الجرائم ضد النساء مستفحلة: حرق وسحل وإذلال.. والسلطة نائمة


أخبار بارزة, خاص 20 آب, 2022

كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:

هناء خضر(21 سنة)، أم لطفلين ماتت حرقًا على يد زوجها عثمان عكاري سائق التاكسي الذي أراد أن يُجهض جنينها وهي حامل في شهرها الخامس، بحجّة الضائقة المالية، فقام بضربها بقوّة على بطنها، ثمّ أضرم النار فيها بإشعال قارورة غاز.

هذا ليس سرداً لمشهد من مسلسل تلفزيوني، بل واقعة قتل جديدة ومرعبة تُضاف إلى مسلسل الاعتداءات الوحشية بحقّ النساء في لبنان.

هو المسلسل الذي يعود كل فترة من جديد ليتصدّر واجهة قضايا لبنان ويُشعل الرأي العام لفترة قصيرة، فتهدأ موجات الغضب والإستنكار والتعاطف إلى حين ظهور ضحية عنف جديدة، في حين تبقى السّلطة نائمة متغافلة عن الجرائم المستفحلة ضدّ النساء، دون وجود نية وإرادة سياسية لمعالجة هذه القضايا ووضع حدّ لها ضمن أطر قانونية تضمن للنساء حقوقهنّ وكرامتهنّ.

هناء.. والدها أرجعها 3 مرّات

“هناء لجأت إلى بيت والدها ثلاث مرّات وفي كل مرة كان والدها يرجعها إلى بيت زوجها”، تقول رئيسة جمعية “نحن واحد”، الناشطة الإجتماعية، سعاد غاريوس، وتضيف لـ “هنا لبنان”: “بعد ذلك بالطبع هناء ما عادت تلجأ لبيت والدها وفضّلت التكتّم عمّا تتعرّض له”.

وحتّى لا يكون مصير أخريات كمصير الضحية هناء، تطلب غاريوس من الأهالي أن يكونوا أكثر وعيًا وخوفًا على بناتهم، وأن لا يتركوهنّ أسيرات أزواجهنّ كي يُعنّفن حتى الموت.

بحسب المدير العام لمستشفى السلام في طرابلس ورئيس قسم الجراحة الدكتور غبريال السبع، فإنّ بقاء هناء على قيد الحياة لمدة 12 يومًا كان أشبه بأعجوبة، “فمنذ دخولها المستشفى لم نكن نتأمّل أن تبقى هناء حيّة جرّاء العنف الشديد الذي تعرّضت له وحروق الدرجة الثالثة التي غطّت جميع أنحاء جسمها”.

ويؤكّد السبع لـ “هنا لبنان” أنّ “الطاقم الطبي في المستشفى قام بواجباته تجاه الضحية وحاولنا مساعدتها للبقاء على قيد الحياة بكلّ الإمكانات، لكن للأسف وضعها كان خطيراً جدًّا”.

غنوة.. زوجها هدّدها بالقتل في المستشفى

بالتزامن مع قضية هناء خضر، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو نشره المعاون أول في قوى الأمن الداخلي، عياش موسى طراق، على صفحته على “فيسبوك”، موثقًا فيه اعتداءه على زوجته غنوة علاوي (41 سنة)، قاصدًا منه إذلالها وانتهاك كرامتها وإهانة أهلها.

غنوة بعد ضربها والإساءة لها، أرادت وضع حدّ لحياتها في 10 آب الجاري، عبر تناول كمية كبيرة من الأدوية وقطع أوردتها، فنُقلت إلى قسم العناية الفائقة في مستشفى البرجي شمالي لبنان لمدّة 24 ساعة. وبعد خروجها، استدعت حالتها السّبت الماضي نقلها مجددًا إلى المستشفى، بسبب دخولها في حالة اكتئاب حادّ أسفرت عن أفكار انتحاريّة وأعراض ذهانية.

وأثناء تواجدها في المستشفى، هدّدها زوجها بقتلها قبل دقائق من استجواب القوى الأمنية لها وأخذ إفادتها، كما أشارت غاريوس، لافتةً إلى أن غنوة كانت بحالة نفسية سيئة جدًا في الفترة الماضية لذلك تأخّرت بتقديم الدعوى ضد زوجها المعتدي، لكنّها اليوم باتت أفضل وأصبحت رسالتها مساعدة النساء المعنفات.

وغنوة، بحسب غاريوس (المقربة من عائلة الضحية)، تحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة القديس يوسف في بيروت، لكن زوجها منعها من العمل، كاشفةً أنها كانت تتعرض للعنف بوحشية أمام أعين أطفالها الثلاثة – أكبرهم في العاشرة من عمره – ما عرّضهم هم أيضًا إلى التعنيف النفسي والمعنوي، وهم يقطنون حاليًا في منزل عائلة الزوج بشكل مؤقت.

إليسا.. طليقها خطف ابنها وضربها ووالدتها

في فيديو آخر نشرته صفحة “وينية الدولة” عبر “فيسبوك”، أعلنت خلاله الفتاة العشرينية، إليسا، عن تعرضها للضرب المبرح هي ووالدتها على يد طليقها محمد محمود عواد وشقيقيْه، وذلك بعدما طالبته باستراجع رضيعها البالغ من العمر 11 شهراً، الذي أخذه لرؤيته كما جرت العادة.

وبحسب ما قالته “تفاجأت باتصال من عواد يرفض خلاله إعادته لي، وعندما توجهت مع والديّ لأخذه منه ضربت ووالدتي، ثمّ توجّهت إلى مخفر الأوزاعي القريب من مكان الإعتداء، لتقديم شكوى والطلب منهم توقيف المعتدي، لكنني تفاجأت برد العسكريين بأنهم لا يستطيعون القيام بأي شيء قبل التواصل مع المدعي العام، وهو نائم على حد قولهم”.

كما كشفت أنها سبق أن تعرضت للضرب من قبل طليقها، مما أدى إلى تكسير أسنانها وقطع وتر إصبعها كما قصّ شعرها، ما دفعها إلى التقدم بشكوى ضده”.

لا تسكتن.. وبلّغن

كشفت دراسة أجريت بتكليف من منظمة “أبعاد” أن سيدة واحدة فقط لجأت إلى الجهات الأمنية والقضائية، من أصل 10 نساء بلّغن عن العنف، وأن 6.25% فقط من اللواتي أبلغن عن تعرضهن للعنف لجأن الى قوى الأمن الداخلي، و6.25% لجأن إلى السلطة القضائية، أما الغالبية فلجأن إلى العائلة بنسبة 42.9%.

نتيجة لهذه الأرقام ولما تُعاني منه النساء، تقول غاريوس “نحن نجهّز لاعتصام أمام قصر العدل، الثلاثاء المقبل، دعمًا للنساء المعنّفات في لبنان، وللضغط نحو تنفيذ القوانين التي تحمي المرأة، ولعدم مماطلة القضاء في النظر بقضايا التعنيف الأسري”.

وتتوجّه للنساء بالقول “اشتكي من أول ضربة كف، لا تسكتي ولا تنتظري حتّى تموتي، فلا يوجد عذر ولا حجّة لأعمال العنف”.

من جهتها، كررت القوى الأمنية دعوتها النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري للتبليغ عن ذلك من خلال الاتصال على الخط الساخن 1745.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us