّة (والعربيّة خصوصاً)، وأن تعير المأزق الاقتصادي العناية التي يستحق للخروج من الأزمة المستفحلة في كل الاتجاهات.

هذه الصفات متوفرة في العديد من الشخصيّات. المهم تأمين أوسع التفاف سياسي حول أحدها للنهوض بالبلاد، وهو ما يتطلب إرادة سياسيّة قد لا تمتلكها كل الأطراف لا سيّما تلك التي “تستمتع” بتخريب كل شيء!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us